مئة يوم من النضال الإنساني الطلابي من 14/5/2024 حتى 22/08/2024.. قرب جامعة RWTHAachen، وليس بداخلها، فما هي تفاصيل التحديات؟..
في زمن أصبح التمييز بين الحق والباطل فيه ضبابيًّا، وأضحت كلمة الحق باهظة الثمن، يتساءل العديد من الطلاب في ألمانيا عن التحديات التي تواجههم عندما يعبّرون عن رفضهم الظلمَ الذي يتعرض له الإنسان الفلسطيني!
يعكس هذا التساؤل حجم العقبات التي تعترض طريقهم، سواء كانت من السلطات الجامعية، أو من المجتمع الذي يعيشون فيه. ومع ذلك، يظلّ لديهم إصرار قوي على مواصلة نضالهم من أجل العدالة، حيث يؤمنون بأن رفع صوتهم واجب إنساني لا يحتمل التأجيل.. فما هي الوسيلة المناسبة للتعبير عن رفض ما يجري في غزة؟
صوت الطلاب في مواجهة الظلم.. من مدينة آخن الألمانية إلى العالم ما بين التحديات والطموحات
في ظلّ الأزمات الإنسانية المتزايدة والتوترات السياسية المستمرة، يتنامى دور المبادرات الطلابية كقوة دافعة لتحقيق العدالة ورفع الظلم.
وهنا، في مدينة آخن الألمانيّة، قررت مجموعة من الطلاب من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية تنظيم مخيم لدعم القضية الفلسطينية، في محاولة لإيصال صوت الأبرياء والمدنيين إلى العالم. تم التخييم قريبًا من الجامعة وليس داخلها، وذلك بسبب طبيعة التصريح الذي حصل عليه الطلاب، وهو من الشرطة لا من الجامعة.. ووفقًا لما قاله الطلاب، فإن مدير الجامعة رفض دعم المخيم.
النشاط الطلابي: من الدفاع عن الديمقراطية إلى النضال الإنساني
لطالما كان النشاط الطلابي محوريًا في الدفاع عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وقد أضفت فكرة المخيم الطلابي في آخن أبعادًا جديدة على هذا النشاط، ما حوّله إلى حراك مدني يهدف إلى التأثير على الرأي العام وصنّاع القرار.
اليوم، يأخذ النضال الإنساني الطلابي شكلًا مختلفًا، حيث يتجاوز الدفاع عن المبادئ الإنسانية العامة إلى التركيز على قضايا محدّدة وملموسة، مثل القضية الفلسطينية.
المخيم الطلابي مشروع جديد للإنسانية
أبدع هذا المخيم في تقديم فهم عميق للنضال الإنساني وأدواته؛ فمن أهدافه الرئيسة رفع الوعي حول القضايا الإنسانية، والتأكيد على ضرورة الضغط الطلابي؛ لإيقاف قتل الأبرياء والمدنيين. ويسعى الطلاب إلى أن يكون هذا المخيم قدوة وأسلوبًا يستخدمه الجميع في مواجهة الظلم والدفاع عن حقوق الإنسان.
أخذ النضال الإنساني الطلابي شكلًا مختلفًا، حيث يتجاوز الدفاع عن المبادئ الإنسانية العامة إلى التركيز على قضايا محدّدة وملموسة، مثل القضية الفلسطينية
أصوات من المخيم: حكايات النضال والإصرار
سُنايا: صوت العدالة من البوسنة
تُعد سُنايا، الطالبة البوسنية التي نشأت في ألمانيا، واحدة من أبرز المشاركين في المخيم؛ فهي ترى أن من الضروري تسليط الضوء على ما يحدث في فلسطين من وجهة نظر الفلسطينيين، حيث تؤمن بأن وسائل الإعلام الألمانية تغطي الحدث بشكل غير موضوعي. وتسعى سُنايا إلى إيصال صوت الأبرياء من داخل غزة إلى العالم، وتعتبر هذا واجبها كطالبة تدرس في مجتمع ديمقراطي.
ياسر الجيزاني: أهمية العمل الطلابي
يؤكد ياسر الجيزاني، طالب هندسة العمارة من العراق، على أهمية العمل الطلابي كمساحة للتعبير عن الرأي وانتقاد الخطأ، وأن جامعة آخن يجب أن تعيد النظر في تعاونها مع الجامعات الإسرائيلية. ويشدد على ضرورة تصحيح هذا الوضع من خلال النشاط الطلابي.
محمد خليل: التحديات والمطالب
محمد خليل، صوت غزة من عفرين، يتحدث عن التحديات التي واجهتهم في تنظيم المخيم، بما في ذلك رفض الجامعة دعم الفعالية. ويطالب محمد الجامعة بقطع علاقاتها مع الجامعات الإسرائيلية، ويعتبر أن القضية الفلسطينية قضية إنسانية بالدرجة الأولى.. ويقول: هي قضيتي كمسلم أيضًا، بعيدًا عن الخلفية الثقافية والعرقية.
رغد: غياب الدعم الإعلامي
رغد، طالبة الطب البشري، تشير إلى غياب الدعم الإعلامي العربي والغربي على حد سواء، ما دفعهم لتأسيس فكرة إعلامية تهدف إلى التواصل مع وسائل الإعلام ونشر رسالتهم بشكل أوسع. تقول رغد: قضيتي ولدت معي في سوريا، ولكنْ بعد الثورة والتهجير بدأت أشعر بشكل أعمق بمعاناة الفلسطينيين في الداخل، ما دفعني للتساؤل عما يمكنني فعله لدعم القضية مهما كان بسيطًا، ولذلك أنا هُنا.
من الداخل حمل صوت غزة إلى ألمانيا
طالب آخر، معروف بأفعاله لمجرد وجوده في هذا المخيم، مجهول الاسم، فلسطيني من الداخل.. فهل الديمقراطية ضيقة لا تتسع للجميع؟
يدرس الهندسة الاقتصادية والإدارية، يعبر عن دهشته برؤية العلم الفلسطيني يرفرف قرب جامعة ألمانية.. بالنسبة له، كانت القضية الفلسطينية قضيته الشخصية، ولكنه أدرك من خلال المخيم أن هناك أشخاصًا من مختلف الجنسيات يعتبرونها قضيتهم أيضًا، فليت أصوات الشعوب ترن في غزة بدلًا من أصوات الرصاص، ليعلم الإنسان هناك أن ثمة إنسانا لم يخذله! ولكن، لماذا لا تصل؟
ميرنا: التغيير يبدأ مع الشباب
ميرنا، التي وُلدت وترعرعت في ألمانيا من أصول مصرية، درست في جامعة RWTH، وتشارك في المخيم منذ بدايته. تعتقد ميرنا أن هذا المخيم هو الطريقة المثلى لممارسة نشاطها ودعم فلسطين. بالنسبة لها، التغيير يبدأ دائمًا من الشباب، وهي ترى أن توجيه المطالب إلى الجامعة هو النهج الصحيح، حيث يركزون على حلّ المشكلات في الأماكن التي يمكنهم التأثير فيها.
تختتم ميرنا حديثها بأملها أن يكون هناك مزيد من الأشخاص الذين يتعاملون مع هذا الموضوع بشكل أكثر انفتاحًا ونقدًا، خاصة أن الأمور أصبحت واضحة جدًا.
تُجمع هذه الأصوات الطلابية على أهمية الاستمرار في مواجهة الظلم، والعمل من أجل إيصال صوت الضحايا إلى العالم
الرؤية والأهداف التي يسعى لها المخيم
يسعى المخيم الطلابي إلى تحقيق عدة أهداف، منها الضغط على الرأي العام؛ لإيقاف قتل الأبرياء والمدنيين، ومطالبة الجامعات بقطع علاقاتها الأكاديمية مع المؤسسات التي لا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني. كما يأمل الطلاب أن يكون هذا المخيم نموذجًا يُحتذى به في مواجهة الظلم، وتعزيز قيم العدالة والسلام.
تُجمع هذه الأصوات الطلابية على أهمية الاستمرار في مواجهة الظلم، والعمل من أجل إيصال صوت الضحايا إلى العالم. وعلى الرغم من التحديات والصعوبات، يظل هؤلاء الطلاب مصدر إلهام وأمل في تحقيق التغيير المنشود، وإرساء قيم العدالة والسلام في عالم يعج بالتوترات والأزمات.
فهل يمكن لهذا المخيم الذي استمر مئة يوم على التوالي أن يكون سببًا لتولد مخيمات أخرى كثيرة في كل جامعات العالم، تُحيي الإنسانية، ترفع العدل، تقتل الظلم والظلام، تهدم مخيمات اللاجئين وتبني بدلًا منها بيوتًا آمنة؟
هل يمكن لهذا المخيم أن يؤصل مفهوم النضال الإنساني؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.