رحم الله الداعية المجاهد المهاجر الأصولي الفقيه الأديب المبدع أبا عمار، عبد المنعم صالح العزي، المعروف بمحمد أحمد الراشد.. غادر دنيانا بعد رحلة جهاد وهجرة وارتحال وتضييق ومعاناة وابتلاء وصمود وثبات وضرب للأمثال في البذل والعطاء.
انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في بواكير حياته عام 1953، وعمره خمسة عشر عامًا، وتتلمذ على يد مؤسسها الشيخ محمد محمود الصواف، والشاعر الكبير وليد الأعظمي، والشيخ أمجد الزهاوي.
كلَّفه مراقب الإخوان المسلمين بالعراق، الأستاذ الدكتور عبدالكريم زيدان، بالمسؤولية عن إخوان العراق في ظروف عصيبة في مطلع الثمانينيات، وطلب منه الذهاب إلى الأستاذ عمر التلمساني، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وتقديم البيعة له، وأصبح الراشد عضوًا في مجلس شورى الإخوان، ومكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين. وحين تمّ القبض على أحد التنظيمات الشبابية الطلابية عام 1987، صدرت أحكام إعدام ظالمة بحق بعضهم، وكان منهم الأستاذ الراشد.
التزم الراشد (رحمه الله) دعوة الإخوان المسلمين محافظًا على أصولها وثوابتها ومبادئها، وبايع على الوفاء بنهجها، وتعلق قلبه بشمول الإسلام وما أورده الإمام البنا في رسالة التعاليم، من أن الإسلام دين شامل ينتظم مظاهر الحياة جميعًا، وأن القرآن الكريم والسنة النبوية مرجع كل مسلم في التعرف على أحكام الإسلام.
ولما كانت هجمة على السنة النبوية والقدح في رواتها، وعلى رأسهم أبو هريرة (رضي الله عنه)، بهدف هدم السنة النبوية وتشكيك المسلمين فيها، انتفض الأستاذ (رحمه الله) مع ثلة مباركة من علماء الأمة للذوْد عن السنة النبوية، وألف كتابه: "الدفاع عن أبي هريرة" عام 1973، وكان باسمه، عبد المنعم صالح العزي، وأورد الأستاذ في مقدمته قول أحد الزنادقة قبل موته: "إنا نريد الطعن على الناقلة، فإذا بطلت الناقلة بطل المنقول"!
وحث الأستاذ الراشد الدعاة على تجديد سمت السابقين والاقتداء بالصالحين؛ فكتب لهم في قصص من لهو الدعاة:
"… وجدد جيل هذا الـقـرن من الدعاة في مصر تـلـك الصور الرائعة القديمة؛ ليبرهنوا أن الإسلام الذي أنتج أولئك لا يزال حيًا. يصف الإمام حسن البنا أصحابه فـيـقـول: قـد سهـرت عيونهم والناس نيام، وشُغـلت نـفـوسهم والخليُّون هُجَّع، وأكبّ أحدهم على مكتبه من العصر إلى منتصف الليل، عاملًا مجتهدًا، ومفكرًا مجدًا، ولا يزال كذلك طول شهره، حتى إذا ما انتهى الشهـر جعل مورده موردًا لجماعته، ونفـقـته نفقة لدعوته، وماله خادمًا لغايته، ولسان حاله يقول لبني قومه الغافلين عن تضحيته: {لا أسألكم عليه أجرًا إن أجري إلّا على الله}!
كانت "إستراتيجيات الحركة الحيوية"، والتي تشرح نظرية حركة الحياة، والتي بدأها الأستاذ بـ"همس النبضات" وانطلق منها إلى "أنساق النفضات" لتكون قانونًا مرجعيًا لمن يقتحم ساحات الحياة، لتأتي بعد الأنساق
وعُلُوٌّ في الممات..!
وكما في مصر، كان من رعيل العراق الأول أبو صفوان الدباغ، صاحب رسالة "مع الناشئة"، الرسالة الصغيرة البسيطة جدًا، الطريفة جدًا. حدثـني الثـقة من أقـرانه، قال: "كان مريضًا بالسرطان، واشتـد مرضه سنة اثـنتين وخمسين وتسعمائة وألف، فـرقـد في المستـشفى أيامًا، وكأنه أحسّ بلحظات حياتـه الأخيرة، فطـلـب مواجهة قائد الدعوة آنذاك، فجاءه ومعه بعض الدعاة- فِيهِم راوي القصة- فأعلمهم بـقـرب مـوتـه، وشهد أن لا إله إلا الله، وقرأ شيئًا من القرآن، وصافح يد القائد، وأعلن تجديد بيعته وثباته على هذه الدعوة، وحمّلهم السلام إلى من كان من الدعاة آنذاك، وإلى من سيـلـتحق بعد، ثـم أعـاد الـشهـادة ومـات مـن فـوره، بـعـد تـجديـد بـيـعـتـه بـقـلـيـل.. رحمه الله… فتأمل! هذه منـقبـة لا يُرزقها إلا من كان توجهه صادقًا في حياتـه…".
عاش الراشد وقفًا لدعوته التي وهب لها حياته، وكرس وقته وجهده في تبصرة الدعاة وإقامتهم على الجادة سعيًا لتمكين الإسلام؛ فكانت سلسلة إحياء فقه الدعوة تخاطب دعاة الإسلام من المصلين المعتزين بدينهم، المتحلين بأخلاق المؤمنين دون الغافلين، فضلًا عن المنحرفين، فكان الكتاب الأول "المنطلق"، وفيه إحياء فقه الانطلاق الدعوي.
ومن بعد "المنطلق" كان الإصدار الثاني "العوائق"، حيث تجاوز عوائق الطريق بعد الانطلاق، ثم جاء كتاب "الرقائق" التي ترقق القلب، وتعين النفس على اكتشاف الطريق الصحيح، وتؤنسها إذ هي ماضية فيه.
رابعًا جاء كتاب "صناعة الحياة"، فإدارة الحياة صنعة لها فنونها الخاصة، وتجوّدها الخبرة المكتسبة إذا تراكمت، فوجب على الدعاة معرفة خصائص البشر الفطرية، وأسرار علاقاتهم؛ فنحن بحاجة إلى تعلم كيفية الإمساك بزمام الحياة من خلال أفق حضاري شامل، فيه إصلاح للأدب، وبناء للاقتصاد وحيازة للمال، وسيطرة على العلوم، ونفوذ إلى مراكز القوة في العالم.
وخامسًا جاء "المسار"، وهو كتاب يتولى التوعية الشاملة في سياسات ثلاثة؛ السياسة الخارجية المحددة لطبيعة علاقات الدعوة بالحكومات والأحزاب والجماعات، والسياسة الداخلية البانية لشكل التنظيم والعضوية والحقوق والواجبات، والسياسة التربوية التي تختار طرق تعليم الدعاة وتثقيفهم، وكيفية تهذيبهم أخلاقيًا وإكسابهم الصفات الإيمانية.
وكانت "رسائل العين" كشفًا للآفاق الرحبة لفقه الدعوة، وتجارب العمل الإسلامي، وأنماط معاناة المربين، ووضْع كل ذلك بين يدي شباب الصحوة الإسلامية تعليمًا لهم؛ فكانت "نحو المعالي" و"ربانية التعليم" و"التقويم الدعوي" و"معًا نتطور" و"الإيجابية في حياة الداعية" و"تقرير ميداني" و"تقويم الذات" و"فضائح الفتن" و"فارس لا يترجل".
وجاءت "منهجية التربية الدعوية" متحدثة عن المحراب ودمعة العابد.
يأتي "صُداح الداعية"، قصيدة نونية مئوية العزية في العقائد والقيم والموازين والمفاهيم والخط الدعوية.. أما "سيوفنا الخمسة"، فيتحدث فيها عن سيف الدفاع، وسيف العدل، وسيف الحرية، وسيف المعرفة
وكانت "استراتيجيات الحركة الحيوية"، والتي تشرح نظرية حركة الحياة، والتي بدأها الأستاذ بـ"همس النبضات" وانطلق منها إلى "أنساق النفضات" لتكون قانونًا مرجعيًا لمن يقتحم ساحات الحياة، لتأتي بعد الأنساق.
"منظومات التحريك" هي آراء في فقه التخطيط وفلسفته وآفاقه، وبيان كيفية استثمار مجموعة تيارات التحريك الحيوي، وآليات تأليف الإنسان المؤمن الجديد وإعادة صياغته. ليقدم بعدها الأستاذ "ولادة الحركات" حيث بزوغ اللمعات الأولى وإرهاصات النشوء، حيث ينأى بصاحب الدعوة أن يكون توًّا عاطلًا لا تتحرك به الحياة شبرًا. ثم "كتلة الإصلاح"، لتصف الكتلة المؤمنة التي تتولّى التحريك الإسلامي للحياة.
وتأتي "الظاهرة القيادية" في الواقع الإسلامي المعاصر، وشرح فقهها، وبيان جذرها، ومحاولة تحصيلها وتحليل طريقة نفوذها وتحريكها الحياة، فالحياة سائرة والبناء عامر، فليصبر المربي والمدرب والمفكر والفقيه؛ لأن التحول آتٍ بإذن الله تعالى. ثم "الاستنباط الإستراتيجي"، حيث بيان كيفية استنباط الرؤية الإستراتيجية من خلال تكامل مجموعات القيم المحددة؛ ليكون "الاستدراك الواعي"، حيث الإصلاح والفحص الناقد للواقع الاجتماعي من زاوية إيمانية، مع كشف الأخلاق اللازمة لممارستها وبيان كيفية التنظير وسعة الخيال في التماس العلاج.
وكتب "الأدنى الأمثل" ليبين أفضلية المرابطة، وتمكين تشكيل الحد الأدنى من فتح آفاق بلا حدود، ثم "الأمن الذهبي" ليبقى قلب الحر نقيًا فوق الدولار، فهلال الإيمان لا تحجبه عولمة. وكان إصداره "صولة الأصالة" ينادي من صارت كل كتلته جرحًا، واستولت عليه دهشة الخوف: عد سريعًا من ظلام كان يخفي دربك.
أما عن "النفس في تحريكها الحياة"، فالوصف للنفس الإنسانية وترددها بين المعروف والمنكر، واكتشاف مداخل التأثير النفسي ومخرجاته.. من أجل صياغة إسلامية للحياة.
ويأتي "صُداح الداعية"، قصيدة نونية مئوية العزية في العقائد والقيم والموازين والمفاهيم والخط الدعوية.. أما "سيوفنا الخمسة"، فيتحدث فيها عن سيف الدفاع، وسيف العدل، وسيف الحرية، وسيف المعرفة، وسيف الجهاد.
وكان (رحمه الله) مهتمًا بوطنه وبلده العراق، فأصدر عقب الاحتلال: "صحوة العراق"، و"عودة الفجر"، و"رقي تخطيطي"، و"رمزيات حمساوية"، و"بوارق العراق"، و"معًا نحمي العراق"، و"المحارب المحرابي".
كما كان اهتمامه كبيرًا بسلسلة التوعية السياسية، فأصدر الأستاذ كتابه "الردة عن الحرية"، وهو- كما قال- كتاب ينتصر للرئيس القرآني محمد مرسي، وتحدث عن مجموعة رؤى تفاعلية تتوقع تحول السالب إلى إيجاب.
قدم الأستاذ "الفقه اللاهب"، وهو تهذيب لكتاب "الغياثي" للإمام الجويني الشافعي، وهو قطعة رصينة من العمل الاستنباطي والقياسي، سرعان ما يكتشف صاحب الخلفية الشرعية الوافية أهميته الاستثنائية، فيبدي حفاوة به من تلقاء نفسه دون حاجة لوصية وحث
أما الأقصى، فقد كان حاضرًا في حياته منذ بدايته مهتمًا بالقضية الفلسطينية، وكانت محاضراته عن الأقصى وسبيل إنقاذه.
كان الجهاد ميدانه ومكان رباطه فأصدر "الموازين الجهادية عند الراشد"، وهي حشد من النقول المستلَّة من كتب إحياء فقه الدعوة، وفيها تحليل لكثير من ظواهر العمل الجهادي وبيان خلفياتها النفسية، مع ملاحظات نقدية وقواعد ومبادئ ومفاهيم يجب أن يستحضرها المجاهد عند التخطيط والأداء وتقويم الأمور، مع جملة وصايا ومواعظ نافعة.
كان رحمه الله غيورًا على الأمة وعلى الدعاة فأصدر "الطريق المسدود". وكان محبًا للتراث باحثًا في تاريخ الأمة وكتب الفقهاء فأصدر ونقح "سبائك السبكي"، حيث يتكلم عن كتاب "معيد النعم ومبيد النقم" للتاج السبكي، وهو وثيقة إصلاح إذا أردت أن تعلم من أين أُتيت، وما سبب زوال نعمتك، وكيف تبدل حالك.. وهو وثيقة فقهية، تمثل تقريرًا اجتماعيًا إسلاميًا، يكشف خطة إصلاحية ومنهجية تنفيذ لعلاج الفساد الإداري.
ولما كانت الدعوة بحاجة إلى إفتاء واجتهاد، جاءت موسوعة "أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي في نظريات فقه الدعوة الإسلامية"، وهي كتاب يبدأ من حيث انتهى الأصوليون، يوظف نتائج علم الأصول لكشف أحكام التعامل الدعوي، ويستعير ما يصلح من علم القواعد ويناسب الأصول الدعوية، ويستشهد بما تناثر في كتب الفقه من فتاوى ومذاهب، ويؤسس أصولًا جديدة للاجتهاد تقتضيها سعة باب الآداب الدعوية في مدارات الندب والتفضيل والإباحة ومكارم الأخلاق ونبل الطباع، ولا تبلغ مبلغ الوجوب أو التحريم المضبوطَين بحدود علمي الأصول والقواعد بصراحة.
قدم الأستاذ "الفقه اللاهب"، وهو تهذيب لكتاب "الغياثي" للإمام الجويني الشافعي، وهو قطعة رصينة من العمل الاستنباطي والقياسي، سرعان ما يكتشف صاحب الخلفية الشرعية الوافية أهميته الاستثنائية، فيبدي حفاوة به من تلقاء نفسه دون حاجة لوصية وحث، وكذلك فإن هذه المدونة هي أصل وجذر الفكر الدعوي والإفتاء السياسي المعاصر، وقد جمعت حاجات الدعوة من أقطارها، ومنحتها تعليلًا واضحًا، مع الثقة والاعتماد اليقيني بصواب ما هنالك، حتى دق الجويني على صدره يضمن عهدة اجتهاداته الجريئة اللاهبة.
"موعظة المعتز بالله تعالى" تذكر بحقائق مهمة رئيسة في العقيدة الإسلامية، وأن الله تعالى رقيب على عباده، ويعلم صغائر أحداث الحياة، وهو الذي يسيِّر حركات الحياة بحكمته، وبيان أن القصور الإنساني يحرم الغافلين من رؤية الحكمة الربانية، لكن المؤمن يفهم الحكمة ويكبت الفساد ويعمل صالحًا
كان الأستاذ رحمه الله مهمومًا بأمر أمته ودعوته، باحثًا عن التطوير والتجديد المنضبط فكانت إصداراته:
- رؤى تخطيطية: لتكون همسًا صريحًا وأذانًا فصيحًا معًا، موجَّهًا لداعية حضاري الأفق منهجي الأسلوب والوسيلة.
- مقدمات الوعي التطويري: وهي مجموعة رؤى فراسية تحاول استكشاف مستقبل الدعوة الإسلامية، ونقد ذاتي للواقع الدعوي.
- تنظير التغيير: حيث يتحدث عن النظرية التكاملية للتغيير السياسي الإسلامي.
- المؤتمر: وهو دعوة للنضال من أجل الحرية أولًا.
ويدرك الراشد حاجة الدعاة الماسة إلى التزكية والارتقاء، فيكون "تهذيب مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" للإمام ابن القيم.
وكان الأستاذ دومًا بمواعظه مع الدعاة، فكانت سلسلة "مواعظ الداعية"، فيبدؤها بصراطنا المستقيم ويشهد فيه أن الله لا غيره ربّ كريم رحيم يرتجى ويؤمن. ثم "آفاق الجمال"، لبيان أن الله جميل يحب الجمال، ولتكون التربية الجمالية مقصدًا من مقاصد المنهجية الدعوية. ثم "استعلاء الدعوة"، ويؤكد فيها على التقدم الواثق، ردًا على جاهلية الظلم الاستعماري، والعدوان على كل تحرك إيماني، وأننا من خلال الإصرار على سلميتنا في صراعنا سنغلب وباختيارنا حرب اللاعنف، سيزول الظلم وننال الحرية ونبني التنميات، وبحقائق حركة الحياة نقود تيار الأحرار.
وكان "التهجد الإصلاحي"، لأن الدعوة تمارس الإصلاح الحيوي الشامل، ولأنها تؤدي ذلك بنوايا تعبدية، صارت كل أعمال الدعاة السياسية والتنموية تهجدًا، لكنه التهجد الواعي المنضبط بمعالم الفقه. ويأتي "سلطان الإيمان"، مذكرًا بأن التوحيد والإيمان بالنبوة الكريمة اكتسب مكانة هي مثل السلطة، تضبط أعمال الأمة الإسلامية وتسيطر على أفرادها.
وتأتي موعظة "تمام البيان"، وهي انتقال جريء بمستوى القول إلى صراحة ناقدة، والجزم بأن أميركا هي الخصم الأول الأشد عداوة للدعوة الإسلامية في العالم. أما موعظة "عوالي المقاصد"، فهي نظرة وصفية ناقدة لعلم المقاصد الشرعية ومحاولات تقعيدية لبعض جوانب المقاصد، ودعوة لتوسيع علم المقاصد من خلال القيم الشرعية والمعرفية، وصيحة إنكار على من يتخذ من المقاصد وسيلة لتمييع القضايا مع بيان الارتباط بين التنمية.
أما "فقه الحياة"، فيقول إن أصل الفهم عندنا لحركات الحياة هو الفهم الإسلامي، فيكون لا بد لمن يروم تحريك الحياة أن يتدبر القرآن الكريم، وهذا المبحث يكشف أبعاد الشهادة القرآنية على أسرار الحياة. و"موعظة المعتز بالله تعالى" تذكر بحقائق مهمة رئيسة في العقيدة الإسلامية، وأن الله تعالى رقيب على عباده، ويعلم صغائر أحداث الحياة، وهو الذي يسيِّر حركات الحياة بحكمته، وبيان أن القصور الإنساني يحرم الغافلين من رؤية الحكمة الربانية، لكن المؤمن يفهم الحكمة ويكبت الفساد ويعمل صالحًا.
وتأتي "موعظة الثائر المجاهد"، وهي استلال دروس خططية من الأحداث والتجارب التركية، وبيان خطورة محاولة أميركا فرض تصورها لإسلام لا سياسة فيه ولا جهاد.
وتأتي موعظة "مصر الواعية"، والتي يقول فيها الأستاذ الراشد: إن الدكتور محمد عبد الرحمن المرسي، الذي استلم الراية في مصر ثوري فقيه، وقد حكمت له وجهرت بصحة عملية انتخابه، وأن من انشق وأعلن عن مكتب عام جديد ما أراه إلا متماديًا في ارتكاب الخطأ.
أما موعظة "صانع حياة"، فهي قصة تاجر متفقه من ذرية الخلفاء العباسيين، ومن أعيان السودان في القرن التاسع عشر، اسمه الزبير بن رحمة الجيعاني، يغامر فيتاجر مع زنوج خط الاستواء، فيغتني ويؤسس لنفسه مملكة في جنوب السودان اتسعت فشملت دارفور وغرب السودان، وصنع الحياة ونشر عدلًا بعد ظلم، ولكنه وثق بملوك مصر فغدروا به.. وتنهض بطولته أن تغري الدعاة اليوم بمحالفة أمثاله، مع استلال دروس في فقه الدعوة من قصته، وتخريجها على ضوء السياسة الشرعية النبوية الكريمة.
يأتي "عبير الوعي" ليؤكد للدعاة المتوغلين في درب السياسة، والدعاة الذين يجاهدون، والرهط الذي يساير العمل المؤسسي والنشاط الإعلامي، أن بلوغ هذه الأعماق ينحت ولا بد من رصيد القلوب، وأن التربية وظيفة دائمة في الأداء الدعوي لا ينبغي أن ينساها أحد، ولا أن يتكبر عليها واهم.
رحم الله الأستاذ محمد أحمد الراشد، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وسلم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.