عندما بدأت دعوة الإسلام، واجه النبي ﷺ وأصحابه حربًا شرسة من كفار قريش، الذين كانوا يمثلون نموذجًا للكبرياء والتعصب للباطل، مع إصرارهم على محاربة الحق خوفًا على مصالحهم الدنيوية، وسلطتهم وتقاليدهم.
كان أبو جهل، وأمية بن خلف، وأبو لهب وغيرهم رموزًا للعناد في وجه الدعوة الإسلامية، ليس فقط بدافع فكري، بل لأنهم رأوا في الإسلام تهديدًا لنظامهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
من هنا، أصبح "كفار قريش" رمزًا خالدًا لمن يقف في وجه الحق، ويعارض رسالة الإصلاح، سواء أكان ذلك في زمان النبي ﷺ أو في أي عصر لاحق.
السعي إلى استبعاد الشريعة الإسلامية من حياة المسلمين، وتحويل الإسلام إلى مجرد طقوس فردية منزوعة من تأثيرها المجتمعي، يشبه ما سعت إليه قريش حين أرادت فصل النبي ﷺ عن رسالته
اليوم، ما زال التاريخ يعيد نفسه بأشكال مختلفة.. نجد في كل زمان ومكان من يعارض قيم الإسلام، ليس بالضرورة من خارج الأمة الإسلامية فقط، بل حتى من داخلها. ومن أبرز مظاهر هذا التشدد ضد الإسلام اليوم:
- محاربة القيم الإسلامية باسم الحداثة: نجد اليوم أصواتًا تتحدث عن الإسلام وكأنه عائق أمام التقدم. هذه الأصوات تهاجم تعاليم الإسلام وقيمه، ليس فقط من منظور فكري، بل كجزء من حرب شاملة لتغيير الهويات وتشويه المبادئ الإسلامية.
- الإسلاموفوبيا العالمية: القوى الدولية التي تشن حربًا إعلامية وسياسية ضد الإسلام والمسلمين، تصفهم بالإرهاب والتطرف، ما هي إلا امتداد حديث لعداء قريش الأول للإسلام. هذه القوى تعمل على تضييق الخناق على المسلمين ومنع انتشار الإسلام؛ خوفًا من قوته الروحية وتأثيره العالمي.
- المتشددون داخليًّا.. المنافقون والمروجون للجهل: للأسف، في داخل الأمة الإسلامية نفسها، من يروجون للفكر المنحرف، ويحاربون الدعوة إلى الإصلاح، ويعملون على استغلال الدين لمصالحهم الشخصية أو لزعزعة استقرار المجتمعات الإسلامية.
- إقصاء الشريعة الإسلامية: السعي إلى استبعاد الشريعة الإسلامية من حياة المسلمين، وتحويل الإسلام إلى مجرد طقوس فردية منزوعة من تأثيرها المجتمعي، يشبه ما سعت إليه قريش حين أرادت فصل النبي ﷺ عن رسالته، وتحويل الإسلام إلى مجرد دين هامشي.
صناديد قريش كانوا يمثلون قوى ظاهرة للباطل، لكنهم لم يدركوا أن الإسلام كان أقوى من مكائدهم.. انتصر الإسلام، وسقطت أصنام قريش، لأنهم كانوا يمثلون الباطل الزائل
المقاومة: استمرار نهج النبي وأصحابه
مثلما واجه النبي ﷺ وأصحابه الأوائل صناديد قريش، فإن المقاومة الإسلامية اليوم تستمر في الدفاع عن الحق والدعوة إلى الإصلاح. الإسلام يعلّم المسلمين أن مواجهة الباطل تتطلب صبرًا، وعملًا دؤوبًا لنشر قيم الإسلام السمحة، وتفنيد الشبهات، وإبراز الإسلام كرسالة عالمية للسلام والعدل.
الدرس التاريخي: انتصار الحق
صناديد قريش كانوا يمثلون قوى ظاهرة للباطل، لكنهم لم يدركوا أن الإسلام كان أقوى من مكائدهم.. انتصر الإسلام، وسقطت أصنام قريش، لأنهم كانوا يمثلون الباطل الزائل. وهذا الدرس ينطبق على كل من يتبع خطاهم في كل عصر، فكما قال الله تعالى: {بل نقذف بالحقِّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهقٌ} (الأنبياء: 18).
هل هم أحياء حقًا؟
نعم، "صناديد قريش" ما زالوا أحياء.. بمعنى أن الباطل ما زال يجد ألسنة وأيادي تحمله، لكنهم لا يدركون أن الحق، وإن بدا ضعيفًا في أعين الناس، يحمل في جوهره قوة خالدة. الإسلام مستمر، وحَمَلته صامدون، وكل من يحاكي صناديد قريش في محاربة الدين سيجد نفسه على الجانب الخاسر من التاريخ، كما كان حال أسلافهم الذين اندثروا وبقي الإسلام شامخًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.