شعار قسم مدونات

لماذا يبدو نتنياهو خائفًا بعد وصول الثوار إلى دمشق؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو برفقة وزير دفاعه يسرائيل كاتس بجولة عند خطوط وقف إطلاق النار بالجولان السوري المحتل، اليوم عقب سقوط نظام الأسد مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو برفقة وزير دفاعه يسرائيل كاتس بجولة عند خطوط وقف إطلاق النار بالجولان السوري المحتل، عقب سقوط نظام الأسد (مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي)

في عالم السياسة، تبدو الأفعال أحيانًا كصرخات داخلية تُفصح عن مخاوف مكبوتة. وبنيامين نتنياهو، رجل الدولة الذي يُحب الظهور برباطة الجأش، يبدو هذه الأيام كمن يجاهد لإخفاء اضطرابٍ داخلي؛ ففي حين يهرول على حدود القنيطرة وهضبة الجولان، ويستعرض عضلاته بخطابات حماسية، يبدو زعيم إسرائيل كأنه يُردد في داخله قول العرب قديمًا: "كاد المريب أن يقول خذوني".

نتنياهو يتقدم بخطوات واثقة أمام الكاميرات على الحدود، وكأنه يبعث برسائل تهديد. لكن مهلًا، من يراقب تفاصيل المشهد سيدرك أن التحرك الإسرائيلي ليس إلا قناعًا لإخفاء الخوف!

دعونا نقرأ قليلًا ما بين السطور: لماذا كل هذه البهرجة؟ أهي استعراض قوة أم هروب من مواجهة الحقيقة؟ الحقيقة أن نتنياهو يعلم أن سقوط النظام السوري، الذي لطالما وصفه بـ"محور المقاومة"، لا يعني أن الخطر تراجع، بل على العكس، هو يدرك أن الثوار الجدد في دمشق ليسوا مثل الأسد؛ هؤلاء ليسوا هواة كلمات رنانة وشعارات جوفاء، هم أبناء واقع مُرّ، يفهمون معنى الظلم ويدركون مسؤوليتهم تجاه غزة، التي تتحول يومًا بعد يوم إلى جرح نازف يُحرج كل من يغمض عينيه عنه.

نتنياهو و"استعراض الشجاعة" في الجولان

نتنياهو يتقدم بخطوات واثقة أمام الكاميرات على الحدود، وكأنه يبعث برسائل تهديد. لكن مهلًا، من يراقب تفاصيل المشهد سيدرك أن التحرك الإسرائيلي ليس إلا قناعًا لإخفاء الخوف!.

القنيطرة، هضبة الجولان، واستعراضات القوة على الحدود، ليست إلا محاولات لإقناع الداخل الإسرائيلي بأن نتنياهو ما زال يتحكم بخيوط اللعبة، لكن الحقيقة التي لا يستطيع أن يُخبر بها شعبه هي أن المنطقة بأكملها تتغير.

إعلان

الرجل يعلم جيدًا أن تركيا، بقيادة جديدة تعيد تشكيل المحور السني، وتتحرك بخطوات واثقة لتصنع تحالفًا إقليميًّا قادرًا على تغيير موازين القوى. وفي نفس الوقت، نتنياهو يدرك أن المقاومة القادمة من دمشق لن تكون مجرد بيانات صحفية أو اجتماعات رمزية.

نتنياهو يمكنه أن يهرول على الحدود، يهدد، يُصعّد، لكن الحقيقة تبقى أن المنطقة تتغير، والمعادلات التي كانت تعمل لصالح إسرائيل لعقود تتلاشى تدريجيًّا

السقوط الذي يخشاه نتنياهو 

من المثير للسخرية أن إسرائيل كانت تُقنع نفسها بأن نظام الأسد، رغم قربه من إيران، كان خيارًا مريحًا. الأسد كان يعيش في دائرة شعارات "الممانعة" التي لا تُترجم إلى أفعال، لكن الثوار الجدد مختلفون؛ هؤلاء لن يكتفوا برفع الشعارات، ولن يتسامحوا مع أي ظلم يقع في غزة أو غيرها.

نتنياهو لم يكن يخشَى سقوط الأسد لأنه "هزيمة لمحور المقاومة"، بل لأنه بداية لتشكل مقاومة جديدة، قد تكون أكثر شراسة وتنظيمًا. هذه المقاومة لن تتسامح مع الغطرسة الإسرائيلية، ولن تبقى صامتة أمام الاعتداءات المتكررة.

عقدة غزة 

يبقى السؤال الذي يقض مضجع نتنياهو: ماذا لو أصبح التحالف الجديد أكثر التزامًا بالقضية الفلسطينية؟ غزة، التي تُعتبر شوكة في خاصرة إسرائيل، قد تجد في هذه التحولات سندًا أكبر ودعمًا لا يتوقف عند الكلمات.

ختامًا:

نتنياهو يمكنه أن يهرول على الحدود، يهدد، يُصعّد، لكن الحقيقة تبقى أن المنطقة تتغير، والمعادلات التي كانت تعمل لصالح إسرائيل لعقود تتلاشى تدريجيًّا.. ربما حان الوقت لنتنياهو أن يُعيد قراءة المشهد، بعيدًا عن الشعارات التي أصبحت تُثير السخرية أكثر مما تُثير الخوف.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان