شعار قسم مدونات

احتجاجات كينيا.. هل هي انقلاب جديد في أفريقيا؟

[1/5]Protestors react after police use teargas to disperse them during a demonstration against Kenya's proposed finance bill 2024/2025, in Nairobi, Kenya, June 20, 2024. REUTERS
المتظاهرون والعديد منهم في العشرينيات من العمر يطالبون باستقالة الرئيس وليام روتو (رويترز)

أحدث وصول رئيس كينيا الحالي وليام روتو إلى منصب الرئاسة في منتصف سبتمبر/أيلول 2022، تغييرًا كبيرًا في السياسة الخارجية لهذه الدولة الواقعة شرقي أفريقيا، تميّز بالتوجه نحو تقوية العلاقات مع الغرب على حساب الصينيين، الذين تمكّنوا في عهد الرئيس السابق أوهورو كينياتا من تقوية نفوذهم السياسي والاقتصادي.

لكن، وبدلًا من أن تساهم استثمارات الصين في تغيير الوضع نحو الأحسن، كبّلت القروض ذات أسعار الفائدة المرتفعة اقتصاد البلاد، وأضحت كينيا تعيش على وقع وضع سياسي واجتماعي مضطرب، كنتيجة منطقية لارتدادات الوضع الاقتصادي السيئ، ودفعت هذه الحالة بحكومة الرئيس روتو إلى خيار الاستدانة من صندوق النقد الدولي، الذي بدوره زاد الأمور تعقيدًا إلى أن وصلت إلى الاحتجاجات المطالِبة بتنحيته، والتي شهدتها كينيا في الأيام القليلة الماضية.

يبلغ الدين الوطني لكينيا نحو 80 مليار دولار؛ أي نحو ثلاثة أرباع ناتجها الاقتصادي السنوي، ويذهب 65% من إيراداتها السنوية لسداد ديون البلاد

اقتحم الشباب الغاضبون، شوارع نيروبي يوم الخميس الماضي؛ احتجاجًا على مقترح الميزانية الجديد، الذي يفرض ضرائب على السلع اليومية. ينتمي المتظاهرون – والعديد منهم في العشرينيات من العمر – إلى جيل Z، ويطالب قادة هذا التنظيم باستقالة الرئيس وليام روتو، والإلغاء الكامل لما يقولون إنها خططه الضريبية المدمرة.

إعلان

يبلغ الدين الوطني لكينيا نحو 80 مليار دولار؛ أي نحو ثلاثة أرباع ناتجها الاقتصادي السنوي، ويذهب 65% من إيراداتها السنوية لسداد ديون البلاد. وأجبر هذا الدين الضخم حكومة روتو على خفض العديد من الإعانات، خاصة تلك المتعلقة بالوقود، وتلا ذلك تدابير أخرى لزيادة الإيرادات في عام 2023، بما في ذلك زيادة بنسبة 5% في ضريبة الدخل لأصحاب الدخل المرتفع، وضريبة الإسكان بنسبة 3%، والتي تم جمعها من كل من الموظفين من الطبقة المتوسطة، واندرجت معظم هذه السياسات ضمن مجموعة من الإصلاحات والشروط القاسية التي وافقت كينيا على تنفيذها مع صندوق النقد الدولي، مقابل الحصول على قروض جديدة.

ويُنظر إلى هذه الزيادات الضريبية -بالنسبة لجيل الشباب- على أنها إملاءات من جانب الغرب، وتتحمل السفارة الأميركية أيضًا نصيبًا كبيرًا من اللوم في هذا الأمر؛ لأن سفيرتها ميج ويتمان أشادت بالقانون الجديد قبل بضعة أيام، لكن غضب المتظاهرين ليس موجهًا ضد الحكومة الأميركية فقط، بل ويتعرض صندوق النقد الدولي في واشنطن لانتقادات؛ بسبب حثّه الحكومة الكينية على المزيد من الإيرادات الحكومية، مقابل إنفاق أقلّ على الخدمات، والبنى التحتية، والدعم الاجتماعي.

من المرجح أن ما يحدث في كينيا تنتقل عدواه إلى دول أفريقية أخرى، ليست بمنأى عن الاحتجاجات الاجتماعية، كنتيجة منطقية لسوء الأحوال الاقتصادية

وعلى نطاق أوسع، تسلط الجذور الاقتصادية للموجة الحالية من الاحتجاجات الضوء على الحاجة الملحّة الجديدة لمعالجة الضائقة المالية العميقة، التي تواجهها بلدان أفريقية عديدة، وبالرغم من أن القارة السمراء كافحت أكثر من معظم أجزاء العالم الأخرى؛ للاستجابة للصدمات الاقتصادية التي صاحبت وباء (كوفيد 19)، والغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، فإن أداء كينيا كان أفضل من معظم بلدان القارة.

إذ بلغ معدل التضخم السنوي أقل بقليل من 5%، مقارنة بالمتوسط على مستوى القارة، الذي بلغ 15.7% في نهاية عام 2023. وقد تم إدراج ما يصل إلى 22 دولة أفريقية على أنها تواجه ضائقة الديون، لكن كينيا التي بدت معرضة للخطر بشكل خاص في البداية، تمكنت من تجاوز ذلك لتسوية دفعة سندات اليورو المستحقة بحلول نهاية يونيو/ حزيران.

إعلان

ومن المرجّح أن ما يحدث في كينيا تنتقل عدواه إلى دول أفريقية أخرى، ليست بمنأى عن الاحتجاجات الاجتماعية، كنتيجة منطقية لسوء الأحوال الاقتصادية، وذلك يستوجب من الغربيين والمؤسسات المالية الدولية إظهار المزيد من السخاء في معالجة هذا التحدي في جميع أنحاء القارة التي تشهد نموًا متزايدًا للنفوذَين: الروسي والصيني.. ربما تأتي الحلول من خلال مراجعة التدابير التي دعت إليها مجموعة الأزمات في الماضي، بما في ذلك إعادة هيكلة الديون مع مدفوعات أقلّ وفترات سداد ممتدة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان