قاطع ولا تمل المقاطعة!

المقاطعة الأردنية لمنتجات داعمة للاحتلال
حملات أردنية شعبية لمقاطعة منتجات داعمة للاحتلال (الجزيرة)

المقاطعة هي حركة طوعية عالمية فلسطينية، تدعم القضية الفلسطينية بشكل سلمي، وتهدف إلى إضعاف الكيان الإسرائيلي ومن يدعمه اقتصاديا وأكاديميا وثقافيا وسياسيا، وهي من أكبر الأخطار الإستراتيجية المحدقة بالكيان.

إن مللت المقاطعة بعد كل تلك الشهور، فإن العدو الإسرائيلي لم يمل من قتل أشقائنا الغزيين وذبحهم وتقطيع أوصالهم وتهجيرهم من مكان لآخر، ولم يمل من التنكيل بأطفالهم، وتشتيت شملهم، وتجويعهم وتعطيشهم

منذ بداية الحرب على غزة حملة المقاطعة مستمرة بازدياد، ونشر المنتجات المقاطعة والرموز الثقافية وكل ما له علاقة بدعم إسرائيل آخذ بالازدياد والانتشار عبر وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي. وها نحن بعد ما يقارب ثمانية أشهر من الحرب نرى شركات عالمية كبرى داعمة للكيان صارت تعاني، وهذا دليل قوي على مدى قوة المقاطعة وأهميتها.

لكن للأسف ما يزال هناك بعض المشككين في أثر المقاطعة وأهميتها، فمن الناحية الشرعية فقد أفتى مجموعة من العلماء المعاصرين بوجوب المقاطعة، فهي باب للمجاهدة بالمال، وهي أضعف الإيمان لنشعر أننا نفعل شيئا من أجلهم.

لكن إن مللت المقاطعة بعد كل تلك الشهور، فإن العدو الإسرائيلي لم يمل من قتل أشقائنا الغزيين وذبحهم وتقطيع أوصالهم وتهجيرهم من مكان لآخر، ولم يمل من التنكيل بأطفالهم، وتشتيت شملهم، وتجويعهم وتعطيشهم، وأنت عندما تقبل على شراء شيء يدعم أو متابعة مشهور يدعمهم، أو حتى لايتحدث عنهم كمن أصابه الصمم والخرس.

تذكر دمهم الذي يسفك بلا رحمة، والبيوت التي هدمها الكيان على رؤوس قاطينيها، والأمهات الثكالى التي تحمل جثث أطفالها، والآباء الذين لا يرفضون للان تصديق موت أطفالهم، ورؤية أطرافهم المقطوعة، و سماع أنين جراحهم التي تنزف دون مداوي. تذكر مع كل قرش تدفعه أنك تدفع ثمن المدفع والبارود الذي يدمي أجسادهم، والنار التي تحرق قلوبهم.

قاطع واحتسبه جهادا في سبيل الله، إذا حرمت نفسك طوعا من شيء تحبه وعندك البديل، فهم محرومون كرها ولا يوجد بديل، وإن حجم الألم كبير، والمعاناة فظيعة، فقد مر عليهم ما لم يمر على إنسان من المر والقهر والعلقم.

لقد أخرجوهم من بيوتهم ليعيشوا في خيمة أو أشلاء خيمة، ولن أطلب من العالم الآثم أن يتحرك لاستئصال هذا الورم الخبيث "الكيان الغاصب"، فالعالم يتحرك حسب مصالحه، وليس حسب ما تقتضيه الإنسانية

هم إخوتنا.. وإذا كنت تشعر بما يعانونه ستقاطع حتما، كان الله في عونهم لا ماء ولا غذاء ولا دواء ولو كان بإمكان الاحتلال الغاشم قطع الهواء عنهم لفعل، دمره الله وقطع أوصاله.

إعلان

أصوات أطفالهم والأمهات لا تفارق كل ذي ضمير، ماذا فعلو ليعاقبوا بكل هذا الألم والوجع؟ يطالبون بحقوقهم الشرعية والإنسانية، لم يفعلو شيئا ليستحقوا كل هذا الظلم، المقاومة هي حقهم الطبيعي والمشروع ككل الشعوب الحرة. لكن الأدهى والأمر هو ذلك الصمت الدولي والنفاق العالمي.

إن لم تقاطع حتى هذه اللحظة فمتى ستقاطع؟ إنه أضعف الإيمان، وإن مللت المقاطعة فهم لم يملو الصبر والشكوى إلى الله، فلا تكن ممن يشتكونه، وخذ الموضوع بحزم وجدية.

منذ بداية الحرب لم أشأ الكتابة عنها حتى تنتهي، لم أحسب أن تطول هكذا، وكنت أعتقد أنها ستمر بأيام ككل مرة، ولكن هذه المرة طالت وصعبت، ولا نعرف متى ستنتهي، لكن مانعرفه أنها نكبة أخرى وعذاب لشعب لا يستحق إلا العيش بكرامة وحرية.

لقد أخرجوهم من بيوتهم ليعيشوا في خيمة أو أشلاء خيمة، ولن أطلب من العالم الآثم أن يتحرك لاستئصال هذا الورم الخبيث "الكيان الغاصب"، فالعالم يتحرك حسب مصالحه، وليس حسب ما تقتضيه الإنسانية، ولكني أطلب من كل ذي ضمير حي، فعل ما بوسعه ليقدم شيئا لهذا الشعب المنكوب، وأبسط ما نستطيع فعله هو المقاطعة، لاتمل فهم لا يملون، حتى بعد انتهاء الحرب.

هل مللت من المقاطعة؟

كيف تدعو لهم بالنصر بكلتا يديك وبنفس تلك الأيدي تدفع من أموالك لتقهرهم وتساند عدوهم، لا تناقض نفسك ولا تكن ازدواجيا كهذا العالم مزدوج المعايير، قاطع وتذكر حجم ألمهم ومصيبتهم وادعو الله لهم كثيرا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان