شعار قسم مدونات

الاكتفاء الذاتي على مستوى الأسر الفلسطينية

اجتماع الأسرة الفلسطينية في موسم قطف الزيتون وكثيرون يؤجلون إجازاتهم السنوية للموسم الذي يبدأ منتصف أكتوبر-تشرين أول من كل عام
من وسائل تحقيق الاكتفاء الذاتي في فلسطين الزراعة المنزلية إذ يمكن للأسر استغلال المساحات الصغيرة مثل الحدائق المنزلية لزراعة الخضروات والفواكه التي تستهلكها يوميًا (الجزيرة)

يعتبر الاكتفاء الذاتي على مستوى الأسر من أهم الأسس التي تقوم عليها المجتمعات المستقرة والقادرة على مواجهة التحديات المختلفة؛ وفي الحالة الفلسطينية المقترنة بمعاناة من ظروف سياسية واقتصادية صعبة بفعل الاحتلال والحصار وتقييد الحركة، يصبح تحقيق الاكتفاء الذاتي ضرورة ملحّة؛ لضمان استمرارية الحياة الكريمة، وتلبية الاحتياجات الأساسية للأسرة الفلسطينية.

إن تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة للأسر الفلسطينية لا يعد حالة ترف، بل هو ضرورة حتمية فرضتها الظروف الصعبة التي تعيشها؛ فالاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من حصار وإغلاق للمعابر، إضافة إلى السيطرة على الموارد الطبيعية، يحد من قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى المواد الأساسية، ما يجعل الاعتماد على النفس أمرًا حتميًا.

هناك تربية الحيوانات الصغيرة والدواجن في المنازل أو المزارع الصغيرة، فهذه تعتبر وسيلة فعالة أخرى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ يمكن تربية الدجاج لإنتاج البيض واللحوم، والأغنام لتوفير الحليب

من هنا تبرز أهمية الاكتفاء الذاتي كوسيلة لتعزيز القدرة على الصمود والبقاء، والمساهمة في تخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الأسر، في ظل معدلات البطالة المرتفعة والاقتصاد الهشّ.. يعزز الاكتفاء الذاتي من استقرار الأسر، ويوفر لها نوعًا من الأمان الغذائي والاقتصادي، كما يسهم في تعزيز الشعور بالكرامة والاستقلالية، إذ يشعر الأفراد أنهم قادرون على العيش بكرامة دون الحاجة إلى انتظار المساعدات أو التبرعات التي قد تكون غير كافية.

إعلان

هذا النوع من الاكتفاء المتمثل في الزراعة لا يساهم فقط في توفير الطعام الطازج والصحي، بل يقلل أيضًا من التكاليف المرتبطة بشراء المواد الغذائية.

إضافة إلى ذلك، هناك تربية الحيوانات الصغيرة والدواجن في المنازل أو المزارع الصغيرة، فهذه تعتبر وسيلة فعالة أخرى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ يمكن تربية الدجاج لإنتاج البيض واللحوم، والأغنام لتوفير الحليب واللحوم. هذه الأنشطة توفر مصادر غذائية غنية بالبروتين للعائلات، وتساهم في تحسين التغذية، بالإضافة إلى أنها قد تشكل مصدرًا إضافيًّا للدخل من خلال بيع الفائض في الأسواق المحلية.

يمكننا أيضًا الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهي فرصة هائلة للأسر الفلسطينية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، حيث تعد فلسطين منطقة غنية بالشمس، ما يجعل الطاقة الشمسية خيارًا مثاليًّا لتوليد الكهرباء. ومن خلال تبني تقنيات الطاقة المتجددة، يمكن للأسر تقليل تكاليف الطاقة وتحقيق استقلالية أكبر.

يمثل الاكتفاء الذاتي للأسر الفلسطينية أكثر من مجرد إستراتيجية اقتصادية؛ إنه ركيزة أساسية لتعزيز الصمود في مواجهة التحديات المستمرة التي يفرضها الاحتلال والظروف الاقتصادية الصعبة

لتحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى الأسر، يحتاج المجتمع الفلسطيني إلى تبني نهج شامل يشمل دعمًا من المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.. ينبغي أن تركز الجهود على تعزيز الوعي بأهمية الاكتفاء الذاتي، وتوفير الموارد اللازمة لتحقيقه، بالإضافة إلى خلق بيئة تشجّع على الابتكار والاستدامة.

يمكن للمؤسسات المجتمعية أن تؤدي دورًا محوريًّا في تنظيم مشاريع جماعية، مثل: الزراعة المجتمعية أو المشاريع الإنتاجية الصغيرة، ما يعزز التعاون بين الأسر ويسهم في تحقيق أهداف مشتركة، كما يجب تعزيز دور المرأة في هذه الجهود، حيث تمثل النساء جزءًا أساسيًّا من قوة العمل في المجتمعات الريفية والحضرية على حد سواء.

بالمحصلة النهائية، يمثل الاكتفاء الذاتي للأسر الفلسطينية أكثر من مجرد إستراتيجية اقتصادية؛ إنه ركيزة أساسية لتعزيز الصمود في مواجهة التحديات المستمرة التي يفرضها الاحتلال والظروف الاقتصادية الصعبة.

إعلان

تحقيق هذا الهدف يتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمجتمع والمؤسسات، من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، وتبني حلول مبتكرة في مجالات الزراعة والطاقة، ودعم المشاريع الصغيرة.

بتبني هذه الرؤية، يمكن للأسر الفلسطينية بناء أساس قوي لاستقلالها الاقتصادي، وضمان مستقبل أكثر استدامة واستقرارًا للأجيال القادمة، فالسعي نحو الاكتفاء الذاتي ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لتحقيق الكرامة والحرية في حياة كل أسرة فلسطينية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان