شعار قسم مدونات

إلى متى تبقى أمة العرب نائمة ومكتوفة الأيدي تجاه غزة؟!

ISRAEL - JULY 08: An Israeli soldier directs a tank near the border with the Gaza Strip on July 8, 2024 in Southern Israel. More than nine months have passed since the Oct. 7 attacks by Hamas, which spurred Israel's invasion of Gaza. Fighting there continued over the weekend, although there have been reports of progress with negotiations around a potential cease-fire deal. (Photo by Amir Levy/Getty Images)
لم يكن الاحتلال الإسرائيلي ليتجرأ على ارتكاب هذه المجازر بآلة القتل الوحشية لولا الحماية والدعم الغربي (غيتي إيميجز)

منذ أيام قليلة مرّت الذكرى الـ 55 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، وفي ذلك اليوم المشؤوم من شهر أغسطس/ آب عام 1969، قالت غولدا مائير، عندما سُئِلت عن أسوأ يوم وأسعد يوم في حياتها: أسوأ يوم في حياتي يوم أن تمّ إحراق المسجد الأقصى، في تلك الليلة لم أنم، لأنّني خشيت من ردّة الفعل العربية والإسلامية، وأسعد يوم كان هو صبيحة اليوم التالي؛ لأنّهم لم يفعلوا شيئًا، واكتشفت أنهم "أُمّة نائمة".. على حدّ تعبيرها!

وهنا تنهال الأسئلة على الأذهان، وتختلط الأمور بعضها مع بعض، ويتساءل الواحد منّا: ما الذي يجري؟ أين جامعة الدول العربية التي تضم 23 دولة؟ أين منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة عربية وإسلامية؟ وهل حقًا نحن أمة نائمة؟ وهل صدق القائل عندما قال إننا نأكل بالأرطال، ونشرب بالأسطال، وننام الليل مهما طال، ونطلب مقامات الرجال؟!

هل عجزت دول العالم ومجلس الأمن الدولي عن إجبار الاحتلال الإسرائيلي على وقف إطلاق النار، وإيقاف المجازر اليومية؟ وأين الشعوب العربية؟ هل عجز بعضهم عن إجبار حكوماتهم على طرد سفراء الاحتلال الإسرائيلي من دولهم؟

أين ذهبت الشعوب العربية؟ وأين اختفى مليارا مسلم؟ ولماذا عجزت الشعوب عن الحراك والتظاهر والتضامن إلّا "من رحم الله"؟

كيف يُعقل أن الشعوب والحكومات العربية والإسلامية عاجزة عن إدخال قارورة ماء إلى قطاع غزة المحاصر، وهي تسمع وتشاهد حرب الإبادة، ويُستشهد كل يوم عشرات الأطفال والنساء بالطائرات الإسرائيلية، وبأطنان القنابل أميركية الصنع والأسلحة المحرمة دوليًا، فتتحول غزة إلى ركام وإلى بركة من الدماء وساحة للجثث والأشلاء الممزقة، ولا شيء ينجو ويسلم من قصف الاحتلال الهمجي؟!

لعلها المرة الأولى في تاريخ الصراع مع المحتل، التي تصل فيها أخبار المجازر والمذابح بالصوت والصورة فور وقوعها، ولعلها المرة الأولى التي تتمايز فيها المواقف وتتّضح حقيقتها في الشرق والغرب، ولعلها أيضًا المرة الأولى التي تقف فيها الشعوب العربية واعية بعجزها كجثة جامدة مخدّرة لا تقوى على الحركة!

إعلان

أين ذهبت الشعوب العربية؟ وأين اختفى مليارا مسلم؟ ولماذا عجزت الشعوب عن الحراك والتظاهر والتضامن إلّا "من رحم الله"؟ لماذا عجزت الحكومات والدول عن إيقاف العدوان؟ أين العلماء ورجال الدين والأمة الإسلامية من مشاهد تمزيق وإحراق نسخ من القرآن الكريم؟ وأين الفتاوى التي كانت تصدر عنهم من قبل؟!

لم تكن حرب الإبادة هذه لتحدث، لولا يقين المحتل الإسرائيلي أن الأنظمة متخاذلة والشعوب نائمة، ولا أحد سيتحرك للدفاع عن أهل غزة وإيقاف المجازر.. كان المحتل على يقين بأن الشعوب العربية تقع خارج معادلة الصراع، بعد أن نجح النظام الدولي عبر وكلائه في ترويض وتدجين الشعوب، وإخضاعها بأدوات القوة الصلبة والناعمة.

ولم يكن الاحتلال الإسرائيلي ليتجرأ على ارتكاب هذه المجازر بآلة القتل الوحشية، لولا الحماية والدعم غير المحدودين من الغرب، وإدراكه أن الأمة في سبات عميق، وكأن القضية لا تعنيها!

أما آن للشعوب العربية والإسلامية أن تستيقظ، وأن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقفة جادة، وأن تكسر حالة الصمت والخنوع المُخزي؟

ومما لا شك فيه أن حرب الإبادة الوحشية على غزة منذ ما يقارب 11 شهرًا، قد أرخت بظلالها على دول العالم الغربي، وكشفت العالم على حقيقته، وأزالت مساحيق الكذب والخداع عن الحضارة وحقوق الإنسان التي تتغنى بها تلك الدول، وكشفت الدول الغربية والأنظمة العربية الحليفة لها، ومحّصت الخبيث من الطيب، فإن لم تستيقظ الشعوب العربية، فستدفع ثمنًا باهظًا، والتاريخ الذي لا يرحم سيسجل ذلك في سجل العار، وإذا ما بقيت الأمة على هذه الحال، فسوف يتمدّد هذا الاحتلال ويتوسع، وسينتشر كالسرطان، وسيجتاح البلاد ولن يرحم شعوبها.

تمر السنوات والأيام، والمجازر تلو المجازر، وتبقى اليد الملطخة بالدماء والعار شاهدة على خبث ودناءة الاحتلال، وشركائه وحلفائه في أحداث غزة.

أما آن للشعوب العربية والإسلامية أن تستيقظ، وأن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقفة جادة، وأن تكسر حالة الصمت والخنوع المُخزي؟ أما آن أوان تذكيرهم "بيقظة ضمير" قبل فوات الأوان، وأن التاريخ سيُسجل، ولن يرحم التآمر على الشعب الفلسطيني؟

فإلى متى تبقى أمة العرب نائمة ومكتوفة الأيدي؟!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان