تدخل إلى ساحة المعرض بمركز الدوحة للمعارض وإذا بأجنحة المعرض تستقطب زوارها وهم من مختلف المشارب والتوجهات، ومتعددو الاهتمامات، كل يجيل النظر على مجموعات الكتب المرصوصة من قبل دور النشر المشاركة في المعرض التي أتت بمذخوراتها من المؤلفات تغذ بها السير حتى أناخت في مضارب مدينة الدوحة حيث يقام معرض الكتاب ونادى مناديها في الناس أن هلموا إلى زاد النفوس وهذا الميدان الخصب من منابع المعرفة.
طائفة من زوار المعرض أتوا إليه وطريقتهم في اقتناء الكتب هي الانتخاب النموذجي، يرون أن الكتب في النهاية ليست سواء وأن منها ما لا يمكن الزهد في الحصول عليه
أحد القادمين، يتأمل الكميات الوافرة من الكتب ونفسه في حالة تقدير لذوي هذه الصناعات الذين يضيئون دروب الحياة بمشاعل التحرير والتأليف، وينشد مقدرا لفئتهم:
كفى قلم الكتّاب فخرا ورفعة .. مدى الدهر، أنّ الله أقسم بالقلم
وهذا زائر آخر شغوف بمعارض الكتب، يرمق المجلدات والأسفار الكثيرة المعروضة محتفيا بها ويقول كما قال القديم إنها "كواكب الحِكم في ظلم المداد" حيث يراها ضياء الناس في دجى الأزمان.
وفي غمرة القادمين، متسوّق لا يود أن له بالكتب حمر النعم، يحاور نفسه حول ما يقتنيه وتتجاذبه العناوين وفي النهاية يجتهد ويأخذ بنصيحة الشاعر حين قال:
ما حوى العلم جميعا أحد .. لا ولو مارسه ألفَ سَنه
إنّما العلم بعيد غوره .. فخذوا من كل شيء أحسنه
وفي الميدان ذاته، طائفة من زوار المعرض أتوا إليه وطريقتهم في اقتناء الكتب هي الانتخاب النموذجي، يرون أن الكتب في النهاية ليست سواء وأن منها ما لا يمكن الزهد في الحصول عليه، وحال هؤلاء في رؤيتهم لبعض الكتب، قريب من حال بعض الأقدمين عندما قال: "لَا تفَارِقُنِي أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ، فِي الْبَلَدِ وَفِي الْخُرُوجِ إِلَى ضِيَاعِي، كِتَابُ الْمُزَنِيِّ، وَكِتَابُ الْعَيْنِ، وَكِتَابُ التَّارِيخِ لِلْبُخَارِيِّ، وَكِتَابُ كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ".
نُتَفٌ مِنْ طَرَائِفِ الْأَخْبَارِ .. وَشُذُورِ الْمُقَطَّعَاتِ الْقِصَارِ
نُزْهَةٌ لِلْقُلُوبِ فِيهَا رِيَاضٌ .. زَيَّنَتْهَا بَدَائِعُ الْأَشْعَارِ
ويقف زائر آخر مأخوذ بما يرى من جديد العناوين ومضامين مجلداتها وبتقليب سريع للصفحات يعود لقرارة نفسه ويقول حقا إن "عقول الرجال في أطراف أقلامها"!
ومن ألوان المؤلفات ما يتعلق بإنتاجات المعرفة ونقدها والحديث عن المؤلفين تقويما لإسهاماتهم وتمحيصا لما قدموه، ينظر قادم شغوف بهذه المجالات، فيقول نعم لا ضير، قد لا ينقص من بعض مؤلفي الكتب ما أثير من الملاحظات إزاء إصداراتهم مدركا أنه "لا يزال المرء في فسحة من أمره ما لم يقل شعرا أو يؤلف كتابا" وفق المقولة الذائعة.
ولبعض الزوار وقوف في مرابع دواوين الأشعار وكتب الأدب منشدا حالهم لدى النظر إلى هذا الضرب من المعروضات:
نُتَفٌ مِنْ طَرَائِفِ الْأَخْبَارِ .. وَشُذُورِ الْمُقَطَّعَاتِ الْقِصَارِ
نُزْهَةٌ لِلْقُلُوبِ فِيهَا رِيَاضٌ .. زَيَّنَتْهَا بَدَائِعُ الْأَشْعَارِ
وهناك من يرغب في تحقيق الاستفادة من موسم المعرض بالجمع بين مختلف مجالات المعرفة حتى إذا ما خلا للقراءة وأوى إلى كتبه ومقتنياته هذه في أوقات المطالعة كان حاله عندها كما قال القديم:
فَلَمْ أَخْلُ مِنْ شَاعِرٍ مُحْسِنٍ .. وَمِنْ عَالِمٍ صَالِحٍ مُنْذِرِ
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.