شعار قسم مدونات

بين الشاشة والواقع.. كيف تغير "الريلز" نظرتنا للعالم؟

blogs السوشيال ميديا
البًا ما تصور مقاطع الفيديو هذه نسخة مصقولة ومنبعثة من أرض الواقع وتعرض أنماط حياة مثيرة (مواقع التواصل)

لقد حولت وسائل الإعلام الجديدة الثقافة العالمية بأكثر من طريقة، من حيث أصبحت هي كمنصات رئيسية لاكتساب المعرفة ونشرها، ما يتيح لنا فهم العالم بشكل أعمق وأوسع. وهذه الوسائل توفر لنا فرصًا غير محدودة للتفاعل والتعلم من تجارب الآخرين، ما يساهم في إثراء معرفتنا وتوسيع آفاقنا الثقافية والاجتماعية.

كم مرة نقوم بتمرير "الريلز" على فيسبوك وإنستغرام بدون وعي وإدراك؟ وهل يمكن أن تنطوي هذه التجربة على تجربة فكرية ونظرية؟ وهل من الممكن فهم العالم بشكل أفضل من خلال دراسة الخيارات التي نتخذها على وسائل التواصل الاجتماعي؟ الجواب هو: نعم، لقد اعتمدت الدراسات التقليدية على اكتساب المعرفة النصية ونشرها كوسيلة لبناء القدرات الفكرية لعدة قرون. ولجأنا إلى هذه الأنواع من المعرفة مرارًا وتكرارًا للبحث عن المعاني والمعلومات الأعمق، والتي بدورها سهلت الخطابات الأكاديمية والاجتماعية والثقافية حاليًا.

تم تصميم ريلز لجذب انتباه المشاهدين والاحتفاظ بهم؛ إذ يعرض التنسيق السريع، إلى جانب الصور والموسيقى الجذابة، تجربة ساحرة. ويمكن أن يكون هذا المحتوى سريع الخطى آسرًا بشكل خاص، ما يؤدي إلى المتابعة لفترة طويلة وسلوكيات الإدمان المحتملة

مقاطع "الريلز": اتجاه جديد في الوسائل

شهدنا ظهور اتجاه جديد وجذاب يسمى "ريلز"، وهو مصطلح يطلق على مقاطع الفيديو القصيرة على إنستغرام وفيسبوك.

غالبًا ما تتميز مقاطع الفيديو القصيرة والسريعة هذه بموسيقى جذابة وانتقالات سريعة، وبذلك تجذب المستخدمين بمحتواها الجميل. ومع ذلك، من الضروري مع استمرار نمو شعبية مقاطع فيديو ريلز فهم التأثيرات العقلية المحتملة التي قد تُحدثها على الأفراد، وقد أصبحت ريلز شكلًا جذابًا من أشكال الترفيه نظرًا لطبيعتها المميزة.

إعلان

وتم تصميم ريلز لجذب انتباه المشاهدين والاحتفاظ بهم؛ إذ يعرض التنسيق السريع، إلى جانب الصور والموسيقى الجذابة، تجربة ساحرة. ويمكن أن يكون هذا المحتوى سريع الخطى آسرًا بشكل خاص، ما يؤدي إلى المتابعة لفترة طويلة وسلوكيات الإدمان المحتملة.

غالبًا ما تصور مقاطع الفيديو هذه نسخة مصقولة ومنبعثة من أرض الواقع، وتعرض أنماط حياة مثيرة، ووجهات خلابة، ولحظات مثالية للصور.. ومن المهم أن ندرك أن ما نراه في مقاطع فيديو ريلز غالبًا ما يكون عبارة عن مقطع مميز، وليس تمثيلًا دقيقًا للحياة اليومية الواقعية.

يمكن للمرء العمل على ظهور ريلز كمنصات لإنشاء المحتوى الرقمي والوصول إليه، والحفاظ عليه بهدف التأثير على الأشخاص، وخلق الوعي بالعلامة التجارية، والدفاع عن قضية اجتماعية، وعرض الإبداع، إلى جانب كونها وسيلة للترفيه

تأثير "الريلز" على الثقافة والاتجاهات الاجتماعية

تُعتبر منصات التواصل الاجتماعي من أبرز الوسائل التي تعكس التغيرات الثقافية والاجتماعية في المجتمعات الحديثة؛ ومن بين هذه المنصات، تبرز مقاطع "ريلز" كأداة فعالة، ليس فقط للمحتوى الإبداعي والترفيهي، ولكن أيضًا كمرآة تعكس المعايير الثقافية والاتجاهات الاجتماعية السائدة.

