شعار قسم مدونات

المواصي.. أفي كل يوم غارة؟!

صمود أهل غزة والمواصي لا يتضعضع وشكيمتهم لا تفلّ من حدها النكبات (رويترز)

المواصي.. "أفي كل يوم (غارة) ونزوح.. أما للنوى من وَنيَة فيريح".. للأنحاء أن تضجّ نطقًا لما يجري في حرب غزة، غير أنَّ القاموس الفلسطيني هو نوع آخر من البلاغة والعبقرية، لا يتقاطع مع البيت الشعري في هذه الشكوى، وإنما يرمق الفجر المنتظر، ويمهّد الواقع طاويًا جراحًا على جراح فمنذ البدء هكذا الطريق:

دِيرَ ياسين ما نسينا دمانا .. في ربانا تدوسها النظرات

ديرَ ياسين ما نسينا عظامًا .. نسفتها الرياح والهبوات

نحن شعب قد صلّبته المآسي

صهرته الآلام والنكبات

وكما الحال في المواصي وإثر كل غارة على رقعة فلسطينية، تتّضح قوة صمود الساكنة، وتنتظم حلقات الشريط ملخصة للقصة:

جرحتنا مخالب الدهر يومًا .. وتلاقى على ربانا الغزاة

واعتمدنا على سوانا زمانًا .. ولَهَتنا الدموع والحسرات

ثم ترنو المعنويات إلى مصدر إمدادها الحقيقيّ.. إلى الجهد الأسطوري لفتية الرمل والزيتون، وقد شكلوا اليوم رقمًا يراهن عليه:

غير أنّا قد انتفضنا وثرنا .. ثورة لا تردها الفتكات

كما تدين سلسلة الأحداث قوى العالم الدولي، ويشرح من خلالها المجتمع صورته بالنقطة والفاصلة:

نحن شعب قد صلّبته المآسي .. صهرته الآلام والنكبات

نسكن النار لا نبالي لظاها .. زادنا العزم والإبا والثباتُ

بسالة معاذ بن الجموح يوم بدر يوقظونها في الأذهان وقد سار أبناؤهم المنافحون عنهم على خطاها يترسمون ذلك الطريق للعزة والكرامة

الأرض وهم جزء لا يتجزأ، وذاك منوال خاصّ أبلى فيه أهل غزة وفلسطين بلاء فائقًا ما للناس به من طاقة، أفرأيتهم في سوحهم وأثناء التلاقي مع أعدائهم وخلال مصائب وفجائع الحرب الغاشمة.. صمودهم لا يتضعضع وشكيمتهم لا تفلّ من حدها النكبات وموقف صلب لا يلين كبارًا وصغارًا، وما فيهم من صغير، واللقطات المصورة من هنا وهناك بالميدان تنبئك اليقين، فالأمثلة المشاهدة التي تحيي ذاكرة البسالة لأمة الإسلام يزوّدون بها اليوم سجلات الزمن وقد سطروها أفرادًا وعائلات بالترجمات الصادقة لمعاني التضحية والإقدام الأولى.

إعلان

فبسالة معاذ بن الجموح يوم بدر يوقظونها في الأذهان وقد سار أبناؤهم المنافحون عنهم على خطاها يترسمون ذلك الطريق للعزة والكرامة.

وتتعدد أمثلة هذه النماذج والصور التي تتحدث عن قوم كل فلسفتهم أنهم لا يرون الموت سُبة "إذا ما رأته عامر وسلول".

توالت مجازر العدوان هذه لتتكسر بها النصال على النصال، وكم تشرح الطبيعة الغزية عبرها بالملخص المفيد أن مثل فواتيرها لا تجدي للمحتل من شيء في سبيل أهدافه الإستراتيجية، فنتائجها مزيد من القدرة على الثبات والإصرار، فمثل هذه الروح الصامدة هي تمامًا كما قال الأعرابي معلقًا على ما سمعه من جرير: "أفْلت من الموت أربع مرات لا يموت هذا أبدًا"، تلك حقيقة غزة التي تشكل غصة الردى لأعدائها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان