شعار قسم مدونات

مأساة الفلسطينيين بين قسوة الاحتلال وصمت العالم

تعليقات عامة للصور -إسرائيل قلصت المساحة التي تزعم أنها آمنة لتصل فقط إلى نحو 35 كيلومترا. -منذ بداية أغسطس/آب الجاري، أصدر جيش الاحتلال 15 أمر إخلاء داخل قطاع غزة. -إسرائيل تُنكل بالنازحين وتلاحقهم في أماكن تواجدهم وتجبرهم على النزوح المتكرر دون توفر أماكن آمنة ومقومات للحياة. -النازحون بغزة: لا توجد منطقة آمنة لا نعرف أين نذهب؟ -الأمم المتحدة: إسرائيل شردت نحو 90 % من سكان القطاع -الدفاع المدني الفلسطيني: أوامر الإخلاء الأخيرة أثرت بشكل كبير على خارطة تواجد النازحين -الدفاع المدني الفلسطيني: مئات الآلاف اتجهوا نحو الغرب على شاطئ البحر -مراقبون: تضييق المنطقة (الإنسانية) وإنهاك النازحين والتنكيل بهم دليل على رغبة الاحتلال بترسيخ احتلاله للقطاع
منذ بداية العدوان الغاشم على غزة تعيش العائلات الفلسطينية في دوامة لا تنتهي من النزوح (الجزيرة)

في مشهد يتكرّر منذ عقود، يقف الفلسطيني في غزة حائرًا، مستنزَفًا بين نيران المحتل وخيبة الأمل من عالمٍ يراه ولا يتحرّك.. نقترب من تمام عامٍ من القصف والحصار والتجويع والقتل والتشريد، لم يَبقَ للفلسطينيين ملاذ إلا البحر.

البحر الذي طالما كان رمزًا للهرب والنجاة، أصبح الآن الملاذ الأخير لأولئك الذين يُطارَدون حتى في أحلامهم، بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وأصبح كل شبر من غزة منطقة موتٍ محتملة.. اتجهت الأسر المكلومة إلى شطآن البحر؛ بحثًا عن أمانٍ قد لا يكون موجودًا، وكأنما يقولون: "الغارق في البر، هل سينجو في البحر؟".

تتجسد المأساة بأبشع صورها حين تُجبَر الأُسر على ترك بيوتها تحت جناح الظلام، دون أن تعرف وجهتها التالية، تخرج بما استطاعت حمله من متاع، لكنها لا تستطيع حمل أرواحها المثقلة بالهموم والألم

منذ بداية العدوان الغاشم على غزة، تعيش العائلات الفلسطينية في دوامة لا تنتهي من النزوح والفرار، فكلما ظنوا أنهم وجدوا ملاذًا آمنًا، جاء المحتل ليهدم أحلامهم ويطالبهم بالنزوح مجددًا، بحجة أنّ تلك المنطقة ستتحول قريبًا إلى ساحة قتال.. لم يترك الاحتلال أي بقعة في غزة إلا وطالها بجرائمه؛ المستشفيات، والمدارس، والمساجد، حتى خيام النازحين أصبحت أهدافًا مشروعة في نظره، ولا فرق لديه بين مقاومٍ ومدنيّ.

وتتجسد المأساة بأبشع صورها حين تُجبَر الأُسر على ترك بيوتها تحت جناح الظلام، دون أن تعرف وجهتها التالية، تخرج بما استطاعت حمله من متاع، لكنها لا تستطيع حمل أرواحها المثقلة بالهموم والألم، أطفالٌ يبكون من الخوف، نساءٌ يركضن بحثًا عن مأوى، وشيوخٌ لا يستطيعون الحراك من شدة التعب، الكل يسير نحو المجهول.

إعلان

ولا تنتهي المعاناة هنا، ففي كل مرة يظنون أنهم وصلوا فيها إلى بر الأمان، تلاحقهم طائرات المحتل لتحيل الليل نهارًا بالقصف المستمر، حتى الشواطئ التي اتجهوا إليها علّها تكون ملاذهم الأخير لم تسلم من القصف العشوائي، وكأن البحر أصبح مقبرةً لهم بدل أن يكون نجاة.

الصمت المريب هو مشاركة في الجريمة، إنه عارٌ لن يُغسل أبدًا عن جبين الإنسانية! إلى متى سيستمر العالم في التخاذل والسكوت أمام هذه المأساة؟

بعد كل هذه المعاناة، ما الذي بقي للإنسان الفلسطيني ليخسره؟ إنه يقف وحيدًا في مواجهة آلة الحرب، بينما العالم يقف متفرجًا، صامتًا كمن به خرس، أين الضمير العالمي؟ أين حقوق الإنسان التي تُنتهك في كل لحظة تمر على غزة؟

إن هذا الصمت المريب هو مشاركة في الجريمة، إنه عارٌ لن يُغسل أبدًا عن جبين الإنسانية! إلى متى سيستمر العالم في التخاذل والسكوت أمام هذه المأساة؟ ألا تستحق غزة أن تحيا؟ أم أن العدالة لا مكان لها بيننا؟

اللهم انتصر لغزة، واحفظ أهلها من كل شر، واملأ قلوب الظالمين رعبًا بما فعلت أيديهم، فإنهم لن ينجوا من لعنة التاريخ، ولن تسامحهم أجيالٌ لن تنسى ما فعله الصمت بهم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان