شعار قسم مدونات

بشار الأسد.. نهاية طاغية

FRANCE - JULY 12: Lebanese President Michel Sleiman, Qatari Emir Hamad Bin Khalifa Al Thani, French President Nicolas Sarkozy And Syrian President Bashar Al-Assad Attend A Press Conference At The Elysee Palace On The Eve Of Paris, In Paris, France On July 12, 2008 - Lebanese president Michel Sleiman, Qatari Emir Hamad Bin Khalifa Al Thani, French president Nicolas Sarkozy and Syrian President Bashar Al-Assad attend a press conference at the Elysee Palace on July 12, 2008 in Paris, on the eve of the Paris summit of the Mediterranean countries - Leaders from some 40 countries -- rich and poor, foes and friends -- meet in Paris on Sunday to launch the Union for the Mediterranean, a flagship project of Nicolas Sarkozy. (Photo by Pool BENAINOUS/HOUNSFIELD/Gamma-Rapho via Getty Images)
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (غيتي)

53 سنة كاملة من حكم آل الأسد انتهت يوم الثامن من ديسمبر/ كانون الأول، وبدأ عهد جديد أشرق بنوره على سراديب معتقلات الظلام والعذاب، بعد أن فُتحت الأقفاص الموجودة فوق الأرض وتحتها.

كان صباح ذلك اليوم استثنائيًا في تاريخ سوريا والسوريين بكل ألوانهم وأطيافهم، ليعلن نهاية كابوس جثم على قلوب الأبرياء والوطنيين، وسلبهم حريتهم.. من أجل أن تحيا ثلة من المجرمين واللصوص والقتلة، اختُزل اسم سوريا في لقب عائلة لا تنتمي إلى الإنسانية.

الأسد، الذي كان يخاطب السوريين من على منبر مصنوع من جماجم الأبرياء، رحل بعد أن انتهت لعبة التحالفات التي مكنته من الحفاظ على حكمه المترهل، معزولًا منبوذًا منعوتًا بـ"المجرم الدموي"

استيقظ الدمشقيون باكرًا على أصوات التهليل والتكبير من المساجد، وتزمير السيارات في شوارع وسط البلد، فيها إعلان فرار طاغية وسقوط نظامه الدموي، وفتحت السجون على مصراعيها لتلامس الحرية تلك الأجساد النحيلة المريضة، بعد أن قضت سنين طويلة معزولة عن الحياة، ومقتربة من الموت في كل لحظة.

سقط الأسد بسيناريو لم يكن يتوقعه الجميع، بعد أن انهارت خطوطه الدفاعية الواهنة كبيت العنكبوت، إذ انتهت لعبة التحالفات التي أبقته في الحكم 14 سنة، اقترف فيها أبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث، وفر هاربًا على متن طائرته تاركًا الجمل بما حمل، وتنكر لجميع من هتفوا باسم نظامه من دون أن يترك لهم رسالة شكر على خدماتهم في تثبيت حكم عائلته الدموية، ليواجهوا مصيرهم بعد أن قُضي الأمر، وعادت سوريا إلى السوريين الحقيقيين.

إعلان

الأسد، الذي كان يخاطب السوريين من على منبر مصنوع من جماجم الأبرياء، رحل بعد أن انتهت لعبة التحالفات التي مكنته من الحفاظ على حكمه المترهل، معزولًا منبوذًا منعوتًا بـ"المجرم الدموي"، وأكد برحيله الذي تم في جنح الظلام أن الطغاة يفرون بجبن لينجوا بجلدهم من ثأر ضحاياهم، وليتركوا للتاريخ أن يسرد على الأجيال القادمة أن طغيانهم وجبروتهم انتهى بطريقة مخزية.

لا بد أن تكون سوريا الجديدة دولة ديمقراطية، تحفظ الحقوق وتصون العهود، وتعبد الطريق لمسار سياسي جديد بعيد عن الحسابات السياسية الضيقة، يحمل تطلعات الشعب السوري في بناء دولة الحق والقانون

بشار الأسد الذي عمر طويلًا، وعزز أركان وأُسس جمهورية الطغيان والاستبداد التي ورثها عن والده حافظ الأسد، ربما يفلت من محكمة الأرض بفراره إلى روسيا، لكنه لا بد أن يواجه محكمة السماء يومًا ليدفع فاتورة ضخمة لقاء الدماء التي أُزهقت في سبيل أن يستمر الجلاد في حكم البلاد بسلطان الخوف.. اليوم، انتهى كل شيء وسقطت الأصنام في الميادين لتُداس بالأقدام.

تعجز الألسنة عن وصف ما وثقته كاميرات الهواتف أمام السجون، بعد أن كُسرت الأقفال عن القبور الإسمنتية التي قضى فيها أحياء وأموات سنين طويلة. مشاهد النساء والأطفال في سجن صيدنايا وهم يغادرون الزنازين، وعلامات العجب الممتزجة بعلامات الفرحة، فيها أجمل اللحظات الإنسانية، وأبهى صور الحرية والانعتاق من نظام سلب البلاد والعباد.

على السوريين أن يأخذوا وقتهم الكافي في هذه اللحظة التاريخية، للتعبير عن مشاعر الفرحة بتحرير بلادهم من قبضة نظام الأسد، وأن يجعلوا من هذا عيد ميلاد سوريا الجديدة، التي دفنت أسوأ حقبة في تاريخ بلد عظيم!

لا بد أن تكون المرحلة القادمة عنوانًا لعهد جديد، يضمد جراح الماضي، ويكافئ تضحيات جميع من هتفوا بحياة سوريا وسقوط نظام الطغيان، لا بد أن تكون سوريا الجديدة دولة ديمقراطية، تحفظ الحقوق وتصون العهود، وتعبد الطريق لمسار سياسي جديد بعيد عن الحسابات السياسية الضيقة، يحمل تطلعات الشعب السوري في بناء دولة الحق والقانون.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان