شعار قسم مدونات

اتفاقية تطوير السكك الحديدية والموانئ لزيمبابوي وبوتسوانا وموزمبيق

Government military police patrol the streets of Gorongosa in central Mozambique, ahead of local government elections November 19, 2013. The Frelimo party which has ruled the southern African state since independence in 1975, faces an emerging challenge from the smaller Mozambique Democratic Movement (MDM) in the municipal elections on Wednesday, after the main opposition party and former rebel group Renamo decided to boycott the vote. REUTERS/Grant Lee Neuenburg (MOZAMBIQUE - Tags: POLITICS ELECTIONS)
اتفاقية السكك الحديدية والموانئ بين زيمبابوي وبوتسوانا وموزمبيق تَعِد بفوائد اقتصادية كبيرة (رويترز)

في 15 يوليو/ تموز 2024، وقّعت كل من زيمبابوي وبوتسوانا وموزمبيق في مابوتو (موزمبيق) اتفاقية تحويلية، لتحديث نظام السكك الحديدية بين بيرا وزيمبابوي وبوتسوانا، وإنشاء ميناء جديد للمياه العميقة في تكوبانين بموزمبيق.

ويهدف مشروع البنية التحتية الإستراتيجي هذا إلى إطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية الهائلة في الجنوب الأفريقي، وتعزيز الاتصال وتحفيز النمو في جميع أنحاء المنطقة. ومن المتوقع أن تستفيد بوتسوانا، الغنية باحتياطيات الفحم، بشكل كبير من مسار التصدير الموثوق، في حين ستشهد موزمبيق وزيمبابوي تحسنًا في الخدمات اللوجيستية التجارية وانخفاض تكاليف النقل، ما يعزز اقتصادَيهما.

وفي خِضمّ هذا الاتفاق، تكمن رؤية مشتركة للتكامل الاقتصادي والتنمية؛ إذ تَعِد البنية التحتية الجديدة للسكك الحديدية والموانئ بتسهيل حركة البضائع، وتعزيز العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين الدول المشاركة. ومع إجراء بنك التنمية الأفريقي دراسة لضمان جدوى المشروع، يظلّ الالتزام بالاستدامة البيئية والتعاون الإقليمي أمرًا بالغ الأهمية.

وتُعَدّ هذه الاتفاقية بمثابة منارة أمل لمنطقة جنوب أفريقيا أكثر ازدهارًا وترابطًا، وتضع الأسس لتحقيق قفزة كبيرة إلى الأمام في التنمية الإقليمية. وفيما يلي، سنسلّط الضوء على التأثيرات متعددة الأوجه لهذه الاتفاقيّة التاريخية، مع التركيز على أبعادها الاقتصادية والتكاملية والمستدامة.

تُثبت السوابق التاريخية، مثل هيئة السكك الحديدية بين تنزانيا وزامبيا، أنّ مشاريع البنية الأساسية واسعة النطاق قادرة على التغلب على العقبات الأولية من خلال التعاون الإقليمي الفعّال والتمويل الإستراتيجي

الفوائد الإقليمية للاتفاقية

إن اتفاقية السكك الحديدية والموانئ بين زيمبابوي وبوتسوانا وموزمبيق تَعِد بفوائد اقتصادية كبيرة، وتكامل إقليمي، واستدامة بيئية. ويُعَدّ هذا التعاون مثالًا قويًا للتعاون الإقليمي لتحقيق الأهداف المشتركة.

وسوف تستفيد بوتسوانا، التي تتمتع باحتياطيات هائلة من الفحم، عن طريق تصدير فعال عبر خط السكة الحديدية الجديد، الذي يربط منطقة الفحم سيليبي- فيكوي بميناء تكوبانين في موزمبيق؛ ومن شأن هذا المشروع أن يسهّل عملية التصدير بنمو يصل إلى 16 مليون طن من الفحم والخامات الأخرى سنويًا، ما يعزز اقتصاد بوتسوانا بشكل كبير.

كما ستستفيد موزمبيق وزيمبابوي من انخفاض تكاليف النقل، وتحسين الوصول إلى الأسواق العالمية، الأمر الذي يعزّز قدرتها التنافسية التجارية. ويشير الخبراء إلى أنّ المشروع يمكن أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بعدة نقاط مئوية من خلال تعزيز التجارة والاستثمار.

وفي الوقت ذاته، يجسد المشروع التكاملَ الإقليمي، وهو حجر الزاوية للتنمية المستدامة في أفريقيا.. وسيربط نظام السكك الحديدية الذي طُوِّر بين زيمبابوي وبوتسوانا داخليًا، وميناء موزمبيق الساحلي، ما يؤمِّن ممر نقل سلسًا ومريحًا. ويدعم هذا التكامل التماسك الاقتصادي المتصور في أجندة الاتحاد الأفريقي 2063م، وتسهيل تدفق السلع والخدمات والأشخاص.

فضلًا عن ذلك، يلتزم المشروع في أبجدياته بالاستدامة البيئية؛ حيث تضمن الدراسات البيئية لميناء تكوبانين للمياه العميقة الحد الأدنى من التأثير على منتزه مابوتو الوطني، وموازنة التنمية مع الحفاظ على البيئة. ويتوافق هذا النهج مع أهداف الاستدامة العالمية، ما يعزز جدوى المشروع على المدى الطويل.

وبينما يجادل بعض النقاد بأنّ حجم المشروع قد يواجه تحدياتٍ لوجيستية ومالية؛ فإنّ الإطار التعاوني والتخطيط الإستراتيجي يخففان من هذه المخاوف. ويضمن الاتفاق الثلاثي تقاسم المسؤوليات والمنافع، ما يخفف العبء عن أيّ دولة بمفردها؛ وتعمل مصادر التمويل المتنوعة، بما في ذلك بنك التنمية الأفريقي، والمساهمات الحكومية، واستثمارات القطاع الخاص، على تعزيز الاستقرار المالي.

وتُثبت السوابق التاريخية، مثل هيئة السكك الحديدية بين تنزانيا وزامبيا، أنّ مشاريع البنية الأساسية واسعة النطاق قادرة على التغلب على العقبات الأولية من خلال التعاون الإقليمي الفعّال والتمويل الإستراتيجي.

من الأهمية بمكان أن يظلّ أصحاب المصالح -الحكومات والمؤسسات المالية والقطاع الخاص- ملتزمين ومتعاونين

وفي الختام، بحكم تخصصنا، نرى أنّ اتفاقية السكك الحديدية والموانئ بين زيمبابوي وبوتسوانا وموزمبيق تُعَدّ بمثابة تطور محوري لمنطقة الجنوب الأفريقي برمته. ويمكن الجزم بأن هذا المشروع يَعِد بفوائد اقتصادية جمّة؛ حيث يوفر لبوتسوانا طريقًا صالحًا لتصدير احتياطياتها من الفحم، ويعزز الخدمات اللوجيستية التجارية لموزمبيق وزيمبابوي، وهو يجسد التكامل الإقليمي، ويتوافق مع أجندة الاتحاد الأفريقي 2063، مع الالتزام بالاستدامة البيئية.

ولا نبالغ إن قلنا إنّ هذه الاتفاقية يُنظر إليها على أنها أكثر من مجرد ترقية لوجيستية؛ إنها مشروع تحويلي يطلق العنان للإمكانات الاقتصادية ويعزز التماسك الإقليمي. وإن الجهود المشتركة للدول الثلاث، المدعومة بالتمويل المتنوع والتخطيط الإستراتيجي، ستسلط الضوء على جدوى المشروع وفوائده على المدى الطويل.

ومع تقدم هذه المبادرة التاريخية، فمن الأهمية بمكان أن يظلّ أصحاب المصالح -الحكومات والمؤسسات المالية والقطاع الخاص- ملتزمين ومتعاونين. وسيضمن هذا الجهد الجماعي نجاح المشروع، ما يمهد الطريق لمنطقة جنوب أفريقيا أكثر نماء واتحادًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان