شعار قسم مدونات

أهوال سجن صيدنايا

العفو الدولية: إبادة ممنهجة بسجن صيدنايا السوري
أرشيف- العفو الدولية: إبادة ممنهجة بسجن صيدنايا السوري (الجزيرة)

تحررت سوريا من نظام قمعي مخيف، فاللهم بارك لأهلها ووفقهم لسوريا جديدة كما يحلم الشعب السوري..

اختلطت في سوريا الفرحة مع مآسٍ ووجع رهيب وفظيع لما تعرض له المعارضون للنظام البائد، ولا يخيل إليك أي ظالمين هؤلاء الذين قاموا بتعذيبهم، أهم بشر مثلنا يأكلون ويشربون ويتألمون؟! حسبي الله ونعم الوكيل.. والله إنني لم أستطع متابعة الكثير من القصص والمآسي من هول الألم والفظاعة، وأي شيء سيعوضهم غير الرجاء من الله الذي لا ينقطع؟

سجن صيدنايا هو فاجعة ونكبة بحد ذاتها، حتى اللحظة التي أكتب فيها مقالي يبحثون عن سراديب وغرف للمساجين.. حسبنا الله، هذا هو فعل من يعتقد أنه لن يلاقي الله تعالى

المؤلم أنه في هذا العالم لا يوجد رادع للظالمين، فما تزال هناك سجون تعج بمساجين مظلومين ويُعذّبون أشد العذاب، ولكني سأخص بالذكر هنا المعارض السياسي.. لماذا يحكم عليه بأن يذوق العذاب والتنكيل والمأساة في عالمنا العربي؟ المشكلة أن الرئيس السوري  المخلوع أصبح اليوم لاجئًا لدوافع إنسانية! اليوم أصبح يعرف الإنسانية؟! منذ سنوات والمعارضين يذوقون الأمرين، هناك قصص ما تزال تدور في رأسي، أي قلب احتملها؟ وكأنهم عاشوا مع فرعون وتعلموا منه كيف عذب ماشطة ابنته، لا بل أعتقد -وأكاد أجزم- أنهم كانوا منحطين أخلاقيًا ونفسيًا، يمارسون رذيلتهم وانحطاطهم دون وعي وإدراك.

قلبي يؤلمني على تلك الأم الأردنية التي فقدت ابنها أسامة البطاينة منذ ثمانٍ وثلاتين سنة تقريبًا، وماتت وهي تبكي ابنها لا تعرف له مصيرًا، وعلى الفتاة التي قضت في سنوات السجن قرابة خمسة عشر عامًا، وعلى الشاب الذي رأى غيره يموت حرقًا، وعلى فظائع كثيرة لم أستطع متابعتها، هل كان سجانوهم ومعذبوهم يظنون أنهم سيعيشون أبدًا؟

إعلان

ألم يحسبوا للموت حسابًا، وأنهم سيقابلون الله ويحاسبون على كل ما فعلوا؟ ألم يحسبوا لموتتهم حسابًا، هؤلاء شياطين الإنس بل أفظع.

سجن صيدنايا هو فاجعة ونكبة بحد ذاتها، حتى اللحظة التي أكتب فيها مقالي يبحثون عن سراديب وغرف للمساجين.. حسبي الله ونعم الوكيل، هذا هو فعل من يعتقد أنه لن يلاقي الله تعالى، ماذا سيكون لو أنه اكتفى برحيله، وترك عرشه لغيره وعاش بسلام، وترك غيره يعيش كما يريد؟

الحرية سينالها الجميع ولو بعد حين، ما الداعي لكل تلك الآلام؟ فرعون تجبر وطغى وقال أنا ربكم الأعلى.. وفي النهاية أصبح جيفة هو وجنوده الغرقى، وذهبت لغيره، وقامت من بعده ممالك ودول أخرى. هناك مثل عامي يقول: "لو دامت لغيرك كان ما وصلتلك".. وها هي الآن لغيركم يا آل الأسد، فما الداعي لكل هذه الآلام، ولسجن مثل سجن صيدنايا؟

على هذا العالم أن يعيد النظر في إنسانيته، ماذا سيفعل سجناء صيدنايا بأعمارهم وأجسادهم التي تعبت من القهر؟ من الذي سيعوضهم؟ والله إن هناك مشاهد تجعل الشخص يفقد الوعي من هول ما يرى ويسمع من قصص التعذيب!

لن تقوم حضارة وتتطور وفيها الظلم سائد، أقول هذا وأنا مجرد مشاهدة لفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بال الضحايا أنفسهم وأهاليهم؟ هم الآن بحاجة إلى دعم نفسي وطبي، بعضهم يحتاج إلى إعادة تأهيل ولا بد من مراعاة خصوصيتهم وإعطائهم وقتهم هم وأهاليهم، ولا بد للعالم أن يعيد النظر في إنسانيته.. هذا العالم كان يعلم بوجود سجن صيدنايا، ويعلم بوجود الكثير أمثاله من السجون في العالم العربي وغيره، ومنذ عقود.

أتذكر أنني قرأت مرة كتابًا عن معاناة السجناء السياسيين في إحدى الدول العربية في حقبة خلت، كانت معاناة فظيعة تقارب ما حدث في سجن صيدنايا، وما يزال الكثير مما لم يُروَ بعد في أنحاء العالم، ومن القوى العالمية من يتجاهل أو يذكر، كل بحسب مصالحه.

على هذا العالم أن يعيد النظر في إنسانيته، ماذا سيفعل سجناء صيدنايا بأعمارهم وأجسادهم التي تعبت من القهر؟ من الذي سيعوضهم؟ والله إن هناك مشاهد تجعل الشخص يفقد الوعي من هول ما يرى ويسمع من قصص التعذيب!. حسبي الله ونعم الوكيل.

إعلان

آمل لسوريا – وجل دعواتي لها- بغد مشرق، ومستقبل يتنفسون فيه الصعداء بعد كل هذه المعاناة.. وبئس الموت والخزي والعار لكل من مارس التعذيب والتنكيل لهؤلاء السجناء الأبرياء.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان