شعار قسم مدونات

كان أسبوعا ثقيلا..

لا يأتي التعاطف شعورا منفردا، بل يترافق التعاطف مع الشعور بالأسى والحزن، وأحيانا الإرهاق والألم بفعل الأحداث المأساوية التي يتابعها المرء
كيف يمكن وضع حد للحزن واعتزال علاقات سامة وأشخاص تافهين مفروضين عليك بحكم العمل أو القرابة؟ (شترستوك)

مر أسبوعا ثقيلا، بالإضافة إلى حرب غزة كانت الأخبار السيئة تتوالى، لقد حدثت أكثر من حادثة كنت أود لو أنني لم أسمع بها، أو أنني  أعتزلت الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، هذا العالم ليس آمنا البتة، الحمد لله أن الله موجود وخلق يوم الأخرة حتى تلتقي فيه الخصوم ويأخذ كل ذي حق حقه، فلا شيء يضيع ولا مقدار ذرة.

هناك مصائب تمر وتنتهي ولكن أخرى تبقى معلقة لا يجد صاحبها التعويض عن ما فقده إلا احتساب أجر الصبر وانتظار الفرج من الله. يارب لك الحمد حتى ترضى، وتعين الناس على همومها.

إن جئت تتحدث عن اعتزال الحزن مهما حاولت لابد من أن تتأثر، تجلس وحدك متألما لتدرك أن صميم المعاناة في قلبك وحدك لا يشاركك أحد فيه، القلب يحتوي على حجرات كل حجرة بها تفاصيل صغيرة قادرة على التألم كلما جاءتها الفرصة

برغم المعاناة في العالم يوجد أشخاص يعيشون تفاهة لا يوجد لها حد، عندما تراهم تسأل نفسك أليسو من عالمنا؟! بقدر ما تحاول الاعتزال فلن تجعل نفسك في قوقعة، ولن تحيط نفسك بجدار، أنت مضطر للتعامل مع التافه ورؤيته مهما حاولت اعتزاله ووضع حدود بينك وبينه.

كانت اليوم إحدى الصديقات تسأل كيف يمكن وضع حد واعتزال علاقات سامة وأشخاص تافهين مؤذيين مفروضين عليك بحكم العمل أو القرابة؟ لم يكن عندي جواب فالأشخاص التافهين أصبحوا مفروضين من كل حدب وصوب، أنت إذا تصفحت هاتفك سترى نماذج منهم، إن فتحت التلفاز لتتابع برنامجك المفضل أو حتى نشرة الأخبار ستجد هؤلاء التفه، لن تستطيع اعتزالهم ولكنك قادر على وضع حدود والابتعاد بالقدر الذي تستطيعه، لن تبني حولك الجدر من أجل شخص أو أشخاص ونسأل الله السلامة.

إعلان

إن جئت تتحدث عن اعتزال الحزن مهما حاولت لابد من أن تتأثر، تجلس وحدك متألما لتدرك أن صميم المعاناة في قلبك وحدك لا يشاركك أحد فيه، القلب يحتوي على حجرات كل حجرة بها تفاصيل صغيرة قادرة على التألم كلما جاءتها الفرصة، يقول الأطباء عليك تجنب كل ما يكدرك حتى تبقى بصحة جسدية ونفسية جيدة، إلا أننا بشر نتفاعل ونتألم ونفرح وما أقل الفرح في الحياة، لا أعرف إن كان هذا حال الدنيا منذ بدء الخليقة أم أنه زمننا الصعب؟!

أحب مقولة (دع الخلق للخالق) التافه وغير التافه الحزين والفرح، فأنت لست وصيا على العالم، لن تمنع شخصا من ملاقاة قدره، ولن تعيد تربية أحد، وليس بمقدورك خلق عالم وفق معاييرك وقيمك

ولكن عليك وضع حد للحزن والتفاهة أيضا، فالحياة تستمر ولا تقف عند لحظة، أحيانا تشعر أنك تركض حتى تصل لمحطة معينة وبعدها تقف، فتدرك عندها أنك مهما وصلت ستستمر بالركض طالما فيك نبض حياة.

كان أسبوعا ثقيلا بأخباره الحزينة، لدرجة أنني أقفلت تلفازي ومواقع التواصل الاجتماعي وعدت للبودكاست واليوتيوب حتى أختار سماع أخبار تسعدني، لأتنفس شيئا جديدا وهواء مختلف، بالمناسبة بقيت فكرة أود قولها لا تسمع الأخبار من طرف واحد فقط، اسمع من جميع الأطراف واحكم بقلبك في نفسك، إن لم يطلب رأيك فلا تبادر به، ولا تميل كل الميل، وإن كان الحزن بعيدا عنك وسمعت به فلا تجعله يأخذ كل قلبك فلن تشفى أبدا، وستعيش متلازما مع المرض، أما إن كان الحزن يمسك شخصيا فعشه وفرغه في الدعاء والصلاة حتى تطمئن ولا تجزع فإن الله معك.

أحب مقولة "دع الخلق للخالق" التافه وغير التافه الحزين والفرح، فأنت لست وصيا على العالم، لن تمنع شخصا من ملاقاة قدره، ولن تعيد تربية أحد، وليس بمقدورك خلق عالم وفق معاييرك وقيمك، فلو كان بمقدور أحد ذلك لفعل الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه، ساعد إن كنت قادر، وضع حدودك التي تحمي بها نفسك، لا تتأثر كثيرا ولا تنكسر، كن كالحياة لا تتوقف، واجعل الدعاء سلاحك، وعلاقتك مع الله هي التي ستمنحك الطمأنينة والقوة وسط هذا العالم الموحش، اللهم قوة، اللهم قوة، اللهم قوة.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان