منذ الإعلان الإسرائيلي الأخير حول حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، تزايدت التساؤلات حول موقف المجتمع الدولي، وبالأخص الولايات المتحدة، من هذا القرار.
تسعى إسرائيل منذ سنوات إلى إنهاء عمل الأونروا؛ بحجة أنها تعرقل جهود السلام، وتُبقي اللاجئين في حالة دائمة من الاعتماد على المساعدات. ولكن، كيف سيكون موقف إدارة ترامب، في حال عودته إلى الرئاسة، من هذه الخطوة؟
يرى ترامب وفريقه أن الأونروا تعزز من حالة اللجوء، وتخلق اعتمادًا طويل الأمد على المساعدات
التاريخ الأميركي مع الأونروا ومواقف إدارة ترامب السابقة
لدى الولايات المتحدة تاريخ طويل من الدعم للأونروا منذ تأسيسها عام 1949، حيث كانت من أكبر المساهمين الماليين للوكالة. لكن موقف الولايات المتحدة من الأونروا تغير بشكل جذري في الفترة الأولى للرئيس دونالد ترامب؛ فقد علّق ترامب التمويل الأميركي للأونروا بالكامل في عام 2018، مدعيًا أن الوكالة "فشلت في حل مشكلة اللاجئين"، واعتبر أنها تُعقِّد عملية السلام.
إضافة إلى ذلك، قامت إدارة ترامب بخطوات أخرى في اتجاه تقليص الحقوق الفلسطينية، مثل تقليص المساعدات الإنسانية، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، ما يعكس موقفًا مؤيدًا للإجراءات الإسرائيلية.
ما الذي يميز موقف ترامب من الأونروا؟
يرى ترامب وفريقه أن الأونروا تعزز من حالة اللجوء، وتخلق اعتمادًا طويل الأمد على المساعدات. حسب تصورهم، يمثل إنهاء دعم الأونروا خطوة نحو فرض حل دائم للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي من خلال دمج اللاجئين في البلدان المضيفة لهم بدلًا من العودة إلى فلسطين. ومن منظور ترامب، يُعتبر بقاء الأونروا عقبة أمام عملية السلام، لأنها تمثل رمزًا لإدامة قضية اللاجئين الفلسطينيين.
لاقى قرار حظر الأونروا انتقادات دولية واسعة؛ فقد عبرت عدة دول أوروبية، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، عن قلقها العميق إزاء هذا القرار، مؤكدة على أهمية دور الأونروا في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة
حظر الأونروا: دوافع إسرائيلية وأخرى أميركية محتملة
يأتي قرار حظر الأونروا ضمن سياسة إسرائيلية أوسع، تهدف إلى تقليل دور المؤسسات الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. من المحتمل أن تدعم إدارة ترامب مثل هذه الخطوة؛ لأنها تتماشى مع رؤيتها لحل الصراع، وتخدم المصالح الإسرائيلية التي تتماشى مع موقف إدارة ترامب من القضية الفلسطينية.
ردود الفعل الدولية على الحظر الإسرائيلي
لاقى قرار حظر الأونروا انتقادات دولية واسعة؛ فقد عبرت عدة دول أوروبية، مثل: فرنسا وألمانيا وبريطانيا، عن قلقها العميق إزاء هذا القرار، مؤكدة على أهمية دور الأونروا في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
ينظر المجتمع الدولي إلى الأونروا كشبكة أمان حيوية للملايين من الفلسطينيين، إذ تقدم لهم الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الغذائية، وتعتبر دعمًا لا غنى عنه لاستقرار المنطقة.
الإدارة الأميركية واحتمالات التأييد أو المعارضة
إذا عادت إدارة ترامب إلى السلطة، هناك احتمال كبير بأن تستمر في دعم السياسة الإسرائيلية بحظر الأونروا. ومع ذلك، قد تواجه الإدارة تحديات داخلية وضغوطًا من الكونغرس، وبعض جماعات الضغط، التي ترى أن تأييد حظر الأونروا قد يؤثر سلبًا على الدور الأميركي في عملية السلام. كما أن تأييد الحظر قد يؤدي إلى توترات مع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، الذين يعتبرون الأونروا جزءًا مهمًّا من الجهود الإنسانية في المنطقة.
دعم الولايات المتحدة لحظر الأونروا قد يجعلها تواجه تحديات عديدة، منها تزايد الغضب الدولي والإقليمي ضد سياساتها في المنطقة، كما أن ذلك سيؤدي إلى تشويه صورتها في نظر الدول التي تدعم حقوق اللاجئين
التداعيات على الاستقرار في المنطقة
إن حظر الأونروا، وتأييد الولايات المتحدة لهذا القرار، يمكن أن يكون لهما تأثيرات سلبية على استقرار المنطقة. بالنسبة للفلسطينيين، تُعد الأونروا أكثر من مجرد منظمة إغاثية؛ فهي رمز لحق العودة، وشاهد على تاريخ اللاجئين الفلسطينيين.. حظر الأونروا قد يؤدي إلى تصاعد التوترات في المجتمع الفلسطيني، خاصة بين اللاجئين الذين يشعرون بالحرمان من حقوقهم التاريخية.
إذا دعمت الولايات المتحدة هذا القرار، فقد تفقد جزءًا من مصداقيتها كوسيط نزيه في النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وهو ما قد يزيد من التوترات الإقليمية.
التحديات التي قد تواجه الإدارة الأميركية في حال تأييدها حظر الأونروا
دعم الولايات المتحدة لحظر الأونروا قد يجعلها تواجه تحديات عديدة، منها تزايد الغضب الدولي والإقليمي ضد سياساتها في المنطقة، كما أن ذلك سيؤدي إلى تشويه صورتها في نظر الدول التي تدعم حقوق اللاجئين، بالإضافة إلى احتمال تأثر نفوذها في الشرق الأوسط سلبًا، خاصةً إذا كانت هنالك معارضة قوية من الاتحاد الأوروبي والدول العربية.
العلاقات مع الدول العربية والإسلامية
تأييد الولايات المتحدة لحظر الأونروا قد يؤثر بشكل كبير على علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، التي تدعم القضية الفلسطينية، وتعتبر حماية حقوق اللاجئين جزءًا مهمًّا من حل الصراع. قد يؤدي هذا الدعم إلى تزايد الغضب الشعبي في الدول العربية، ما يخلق تحديات سياسية جديدة لتلك الدول التي تسعى للحفاظ على علاقاتها مع واشنطن، وقد يزعزع التوازنات في المنطقة.
إن أي قرار يتعلق بمستقبل الأونروا سيكون له تداعيات كبيرة على الأوضاع الإنسانية والسياسية في المنطقة، ما يستدعي دراسة متأنية لأبعاد هذا القرار وتأثيره على الاستقرار الإقليمي
الأبعاد الإنسانية لحظر الأونروا
في حال تنفيذ حظر الأونروا وتأييد الولايات المتحدة لهذا القرار، ستتضرر شريحة كبيرة من الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدماتها.. هذا الحظر قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية والاجتماعية، ما سيزيد من معدلات الفقر والبطالة، كما أن غياب الأونروا سيضع ضغطًا إضافيًّا على الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، مثل: الأردن ولبنان، لتحمل عبء توفير الخدمات لهؤلاء اللاجئين. هذا الوضع قد يؤثر سلبًا على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في تلك الدول.
في الختام، فإن دعم إدارة ترامب في حال عودته للرئاسة لقرار حظر الأونروا يعتمد على مجموعة من العوامل السياسية والدبلوماسية. وعلى الرغم من التوقعات بأن ترامب قد يدعم القرار الإسرائيلي، فإن الضغوط الداخلية والدولية قد تجعل من الصعب تبني هذا الموقف بشكل كامل.
وفي نهاية المطاف، فإن أي قرار يتعلق بمستقبل الأونروا سيكون له تداعيات كبيرة على الأوضاع الإنسانية والسياسية في المنطقة، ما يستدعي دراسة متأنية لأبعاد هذا القرار وتأثيره على الاستقرار الإقليمي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.