وفي حين تُستخدم ريلز في المقام الأول للمحتوى الإبداعي والترفيهي، فإن تأثيرها يتجاوز هذا الاستخدام البسيط، حيث تعتبر ريلز نافذة يمكن من خلالها مشاهدة وفهم المعايير الثقافية السائدة، والاتجاهات الاجتماعية المختلفة.

تتيح هذه المنصة للمستخدمين عرض محتوى يعكس اهتماماتهم وأفكارهم، ما يجعلها مصدرًا غنيًا بالبيانات التي تعبر عن الواقع الثقافي والاجتماعي. وتُعد ريلز أكثر من مجرد منصة ترفيهية؛ فهي أداة تعكس نبض المجتمع، وتعطي لمحة جيدة عن التغيرات الثقافية والاجتماعية الجارية.. يمكن للعلماء والباحثين الاستفادة من هذه المنصة للحصول على رؤى دقيقة وشاملة حول المجتمع الحديث، ما يساهم في تعزيز فهمنا للثقافة والتواصل في العصر الرقْمي.

ويمكن للمرء العمل على ظهور ريلز  كمنصات لإنشاء المحتوى الرقمي والوصول إليه، والحفاظ عليه بهدف التأثير على الأشخاص، وخلق الوعي بالعلامة التجارية، والدفاع عن قضية اجتماعية، وعرض الإبداع، إلى جانب كونها وسيلة للترفيه. إحياء الموسيقى والصوت والمعلومات عبر منصات التواصل الاجتماعي له تأثير كبير على الثقافة، حيث يعزز مسارات جديدة للموسيقى العالمية ويكسر حواجز اللغة.

إعلان

بالإضافة إلى ذلك، تستخدم ريلز إنستغرام لتشغيل الحملات الاجتماعية، ما يغير ديناميكيات حركات التغيير الاجتماعي، ويوسع ساحتها من المواقع المحلية إلى الساحة العالمية. وبهذه الطريقة، تخلق هذه المنصات مساحة للنشاط الرقمي الذي يصل إلى جمهور عالمي، ما يغير معايير وطرق التعامل مع النشاط، وبالتالي يؤثر على كيفية اختيار مجتمع معين للنضال من أجل حقوقه وقضاياه.

هذا النوع من الأرشيف الرقمي يعد أيضًا – بطريقة ما- علامة على الثقافة وتحولاتها على مدى فترة من الزمن؛ إذ يجسد إحياء الموسيقى والصوت والمعلومات تحولًا في كيفية تفاعل الناس مع الثقافة والمجتمع، ويتيح للجمهور العالمي الوصول إلى تنوع ثقافي واسع. وبذلك، تعزز هذه المنصات التواصل الثقافي وتفتح الأبواب أمام تبادل الفِكَر والمفاهيم بطرق لم تكن ممكنة من قبل.

التفاعل المستمر مع هذه المقاطع قد يؤدي إلى تأثيرات نفسية وعقلية مختلفة، منها الشعور بالقلق والاكتئاب بسبب المقارنات المستمرة مع الآخرين في المقاطع، والشعور بالنقص أو عدم الرضا عن الحياة الشخصية

التأثيرات النفسية والعقلية لمقاطع "ريلز"

في حين أن مقاطع فيديو ريلز توفر مصدرًا للترفيه، فإنها تمتلك أيضًا القدرة على التأثير سلبًا على الصحة العقلية. وفهم تأثير ريلز على الصحة العقلية أمر بالغ الأهمية لتطوير إستراتيجيات لتعزيز علاقة أكثر صحة مع هذه المنصات الرقمية؛ ويستدعي ذلك الوعي بالآثار النفسية المحتملة لمحتوى ريلز، والحد من الوقت الذي نقضيه في مشاهدة هذه المقاطع، بالإضافة إلى تعزيز التفكير النقدي حول المحتوى المعروض فيها.

والتفاعل المستمر مع هذه المقاطع قد يؤدي إلى تأثيرات نفسية وعقلية مختلفة، منها الشعور بالقلق والاكتئاب؛ بسبب المقارنات المستمرة مع الآخرين في المقاطع، والشعور بالنقص أو عدم الرضا عن الحياة الشخصية.

لذا، يجب التعامل مع محتوى ريلز بشكل مسؤول، من خلال الوعي بأن ما يُعرض ليس دائمًا حقيقيًّا أو شاملًا، والحد من الوقت الذي نقضيه في مشاهدة هذه المقاطع للحفاظ على صحتنا العقلية. ومن خلال فهم التأثيرات المحتملة لمقاطع فيديو ريلز، يمكننا اتخاذ خطوات استباقية للتعامل مع هذه الظاهرة الرقمية بمسؤولية، وضمان ألا تؤثر سلبًا على صحتنا النفسية والعقلية.

إذا كنا نلاحظ أن "ريلز" أو وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على صحتنا العقلية والنفسية، فالتواصل مع الأصدقاء والعائلة، أو المختصين في الصحة العقلية، يمكن أن يوفر إستراتيجيات التكيف والمساعدة في التغلب على التحديات المرتبطة بالاستهلاك الرقمي

طرق الاستمتاع بمقاطع فيديو "ريلز" مع الحفاظ على الصحة العقلية

في عصرنا الرقمي الحالي، تقدم هذه المنصات مثل إنستغرام وفيسبوك مجموعة متنوعة من المحتويات، خاصة في شكل مقاطع فيديو ريلز القصيرة والجذابة. تُظهر هذه المقاطع غالبًا لحظات مثالية من الحياة اليومية أو تقديمات ترفيهية، مما يمكن أن يكون محفزًا وملهمًا.

إعلان

ومع ذلك، فإن استهلاكها واستخدامها المستمر قد يشكلان تحديات للصحة العقلية، ما يؤدي إلى مشاعر النقص أو إلى زيادة في الوقت المخصص للشاشة. وللتعامل مع هذا الواقع بشكل مسؤول، من الضروري اتخاذ إستراتيجيات تركز على الحفاظ على الصحة العقلية، وفي الوقت نفسه الاستمتاع بالمحتوى الرقمي، وهنا نشير إلى:

  • أولًا: التوعية بالحالة العاطفية أمر بالغ الأهمية، مراقبة كيف تؤثر مقاطع فيديو ريلز على مزاجنا تسمح باتخاذ إجراءات استباقية، وإذا شعرنا بالعواطف السلبية فيها فعلينا الاستراحة، والمشاركة في أنشطة تعزز السعادة والراحة، مثل المشي أو القراءة أو قضاء الوقت مع الأحباء، ويساعد هذا أن يعيد التوازن العاطفي لنا. وعلينا أيضًا ممارسة اليقظة الذهنية أثناء مشاهدة مقاطع فيديو ريلز، فهي تساعد على التعرف على طبيعتها المثالية، وبالتالي تخفيف تأثيرها.
  • ثانيًا: تحديد وقت للشاشة أمر أساسي للغاية.. تخصيص فترات زمنية معينة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك مقاطع فيديو ريلز، يمنعها من أن تسيطر على يومنا بالكامل. واستخدام تطبيقات أو ميزات تتبع وقت الشاشة على أجهزتنا يساعد في البقاء على اتصال، والتحكم في عادات استخدامنا.
  • ثالثًا: متابعة الحسابات التي تعزز إيجابية الجسم، والوعي الصحي، والأصالة، توسع المدارك خارج الصور المثالية التي تعرضها ريلز. علاوة على ذلك، دمج استهلاك الرقمنة بأنشطة حياتية حقيقية يعزز لدينا نمط حياة أكثر صحة وحيوية.. قضاء أوقاتنا في هوايات، وممارسة الرياضة، والتفاعل الشخصي، يقلل من الاعتماد على الترفيه الرقمي بالكامل إلى حد ما، والمشاركة الفعّالة في أنشطة غير رقمية تعزز الرضا العام، وتقلل من أهمية ريلز في حياتنا اليومية.

أخيرًا، إذا كنا نلاحظ أن "ريلز" أو وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على صحتنا العقلية والنفسية، فالتواصل مع الأصدقاء والعائلة، أو المختصين في الصحة العقلية، يمكن أن يوفر إستراتيجيات التكيف والمساعدة في التغلب على التحديات المرتبطة بالاستهلاك الرقمي.

إعلان

من خلال اتباع هذه الإرشادات، نأمل أن يتمكن الفرد من الاستمتاع بمحتوى ريلز بشكل مسؤول مع الحفاظ على صحته العقلية إلى حد ما. وهذا يضمن أن تظل وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا للتسلية والإلهام، وتتحقق الاستفادة دون أن تؤثر سلبًا على الحياة اليومية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان