شعار قسم مدونات

التصحر في العراق تحدٍ بيئي متنامٍ

يجب تشجيع المبادرات والجمعيات المحلية للمساهمة في الحفاظ على البيئة (الجزيرة)

مرور نهرَي دجلة والفرات خلال هذا البلد لم يشفع له، وتركه معرّضًا للجفاف بشكل عام، واليوم نشهد الجفاف بشكل واضح في المناطق الجنوبيّة والوسطى.. العراق هو أحد البلدان التي تعاني من مشكلة التصحر بشكل متزايد.

يُعرَّف التصحر بأنه "تدهور الأراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة نتيجة لعوامل مختلفة، بما في ذلك التغيرات المناخية والأنشطة البشرية". في حالة العراق، تُعتبر هذه المشكلة واحدة من أكبر التحديات البيئية التي تواجه البلد.

يؤدي التصحر في العراق إلى العديد من الآثار السلبية، من أبرزها انخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية، وتدهور الموارد المائية، وتهديد الأمن الغذائي للسكان، وزيادة معدلات الفقر في المناطق المتضررة

أسباب التّصحر في العراق

هناك عدّة عوامل تؤدي إلى تفاقم مشكلة التصحر في العراق، من أهمها التغيرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض معدلات هطول الأمطار في السنوات الأخيرة، لا سيما الجفاف المتكرّر، فالعراق يواجه فترات جفاف متكرّرة ناتجة عن تغير المناخ. ومن أهم الأسباب الزراعة غير المستدامة، والممارسات الزراعية الضارّة، مثل الري الجائر وإزالة الغطاء النباتي. كما أنّ الأضرار الناجمة عن النزاعات والحروب في العراق ساهمت في تفاقم المشكلة.

الآثار والتداعيات

يؤدّي التصحر في العراق إلى العديد من الآثار السلبية، من أبرزها انخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية، وتدهور الموارد المائية، وتهديد الأمن الغذائي للسكان، وزيادة معدلات الفقر في المناطق المتضرّرة، وتدهور النظم البيئية والتنوع البيولوجي، وموجات هجرة داخلية وخارجية للسكان؛ بحثًا عن موارد أفضل، وازدياد المخاطر الصحيّة والبيئيّة على المجتمعات المحلية.

وزارة الموارد المائية في العراق مطالبة بالتحرك الجدي لإيجاد حلول لذلك قبل فوات الأوان، وفتح قنوات اتصال جدية مع الجانبين التركي والإيراني تحت رعاية الأمم المتحدة، لتكون ضامنة لأي اتفاق يحدث مستقبلًا

الوضع المائي

فكرة الحصاد المائي في العراق غير مطروحة ما بقيت العقليات مركزة على إقامة السدود العملاقة.. فمع شح المياه، حان أوان السدود الصغيرة.

إعلان

قد يكون العراق على موعد مع حرب جديدة، لكنها هذه المرة مع الجفاف؛ فالخبراء يحذرون من آثار كبيرة له على القطاع الزراعي، فضلًا عن مياه الشرب، وكذلك جوف الأرض، ما يعني مخاطر تهدد أساسيات الحياة، مع ارتفاع نسبة الملوحة بشكل ملحوظ في مناطق جنوبي العراق.

لو عدنا إلى الوراء قليلًا، لوجدنا أن الوضع المائي في العراق كان مستقرًا حتى عام 1970م؛ بسبب نهرَي دجلة والفرات، ولكن البلد بعد ذلك العام فقد 40% من نسبه هذه المياه، وكان هذا بسبب سياسات الدول المجاورة ضد العراق، بالإضافة إلى درجات الحرارة المرتفعة، ومعدلات هطول الأمطار المنخفضة، وقلة تدفق المياه من نهرَي دجلة والفرات، وبهذا صُنّف العراق من البلدان التي تعاني من أشد أزمة مياه.

إن وزارة الموارد المائية في العراق مطالبة بالتحرك الجدي؛ لإيجاد حلول لذلك قبل فوات الأوان، وفتح قنوات اتصال جدية مع الجانبين التركي والإيراني تحت رعاية الأمم المتحدة، لتكون ضامنة لأي اتفاق يحدث مستقبلًا.

 استخدام وسائل الإعلام المحلية (التلفزيون والراديو والصحف) لنشر المعلومات البيئية يُعدّ خطوة مهمة في المشاركة المجتمعية للسكان المحليين في مشاريع إعادة التشجير واستصلاح الأراضي

كيف يمكن تعزيز الوعي البيئي في المجتمعات المحلية؟

هناك عدة طرق يمكن من خلالها تعزيز الوعي البيئي في المجتمعات المحلية للحدّ من مشكلة التصحر في العراق، منها البرامج التعليمية والتوعوية، وإدراج مواضيع التصحر والبيئة في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، وتنظيم ندوات وورش عمل للمجتمعات المحلية للتوعية بأسباب التصحر وطرق الوقاية منه.

كما أن استخدام وسائل الإعلام المحلية (التلفزيون والراديو والصحف) لنشر المعلومات البيئية يُعدّ خطوة مهمة في المشاركة المجتمعية للسكان المحليين في مشاريع إعادة التشجير واستصلاح الأراضي.

كذلك فإن من المهم تشجيعَ المبادرات والجمعيات المحلية للمساهمة في الحفاظ على البيئة، وتقديم حوافز مالية أو عينية للمزارعين والسكان المحليين، الذين ينفذون ممارسات زراعية مستدامة، ومنح جوائز وشهادات تقدير للمبادرات والمشاريع البيئية المتميزة على المستوى المحلي.

إعلان

إن اعتماد هذه الإستراتيجيات التوعوية والتشاركية، سيساهم في زيادة الوعي البيئي لدى السكان المحليين، وتحفيزهم على المساهمة في الحد من مشكلة التصحر في العراق.

العراق مقبل على كارثة بيئية إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، وهذا سيكون بمثابة كارثة إنسانية لبلاد ما بين النهرَين، وبالتالي هجرة الريف إلى المدينة في ظل عدم نجاح الحلول الحالية

الجهود المبذولة للحد من التصحر

على الرغم من التحديات الكبيرة، فإن الحكومة العراقية والمنظمات الدولية والمحلية تبذل جهودًا للحد من مشكلة التصحر في البلاد، من خلال تنفيذ برامج إعادة تشجير وتحسين إدارة الأراضي الرعوية، وتطوير أساليب الزراعة المستدامة، وتحسين كفاءة استخدام المياه، وتعزيز الرصد والتقييم البيئي، ووضع سياسات وتشريعات فعّالة. كما أن تعزيز التوعية والتثقيف البيئي على المستويات المجتمعية والوطنية أخذ دورًا مهمًا.

إن مكافحة التصحر في العراق تمثل تحديًا كبيرًا يتطلب جهودًا متضافرة من الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لوضع حلول مستدامة له على المدى الطويل. ورغم المكافحة المستمرة للتصحر من الجهات المعنية فإن التحدي الأكبر يكمن في تحدي الجفاف القادم إلى العراق خلال السنوات المقبلة، والذي يأتي نتيجة السياسة المائية الخاطئة، وأيضًا بناء تركيا للسدود، وتحويل مسار بعض الأنهار الصغيرة من قبل إيران، إضافةً إلى قلة الأمطار في الفترة الأخيرة.

العراق مقبل على كارثة بيئية اذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، وهذا سيكون بمثابة كارثة إنسانية لبلاد ما بين النهرين، وبالتالي هجرة الريف إلى المدينة في ظل عدم نجاح الحلول الحالية.

من الأفضل للسلطات العراقية التوجه إلى إستراتيجية وطنية جديدة، تعمل على ترشيد استخدام المياه، ورسم سياسة ري جديدة للأراضي الزراعية، وتحديد حصص المحافظات، والعمل بجدية على وقف التجاوزات الموجودة في بعضها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان