شعار قسم مدونات

انفجارات لبنان في يومها الثاني هل ستشعل الجبهة الشمالية؟

People gather as smoke rises from a mobile shop in Sidon, Lebanon September 18, 2024. REUTERS/Hassan Hankir
التطور الميداني اعتبر خرقًا أمنيًا مهمًا لحزب الله الذي طال شبكة اتصالاته التي كان يعتبرها الأكثر أمنًا (رويترز)

أثارت موجة التفجيرات لأجهزة الاتصال اللاسلكي (البيجر) في يومها الثاني، الأربعاء 18 سبتمبر/ أيلول الجاري، موجة من القلق والخوف عند اللبنانيين، بعد الانفجارات الأولى التي حصلت بعد ظهر الثلاثاء 17 سبتمبر/ أيلول وأصابت آلافًا من عناصر حزب الله إضافة إلى سقوط الكثير من المدنيين بين قتيل وجريح.

هذا، وكان وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، قد أعلن في مؤتمر صحفي الأربعاء 18 سبتمبر/ أيلول، عن حصيلة الهجوم السيبراني بأنها بلغت 12 قتيلًا، ونحو 2800 جريح إلى الآن.

ذكر حزب الله في بيانه أن عناصره تقوم بتحرياتها لمعرفة كيفية حصول هذا الهجوم الذي اعتبر الأقوى والأعنف منذ فتح الجبهة الجنوبية للبنان كجبهة إسناد لغزة. واللافت في بيانه الذي صدر بعد الحادثة بساعات تأكيدُ الحزب على الاستمرار في مساندته للقطاع، وأن ردّه "العسير" على ما حدث منفصل عن جبهته الإسنادية هذه، فهل يعني هذا أن اللبناني بات أمام سيناريو لحرب واسعة على هذه الجبهة؟

ما حدث يعتبر تطورًا خطرًا، وأنه يتطلب من حزب الله ردًا على مستوى الحدث، وهو يستند في ذلك إلى ما جاء في كلمة لحسن نصر الله، من أن أي خطأ في التقدير عند العدو سيكون أمام حرب "بلا سقوف"

ليست المرة الأولى التي يخرق فيها العدو قواعد الاشتباك على الجبهة الشمالية، فالأمر ترافق مع سلسلة قرارات أعلنت عنها السلطات الإسرائيلية في اليوم الذي وقعت فيه تفجيرات البيجر، لاسيما فيما يخصّ توسيع أهداف الحرب الحالية في غزة، لتشمل عودة مواطني الشمال إلى منازلهم قرب الحدود مع لبنان، في خطوة يمكن اعتبارها بمثابة خطوة تمهيدية لاحتمال شنّ هجوم ضد حزب الله اللبناني الذي يتبادل مع إسرائيل الضربات على مدار عام تقريبًا.

إعلان

جميع الاحتمالات باتت قائمة بين حزب الله وإسرائيل، منها الانزلاق نحو الحرب الواسعة، حيث إن هذا التطور الميداني اعتبر خرقًا أمنيًا مهمًا لحزب الله، إذ طال شبكة اتصالاته التي كان يعتبرها الأكثر أمنًا والأقل اختراقًا. لهذا ذهب البعض من المتابعين إلى أنّ إسرائيل تعمد من خلال فعلتها هذه، إلى القيام باجتياح مباغت تستغل فيه ضعف التواصل بين عناصر الحزب، مع إعاقة العدد الأكبر من قواته، حيث تقول مصادر طبية لبنانية إن الكثير من هذه الإصابات تدخل في خانة الإعاقة.

يتفق الجميع على أن ما حدث يعتبر تطورًا خطرًا، وأنه يتطلب من قبل حزب الله ردًا على مستوى الحدث، وهو يستند في ذلك إلى ما جاء في كلمة للأمين العام السيد حسن نصر الله، من أن أي خطأ في التقدير عند العدو سيكون أمام حرب "بلا سقوف". فالهجوم السيبراني الذي قامت به أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية خطير، لاسيما أنه طال المدنيين ومن بين القتلى الذين سقطوا في الانفجارات هناك طفلة لا يتعدى عمرها الثماني سنوات. لهذا ذهب الكثير إلى اعتبار أن الجبهة تقف على حافة الانزلاق نحو الحرب الواسعة بين الجانبين.

تعتبر حكومة نتنياهو أن الدبلوماسيين الذين زاروا المنطقة لم يستطيعوا إقناع حزب الله بالتراجع إلى أكثر من 7 كيلومترات عن الحدود، وإعطاء الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام الدور في حماية الحدود

في شهر مارس/ آذار الماضي بدأ البحث جديًا في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع رؤساء السلطات المحلية في مستوطنات الشمال حول مصير بدء العام الدراسي المقبل، وكانت النقاشات تجري عن مدى إمكانية تأجيله عن الأول من سبتمبر/ أيلول، وفي نهاية يوليو/ تموز الماضي خرج وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش بإعلان رسمي عن تأجيل بدء العام الدراسي في الشمال الإسرائيلي؛ بسبب التحديات الأمنية والتعقيدات المرتبطة بالوضع الحالي في المنطقة.

هذه الصورة الأشبه بالسوريالية بالنسبة إلى الإسرائيليين، بدأت تؤثر بشكل مباشر على ثقتهم بمؤسساتهم الأمنية والعسكرية، متيقنين أنّها فقدت دورها في الحفاظ على الاستقرار والأمن، وأن الاستمرار في الصورة التي أصبحت نمطية على الجبهة الشمالية دفع بالكثير من المستوطنين لرفض العودة إلى أن تفرض إسرائيل الأمن بشكل كامل، بينما جزء كبير منهم فضّل السفر بهجرة عكسية من هذه الأرض.

إعلان

تعتبر حكومة نتنياهو أن مختلف الدبلوماسيين الدوليين الذين زاروا المنطقة لم يستطيعوا إقناع حزب الله بالتراجع إلى أكثر من 7 كيلومترات عن الحدود، وإعطاء الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام الدور في حماية الحدود.

يجد حزب الله أن فتح حرب واسعة مع الجانب الإسرائيلي لن يخدم في العمق إلا نتنياهو اللاهث وراءها، لهذا كان متزنًا في بيانه، وخرج من دائرة الانفعالية وردة الفعل، رغم أن الشارع الممانع بات ينتظر ردًا مزلزلًا

الرفض المتكرر من جانب حزب الله، الذي وجد في هذا القرار شيئًا من الجنون؛ على اعتبار أن أهل الأرض هم من يقاومون، وأن أي طلب مثل هذا يعني نزوح أهل المنطقة بذاتهم، لهذا كان الرفض وكان هناك استمرارية للحرب.

وجدت إسرائيل أن الجولات المكوكية لآموس هوكشتاين الممثل الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن التي يقوم بها لا تهدف إلا إلى إضاعة الوقت، وأنها لن تقدم جديدًا على ساحة الصراع. كما أن وجود حزب الله بهذه القوى التي تنامت بشكل كبير، لا بدّ من إزالتها، وإلا لن يشعر المستوطن بأي راحة، والعودة قد تكون من المستحيلات.

يجد حزب الله أن فتح حرب واسعة مع الجانب الإسرائيلي لن يخدم في العمق إلا نتنياهو اللاهث وراءها، لهذا كان متزنًا في بيانه، وخرج من دائرة الانفعالية وردة الفعل، رغم أن الشارع الممانع بات ينتظر ردًا مزلزلًا. لكنّ الحزب أخذ زاوية مختلفة من تفجير البيجر؛ على اعتبار أن التعبير الذي استعمله المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، "التراجع التكتيكي"، وبعدها ما قاله الرئيس الإيراني في مؤتمره الصحفي الذي عقده الاثنين 16 سبتمبر/ أيلول الجاري، والذي اعتبر فيه أن لا أعداء لإيران، هذا ما يحفّز الحزب نحو الذهاب بردّه إلى اتباع سيناريو "فؤاد 2″، وليس إلى عملية واسعة تدخل البلاد والمنطقة في الحرب الكبرى.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان