أعلنَ وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، السبت 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، عن ارتفاع حصيلة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت إلى 37 شهيدًا، من بينهم 3 أطفال.
وقال الأبيض في المؤتمر الصحفي الذي عقده "لا تزال هناك أشلاء لم يتمّ التعرف عليها"، مؤكدًا أن "عمليات إزالة الركام مستمرة حتى الآن في الضاحية الجنوبية". وأشار إلى أن حصيلة هجوم الضاحية الجنوبية، وقبلها أجهزة "البيجر" وأجهزة النداء، وصلت إلى 70 شهيدًا، فيما لا يزال 770 جريحًا يتلقون العلاج، ووصف الوزير الهجمات الإسرائيلية الأخيرة بأنها "جريمة حرب موصوفة".
المشهد الميداني فرض نفسه، ويؤشر إلى أن هناك حتمية لتوسيع الحرب على هذه الجبهة، حيث ذكرت القناة 12 العبرية أن من المتوقع الإعلان عن وضع خاص على الجبهة الداخلية في إسرائيل من حيفا إلى الشمال خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة
هذا، وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول أن طائراته نفذت غارات على الضاحية الجنوبية، مستهدفة مبنى كان يضمّ مجموعة من القياديين في فرقة الرضوان التابعة لحزب الله، حيث قال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري إن سلاح الجو اغتال إبراهيم عقيل، رئيس شعبة العمليات في حزب الله، وعددًا من العناصر الحزبية.
تطورت العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية بطريقة أكثر دراماتيكية، حيث سرّع الإسرائيلي من وتيرة غاراته على مناطق متفرقة في الجنوب، لتصل إلى مناطق تُستهدف للمرّة الأولى منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي. في المقابل، عمد حزب الله إلى توسيع دائرة استهدافاته، وتكثيف إطلاق صواريخه التي طالت مواقع جديدة، ما جعل كثيرين يتوقّعون حربًا مفتوحة على كافة الاحتمالات.
فالمشهد الميداني فرض نفسه، ويؤشر إلى أن هناك حتمية لتوسيع الحرب على هذه الجبهة، حيث ذكرت القناة 12 العبرية أن من المتوقع الإعلان عن وضع خاص على الجبهة الداخلية في إسرائيل من حيفا إلى الشمال خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة، نتيجة العمليات العسكرية المتصاعدة.
هي حرب "عضّ الأصابع" بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على قاعدة أن من يصرخ أولًا سيرفع راية الاستسلام؛ لهذا بات من المستبعد الذهاب إلى حرب واسعة، إذ لا اللاعبون الميدانيون ولا الإقليميون والدوليون يريدونها؛ لأنّ في هذا تخوفًا من نقلها من حرب واسعة إلى كبرى تطول المنطقة بأكملها، حيث ستشترك فيها القوات المسلحة الأميركية، التي باتت حاملات طائراتها تتموضع في منطقة البحر الأحمر والبحر المتوسط.
القرار بعدم توسيع الحرب لا يتوقف عند اللاعبين الإقليميين، بل يعني حتى اللاعبين المحليين، حيث إن جلّ ما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي هو بناء معادلة الردع التي تآكلت بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وعودة مستوطنيه إلى منازلهم في شمالي فلسطين المحتلة
لقد عبّر الحانب الإيراني أكثر من مرّة عن عدم رغبته بتوسيع دائرة الحرب، فقد ذكر المرشد الأعلى، السيد خامنئي، أن بلاده تعتمد على "التراجع التكتيكي" في الردّ على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، ويرتبط ذلك مع ما قاله الرئيس الإيراني يوم الاثنين 16 سبتمبر/ أيلول الجاري عن أن "لا أعداء لإيران".. وبالوقوف عند هذه التصريحات ندرك أن لا نيّة للجمهورية الإسلامية بتوسيع هذه الحرب، وأن هناك تقاطع مصالح بين الأميركي والإيراني تحديدًا على إلغاء مفعول اتفاقية سايكس بيكو لإعادة رسم خارطة المنطقة، بحسب ما يتناسب مع مشروع الشرق الأوسط الجديد.
لقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس هاري ترومان" تبحر مجددًا إلى الشرق الأوسط، وأن الموقف الذي أطلقه وزير الدفاع لويد أوستن بأن "بلاده هي إلى جانب إسرائيل"، دلالة إضافية على أن التحذير الأميركي جدي وغير قابل للنقاش فيما يخص منع أي قوة من إقليمية الدخول في حرب مع تل أبيب.
القرار بعدم توسيع الحرب لا يتوقف عند اللاعبين الإقليميين، بل يعني حتى اللاعبين المحليين، حيث إن جلّ ما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي هو بناء معادلة الردع التي تآكلت بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وعودة مستوطنيه إلى منازلهم في شمالي فلسطين المحتلة.. هذا سبب توسيع الإسرائيلي لدائرة الضربات، والإغارة على مناطق تبعد أكثر من 40 كيلو مترًا عن الحدود مع لبنان؛ فجلّ ما يريده نتنياهو هو ممارسة المزيد من الضغط على حزب الله ميدانيًا، أو من خلال بيئته الحاضنة؛ بهدف خلق حالة من النفور الشعبي لإزالة الغطاء عن فتح الجبهة الإسنادية لغزة.
قد تكون فرضية الحرب البرية الواسعة مستبعدة، رغم أن سير المعارك ينذر بالانزلاق نحو الحرب الكبرى، لكنّ القراءة لعدم توقعها تكمن في أن ضربات الحزب لم تزل ضمن المتوقع، دون التصويب على مراكز حساسة تشعل حربًا غير تقليدية
"كي الوعي المقاوم".. العملية الإسرائيلية تستهدف الروح المعنوية للمقاوم وبيئته، من خلال تكثيف الضربات على مناطق تواجد فيها الحزب، لدفعه نحو القبول بالتسوية. لهذا كانت الضربة التكنولوجية النوعية التي أصابت أجهزة الاتصال اللاسلكية "البيجر" وغيرها في 17 و18 سبتمبر/ أيلول الجاري، والتي شكلت قلقًا في أوساط الحزب، وخلقت الخوف من تنفيذ العدو نوعًا كهذا من العمليات عالية الدقة، التي تحاكي الجيل الخامس من التكنولوجيا.
بحسب المصادر الإسرائيلية، فإنه لا خطة لتنفيذ عمليات اجتياح بري إسرائيلي على لبنان، إذ لا تصاريح لمسؤولين إسرائيليين تؤكد النية بالقضاء على حزب الله، بل جلّ ما يطلبه هو وقف جبهة الإسناد، وفتح الباب أمام تسوية حقيقية، لهذا تمارس الدبلوماسية الأميركية والأوروبية دورًا في التوصل لوقف النار، فالأوروبي يتخوّف من موجات لهجرات جديدة إلى أراضيه، كما أن الأميركي يفتّش عن مصالحه في المنطقة، ويحرص على الابتعاد عن الحرب الكبرى في ظلّ انتخابات رئاسية باتت قاب قوسين.
قد تكون فرضية الحرب البرية الواسعة مستبعدة، رغم أن سير المعارك ينذر بالانزلاق نحو الحرب الكبرى، لكنّ القراءة لعدم توقعها تكمن في أن ضربات الحزب لم تزل ضمن المتوقع، دون التصويب على مراكز حساسة تشعل حربًا غير تقليدية، تمامًا كالتصويب على حقل كاريش النفطي الذي يشكل البديل عن الطاقة الروسية، أو إصابة أهداف ذات بعد نووي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

