هي واحدة من أعرق وأشهر الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية ومن أبرز المؤسسات التعليمية في العالم على الإطلاق، ومنذ تأسيسها في القرن الثامن عشر أنجبت الجامعة الواقعة في قلب مدينة نيويورك، العديد من الشخصيات المؤثرة في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة.
لا يمكننا الحديث عن صناع السياسة الأميركية دون الإشارة إلى فرانكلين ديلانو روزفلت، الرئيس الأميركي الذي قاد الولايات المتحدة خلال فترة الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية. حيث درس روزفلت في جامعة كولومبيا وتخرج منها عام 1904
هي جامعة كولومبيا التي أثر خريجوها بشكل كبير في تشكيل المشهد السياسي الأميركي والعالمي، ومن بينهم العديد من الزعماء والسياسيين الذين تركوا بصماتهم البارزة في تاريخ البلاد وأبزرهم:
- باراك أوباما
يعتبر باراك أوباما واحدا من أبرز الشخصيات السياسية في التاريخ الحديث، حيث تولى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية من عام 2009 إلى عام 2017. ولد أوباما في هاواي ودرس في جامعة كولومبيا حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية قبل أن يكمل دراسته العليا في كلية الحقوق بجامعة هارفارد. وتخرج أوباما من كولومبيا في عام 1983 ومنذ ذلك الحين، عبر مسيرة سياسية ضخمة انتهج خلالها العديد من السياسات الرئيسية مثل إصلاحات الرعاية الصحية والتغير المناخي.
- فرانكلين ديلانو روزفلت
لا يمكننا الحديث عن صناع السياسة الأميركية دون الإشارة إلى فرانكلين ديلانو روزفلت، الرئيس الأميركي الذي قاد الولايات المتحدة خلال فترة الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية. حيث درس روزفلت في جامعة كولومبيا وتخرج منها عام 1904، ومن ثم دخل عالم السياسة، ليصبح واحدا من أبرز الزعماء في تاريخ الولايات المتحدة، حيث اشتهر بسياسته الاقتصادية الجديدة وبرامج الإصلاح الاجتماعي التي ساهمت في إعادة إحياء الاقتصاد الأميركي وتعزيز دور الحكومة الفيدرالية.
- جيانينا هاسلتون
جيانينا هاسلتون، سياسية ومحامية معروفة، تخرجت من جامعة كولومبيا وكانت جزءا من الإدارة الأميركية خلال فترة إدارة الرئيس باراك أوباما. تشتهر هاسلتون بالعمل على قضايا حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وقد أعربت عدة مرات عن دعمها للشعب الفلسطيني وحقوقه في غزة. كما تحدثت هاسلتون عن ضرورة إيجاد حل دائم وشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يحقق العدالة لكافة الأطراف المعنية.
اشتهرت جينسبرغ بدورها كقاضية في المحكمة العليا الأميركية، حيث كانت من أشد المدافعين عن حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية.
- زينب النوباني
تعتبر زينب النوباني واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في مجال السياسة والقانون، حيث تخرجت من جامعة كولومبيا بدرجة الدكتوراه في القانون وعملت كمحامية وأستاذة جامعية قبل أن تنضم إلى الحكومة الأميركية كوزيرة للعدالة. وقد اشتهرت النوباني بجهودها في مجال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، حيث عملت على تعزيز حقوق الأقليات ومكافحة التمييز وتعزيز العدالة الجنائية.
- جيسي جاكسون جونيور
جيسي جاكسون جونيور، السياسي والناشط الحقوقي الشهير، كان أحد الطلاب المتميزين في جامعة كولومبيا. على مر السنين، قاد جونيور حراكًا ناجحًا في دعم العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. كان يشغل مناصب عديدة في الحكومة وكذلك في المجتمع المدني، ودأب دائما على التضامن مع الشعوب المظلومة، بما في ذلك الشعب الفلسطيني في غزة.
- روث بادر جينسبرغ
تعتبر روث بادر جينسبرغ واحدة من أبرز الشخصيات القانونية في تاريخ الولايات المتحدة. ولدت في بروكلين عام 1933، وحصلت على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة كولومبيا في عام 1959. اشتهرت جينسبرغ بدورها كقاضية في المحكمة العليا الأميركية، حيث كانت من أشد المدافعين عن حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية. وازدهرت بادر جينسبرغ في عصر تميزت فيه الولايات المتحدة بالحركة النسائية، ولعبت دورا كبيرا في تعزيز حقوق المرأة والمساواة في المجتمع.
قبل أكثر من 50 عاما، كانت جامعة كولومبيا رائدة لمظاهرات طلابية ضد العنصرية والتمييز، ومعقلا لاحتجاجات مناهضة لحرب فيتنام
إذا لطالما كانت جامعة كولومبيا مفخرة لتخريج القادة والمفكرين الذين يتمتعون بالتفكير النقدي والرؤية الإستراتيجية. ويظهر تأثير الجامعة على مسارات حياة الصناع السياسيين الأميركيين وأدوارهم البارزة في تشكيل المشهد السياسي الأميركي وتحديد سيرة الدول.
إن الجامعة التي شهدت مؤخرا حراكا طلابيا نشطا داعما لقضية غزة وحقوق الإنسان في فلسطين، تتمتع بسمعة قوية في تشجيع النقاش الحر وتعزيز الوعي الاجتماعي بين طلابها.
كما أن لجامعة كولمبيا تاريخ عريق، وسمعة ممتدة من الأنشطة الطلابية، والفعاليات الثقافية، وحرية الرأي، والتعبير. فقبل أكثر من 50 عاما، كانت الجامعة رائدة لمظاهرات طلابية ضد العنصرية والتمييز، ومعقلا لاحتجاجات مناهضة لحرب فيتنام.
ففي عام 1968 نظم طلاب بجامعة كولومبيا العديد من المظاهرات، احتجاجا على مشاركة إدارة جامعتهم في معهد التحليلات الدفاعية (IDA)، الذي يقال إنه أجرى أبحاثا عسكرية حول الأسلحة المستخدمة في حرب فيتنام بالتعاون مع الحكومة.
واحتل الطلاب قاعة "هاميلتون هول" في الحرم الجامعي عام 1968، وبقوا هناك لعدة أيام، وواصلوا احتجاجاتهم في أربعة مبان أخرى، وعلى إثر ذلك طلبت إدارة الجامعة المساعدة من شرطة نيويورك، ليدخلوا في مواجهات مع الطلاب أدت لاعتقال أكثر من 700 شخص وإصابة حوالي 150 شخصا.
كذلك كانت سمعة الجامعة تسبقها في توفير منصات وفضاءات للنقاش والتوعية، وتعزيز فهم أعمق وأكثر حيادية لقضايا الشرق الأوسط، وفى الدفاع عن قضايا الحريات والحقوق.
اعتقلت السلطات الأميركية أكثر من 2000 طالب في الكليات والجامعات الأميركية، ومنذ الثامن عشر من أبريل الماضي، أصبح طلاب جامعة كولومبيا هم حملة لواء النضال في عيون الشباب المؤيد لفلسطين.
وتذخر الجامعة بزخم تاريخي في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية على مدار عقود طويلة لدرجة أنها تعرف بين الدارسين بأنها جامعة بيرزيت (الفلسطينية)، وهو ما يجعل من حالة جامعة كولومبيا أمرا هاما ومتميزا خاصة للقضية الفلسطينية.
فعلى نفس النهج أقام طلاب بجامعة كولومبيا، في أبريل الماضي، مخيمات في الحرم الجامعي تضامنا مع غزة، واقتحموا مبنى "هاميلتون هول".
وبينما تم اعتقال عشرات الطلاب في اليوم الأول، انطلقت شعلة احتجاجات في جامعات أميركية أخرى مثل ميشيغان وكاليفورنيا ومعهد ماساتشوستس في مظاهرات حاشدة جاءت كلها تضامنا مع طلاب جامعة كولومبيا.
واعتقلت السلطات الأميركية أكثر من 2000 طالب في الكليات والجامعات الأميركية، ومنذ الثامن عشر من أبريل الماضي، أصبح طلاب جامعة كولومبيا هم حملة لواء النضال في عيون الشباب المؤيد لفلسطين.
تعهد الطلاب حينذاك بالدفاع عن خيامهم المنصوبة في الحديقة الرئيسية للحرم الجامعي في نيويورك، على الرغم من تهديد الكلية بفصلهم، ودعوا فورا إلى تظاهرة تلاها مؤتمر صحفي "لحماية المخيم".
استمرارا لهذا النضال الطلابي، صوتت كلية الفنون والعلوم التابعة لجامعة كولومبيا لصالح حجب الثقة عن رئيسة الجامعة، نعمت شفيق، التي تعرضت لانتقادات واسعة بسبب تعاملها مع احتجاجات الحرم الجامعي بشأن الحرب على غزة وشهادتها أمام الكونغرس حول هذا الموضوع.
استدعاء الشرطة لن يؤدى إلى قمع الأصوات الحرة، بل يفقد الجامعة نزاهتها وسمعتها، وفى الوقت ذاته يثير حفيظة المزيد من الطلاب وغضبهم.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه تم تقديم الاقتراح بالتصويت من قبل أعضاء هيئة التدريس الذين يترأسون مجلس إدارة الرابطة الأميركية لأساتذة الجامعات فرع جامعة كولومبيا، ومن بين أعضاء هيئة التدريس الذين أدلوا بأصواتهم والبالغ عددهم 709، أيد 65٪ الاقتراح، وعارضه 29٪، فيما امتنع 6٪ عن التصويت.
وانتشرت في أنحاء العالم صور لشرطة مكافحة الشغب أثناء تدخلها في حرم جامعات، بعدما استدعاها رؤساء هذه المؤسسات التعليمية، ما أعاد إلى الأذهان أحداثا مماثلة في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام.
هذه هي جامعة كولومبيا، وهذه قدرتها على التغيير حتى وإن تغيرت سياسة إدارتها في الأونة الأخيرة، وعليه لا بد أن يدرك إدارة الجامعة والعالم أن هذه ليست جامعة عادية، إنها كولومبيا ذات التاريخ والإرث العريق التي لا ترضخ في مواجهة عنف الشرطة أو تخضع تهديدات لجان الكونجرس.
فاستدعاء الشرطة لن يؤدى إلى قمع الأصوات الحرة، بل يفقد الجامعة نزاهتها وسمعتها، وفى الوقت ذاته يثير حفيظة المزيد من الطلاب وغضبهم.
ومع تكشف حجم التناقض -إن لم نقل الزيف- في قيم الحكومات الغربية، فالرهان الآن على الجامعات الأميركية والغربية على حد سواء والتي تقف اليوم في ميادين حرية الرأي والنزاهة، وتضع سمعتها على المحك، فإما أن تحترم قيمها الديمقراطية العتيدة وتدافع عنها لآخر نفس، وإما أن تتوقف عن ريائها وديموقراطيتها المزعومة، وتلقين شعوب العالم دروسا حول الحرية وحقوق الإنسان.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.