في القديم كان الناس يمتطون الدواب، واليوم يركبون السيارات، وفي المستقبل قد يستقلون وسائلَ نقلٍ مختلفة.. ما نريد التحدث عنه هو طريقة تعامل الناس بعضهم مع بعض، أهي طريقة محترمة، أم هي قضية تحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر؟
طفح الكيل، وأصبح الناس في معاناة مما يتكبدون في الطريق، ازدادت الحوادث، وتراكمت المضايقات وكأنّ الناس منحشرون بين الركن والمقام، أضحت شوارعنا مواسم حج، لا سيما في أوقات الذروة، فأن تذهب بعيدًا خير لك من الوقوع في مخنق الورطة، البعض لا يحرّك سيارته إلا نادرًا ليتفادى الزوبعة، وإذا أراد الخروج تخير الوقت الذي يكون فيه الناس نيامًا؛ ليفر بجلده من منغّصات الطريق، ويتجنب تراشق المشاحنات.
أصبحنا في غابة، يكفي قلق الازدحام في الطرقات، فلماذا نزاحم حياتنا بمزيد توتر؟ الجميع كقدر على نار ينتظر الانفجار، بارود وعود ثقاب، قنابل تنتظر الشرر، هل الحالة السبعيّة رجولة؟
الشعار البارز للسياقة "فن وذوق وأخلاق"، ومن خلال مرآة الطريق، ومشاهدة مواقف الناس، تنعكس لنا طبائع البشر.. أهي راقية كرقي الملاك، أم منحطة كانحطاط البهائم؟ قد ينسلخ البعض من هويته الدينية، ولكن ماذا عن الأخلاق الأصيلة التي يتوارثها الكرام أبًا عن جَد؟
تقدمت سيدة بسيارتها على سيارة رجل حين وجدت مجالًا، فثارت ثائرة الرجل، وفي أول فرصة صرخت عجلاته وأفزعتها بتهور جنونيّ ليلقنها درسًا.. ما وزن هذا الموقف في نظر الفضلاء؟ أهذا بحق موقف بطولي ورجولي، أم يحتاج لنقد في المجالس؟.
شاب آخر سبقته سيدة بسيارتها ولم تحسب حسابًا لتغير لون الإشارة إلى الأخضر، فصنع بأصبعه حركة قذرة قبل أن ينصرف، هل تقبل رجولته هذا الصنيع؟ هل تقبل كرامته أن يصنع بمحارمه ما صنعه بمحارم الناس؟ هناك أخطاء من الطرفين، ولكنّ الحديث عن إنسانيتنا وأخلاقياتنا.. إنّ المواقف الهابطة، والأخلاق الذميمة، ورد الحجر بالحجر، تحتاج لإعادة نظر.
أصبحنا في غابة، يكفي قلق الازدحام في الطرقات، فلماذا نزاحم حياتنا بمزيد توتر؟ الجميع كقدر على نار ينتظر الانفجار، بارود وعود ثقاب، قنابل تنتظر الشرر، هل الحالة السبعيّة رجولة؟ لا نزال نحمل إرثَ البداوة، وجينات العصبيّة، مع تمكين المرأة هناك ثورة وعدم قبول من بعض الرجال، البعض يتندر على سياقة المرأة، وينتظر منها الزلل، الزلل يصدر من الجميع، والمهم هو كم نملك من مثاقيل في موازين الأخلاق؟.
معظمنا يستخدم الطريق، ومعظم الطرقات مزدحمة، والسيارات في ازدياد غير منضبط، وارتفاع وتيرة التوتر يضعنا على حافّة الكارثة، إننا نحتاج لإحلال الأخلاق والتعامل الحسن، ليس من أجل رصيد الحسنات، بل لنتمكن من أن نعيش بسلام.
إننا نحتاج أن نتدارك ما تبقى من إنسانيتنا وأخلاقنا، وإذا ضبط شرطي المرور التصرفات بفرض القانون الصّارم، فمن يضبط تصرفاتنا في سائر مجالات الحياة؟
لانزال بخير، فهناك أشخاص لطفاء مع بني جنسهم، يفسح لك شخص مجالًا رغم أنّه لا يعرفك، أو يقودك لوجهتك إذا غُمّ عليك الطريق، وأفعال الخير كثيرة، هناك نماذج مشرقة تبشر بجيل حضاري.. لا تقل لي ما جنسك، ما اسمك، ما قبيلتك.. ما يهم هو كيف تتعامل؟
للأسف، بعض الناس لا تسير إلا بالقوانين، قد لا يحترم بعض السائقين المشاة والمارّة، وكأنّ مَن أمامه حشرات، فتراه لا يتريث ولا يعير السائرين أيّ بال أو أيّة قيمة، فسيادته وزير أو أمير إذا أصبح خلف المقود! وبعض النساء لا يراعين الانضباط في السير، لهذا تتولد المنازعات كلّ يوم، وعليه من المتوقع تشديد قوانين السير، ورغم إفلاس الجيوب فإنّ مبالغ المخالفات ستزداد.
إننا نحتاج أن نتدارك ما تبقى من إنسانيتنا وأخلاقنا، وإذا ضبط شرطي المرور التصرفات بفرض القانون الصّارم، فمن يضبط تصرفاتنا في سائر مجالات الحياة؟ قل لي كيف سياقتك، أقل لك من أنت!.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.