ندما نتحدّث عن مفھوم البطالة، نجد أنّھا تحمل معانيَ متعددة ومعاییر مختلفة. ومع ذلك، یمكن تلخیص المعنى الشائع للبطالة بأنه: یُعدّ الشخص عاطلًا عندما تكون لدیه الرغبة والقدرة على العمل، لكنّه یجد نفسه بلا فرصةٍ عمل تناسب مھاراته وخبراته.
تعدُّ البطالة ظاهرةً شائعة على الصعيدين: الوطني والعالمي، وهي تثير اهتمام الحكومات والمنظمات والمؤسّسات والنقابات، حیث تسعى إلى معالجتھا أو التقلیل من تأثیرها؛ بسبب الآثار السلبية التي تخلّفها على الأفراد والمجتمعات.
يُعتقد في بعض الأوساط أن مشكلة البطالة واحدة من أبرز التحدیات التي تواجه بلدنا. ومع ذلك، یبدو أنّ التركیز في السنوات السابقة كان على تعیین العاطلین في الوظائف الحكومیة دون وجود إستراتیجیة واضحة
وفي بلادنا -العراق- یُسمع صدى حديثنا عن البطالة بشكل متكرر، والواقع هو أنَّنا نفتقر إلى توصیف دقیق وشامل لھذه المشكلة من حیث المعنى. وإحصاءات وزارات التخطیط والعمل، على الرغم من وجودها، تظلّ تقديرية وغير محدثة بشكل منتظم، وهذا یُعدّ جزءًا من نقص المعلومات، ويزيده غیاب الإحصاء العام للسكان منذ عام 1997.
يُعتقد في بعض الأوساط أن مشكلة البطالة واحدة من أبرز التحدیات التي تواجه بلدنا. ومع ذلك، یبدو أنّ التركیز في السنوات السابقة كان على تعیین العاطلین في الوظائف الحكومیة دون وجود إستراتیجیة واضحة؛ وقد أدى ذلك إلى فشل بعض الجھود للحدّ من البطالة.
على الرغم من أن العديد يرتبطون بشكل كبير بالوظائف الحكومية كمخرجٍ وحلٍّ لمشكلة البطالة، فإن هذا الاعتقاد غالبًا ما يغفل الحقيقة في أنّ القطاع الخاص يمكن أن يكون مصدرًا هامًا لفرص العمل وتحسين الدخل، ومن الضروري بالتالي أن نعید التفكیر في المعالجات المتبعة، ونعزز دور القطاع الخاص في توظيف الكفاءات وتعزيز الاقتصاد.
يتزايد أعداد خريجي الجامعات الذين لم يتمكّنوا من الحصول على وظائف؛ بسبب عدم وجود رؤية حقيقية لدى الدولة العراقيّة، فيما تستمرّ احتجاجات الشباب المُعَطَّلين عن العمل في محافظات عراقية عديدة، لتصل إلى إغلاق مؤسّسات الدولة، ومقارّ الشركات النفطية في جنوبي العراق، على الرغم من تعهُد الحكومة بالعمل على الحد من البطالة والفقر في البلاد.
البطالة لیست مشكلة محدودة النطاق في العراق، بل إنھا تمتد عبر طیات مجتمعنا، وتؤثر على العدید من الأشخاص من مختلف الفئات العمریة والمستویات التعلیمیة. ويعتبر الشباب في العراق من أكثر الفئات تضررًا من البطالة، إذ يكون لديهم الطموح والحماس للعمل، فيصطدمون بصعوبة العثور على وظائف تناسب مهاراتهم أو علومهم التي تعلموها.
إنَّ معالجة مشكلة البطالة تتطلب جهدًا مشتركًا من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ويجب على الحكومة تبنّي إستراتیجیات واضحة لتعزیز النمو الاقتصادي، ودعم قطاع الأعمال. وأمَّا على الجانب الآخر، فيجب على الشركات وأصحاب الأعمال أن یتعاونوا في توظیف الكفاءات المحلیة، وتوفیر فرص التدریب للشباب.
البطالة لیست مجرد مشكلة اقتصادیة، بل إنها تؤثر على الحياة اليومية للأفراد، وتشكل تحدیًا كبیرًا في وجه تحقیق التنمیة والاستقرار في العراق
تعزيز التعليم وتطوير المهارات يمكن أن يكون له دور مهم في مكافحة البطالة؛ ومن المهم أن نستمر في تعليم الشباب وتوجيههم نحو المجالات التي تحتاج إلى القوى العاملة. بالإضافة إلى ذلك، یجب تشجیع ریادة الأعمال، ودعم الشباب في إنشاء مشاريعهم الخاصة.
إن تحقيق التوازن بين القطاعين: العام والخاص يعدّ جزءًا هامًا من الحل، وفي تصريح لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قال: "لا يمكن للدولة أن توظف جميع الأعداد الهائلة من الخريجين".
لذا ينبغي على القطاع الحكومي أن یعمل على تحسین إدارته وزیادة فاعليته؛ لیتمكّن من توظیف المزید من أصحاب الكفاءة. وفي الوقت نفسه یجب على القطاع الخاص توفیر فرص العمل المرنة للعاملین بدلًا من العمالة الأجنبية؛ لخلق بيئة أفضل لمكافحة البطالة في العراق، ويجب على جميع الأطراف العمل سویًا من أجل تحقیق ھذا الھدف.
فالبطالة لیست مجرد مشكلة اقتصادیة، بل إنها تؤثر على الحياة اليومية للأفراد، وتشكل تحدیًا كبیرًا في وجه تحقیق التنمیة والاستقرار في العراق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.