شعار قسم مدونات

استهداف الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية

عاطف دغلس-الاحتلال ينفذ عمليات هدم في الاغواء للتضييق على الناس وتهجيرهم من الاغوار- الضفة الغربية- الاغوار الفلسطينية الشمالية--منطقة الجفتلك- الجزيرة نت5
الاحتلال ينفذ عمليات هدم في الأغوار للتضييق على الناس وتهجيرهم من الضفة الغربية (الجزيرة)

جددت إسرائيل رغبتها في ضم الضفة الغربية لسيادتها، وهو الأمر الذي لطالما رغبت فيه إسرائيل منذ زمن بعيد.

قال وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، إنه أمر بالاستعدادات لضم المستوطنات في الضفة الغربية. وأضاف سموتريتش، المسؤول عن المستوطنات، أنه أصدر تعليماته لوزارته "بإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة الإسرائيلية".

لا تُعد تلك التصريحات مفاجئة، وليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن صرّح سموتريتش نفسه: "إن حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وإن على إسرائيل الاستيلاء أيضًا على شرق الأردن".. خاتمًا حديثه: "وحَدّها القدس حتى دمشق.. باختصار لدينا الكثير لنطمح إليه". وقد جاءت تصريحات سموتريتس فاضحة لتطرف إسرائيل، لدرجة أن يدينها الغرب المناصر لإسرائيل.

يُعد سموتريتش رجلًا فاشيًا تجاه الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية، كما وصف هو نفسه، وهو يميني متطرف شغل عضوية الكنيست عن "البيت اليهودي"، وهو حزب إسرائيلي صهيوني ديني متطرف، وكتلة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) تضم عمليًا أحزابًا وحركات صغيرة تنشط بشكل أساسي بين المستوطنين، وفي غالبيتها – إن لم تكن كلها- تعود جذورها إلى حزب المفدال الديني، الحزب التاريخي للتيار الديني الصهيوني؛ وكل نواب هذه الكتلة هم من أشد المتطرفين، ومن دعاة ما يسمى "أرض إسرائيل الكاملة"، يريدون توسيع الاستيطان إلى أقصى الحدود.

إعلان

كثيرًا ما يسبب هو وبن غفير المتاعب لنتنياهو، نظرًا لعدم قدرة الأخير على مجابهتهما حتى لا يخسر دعم تلك الفئة، ولتجنب زيادة تصدعات حكومته المتأزمة. كذلك فإنه في الشهور الأخيرة تلاقت رغباتهما المتطرفة مع رغبات نتنياهو الساعية لإطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة، لضمان بقائه في المشهد السياسي وتجنب محاكمته.

تشير القوانين والقرارات العسكرية التي تتخذها إسرائيل، توازيًا مع تصاعد عنف المستوطنين لتطهير المنطقة (ج) عرقيًا من الفلسطينيين، إلى وجود مخطط توسعي إسرائيلي قيد التنفيذ على مراحل محددة لا يُفوِّت الاحتلال الإسرائيلي فرصةً للتسريع منها

تصريحات سموتريتش ليست نقطة البداية

تعمل "إسرائيل" بشكل فعلي على ضم الضفة الغربية منذ زمن ليس بالقريب.. حسب سموتريتش، فإن التغييرات الإدارية التي يرغب في تنفيذها تمثل "تغييرًا جذريًا" يعادل "تغيير تركيبة النظام"؛ وقال سموتريتش إنه تم تخصيص ميزانيات كبيرة لمشاريع البنية التحتية للتوسع الاستيطاني و"الإجراءات الأمنية" للمستوطنات، مضيفًا أن الهدف من مثل هذه الخطة هو "تجنب أن تصبح الضفة الغربية جزءًا من الدولة الفلسطينية".

حسب معهد الأبحاث التطبيقية- القدس (أريج)، أظهر تحليل الخرائط وصور الأقمار الصناعية المتوفرة 243 بؤرة استيطانية منتشرة في الضفة الغربية، تأسست عبر السنوات من منتصف التسعينيات حتى عام 2021.

وحسب المصدر ذاته، أعلنت إسرائيل منذ 1967 عن 140 موقعًا كمحميات طبيعية، وتمثل هذه المواقع 12.5% من مساحة الضفة الغربية، مع خطط لإعلان 53 موقعًا إضافيًا، والهدف الفعلي لهذه الإعلانات هو توسعة المستوطنات الإسرائيلية، وليس الحفاظ على البيئة.

هذا، وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية بذريعة "المحميات الطبيعية"، وتقع مشاريع القوانين المقترحة ضمن استهداف إسرائيل دمج المحميات الطبيعية والمواقع التراثية ضمن دولة الاحتلال لتعزيز السيطرة السياسية والجغرافية.

تشير القوانين والقرارات العسكرية التي تتخذها إسرائيل، توازيًا مع تصاعد عنف المستوطنين لتطهير المنطقة (ج) عرقيًا من الفلسطينيين، إلى وجود مخطط توسعي إسرائيلي قيد التنفيذ على مراحل محددة لا يُفوِّت الاحتلال الإسرائيلي فرصةً للتسريع منها.

يُنظر إلى تصريحات ترامب على أنها تحمل دلالات توسعية، وهو مما لا شك فيه يعزز رغبة الإسرائيليين بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل

عودة ترامب

تمثل عودة ترامب محفزًا أساسيًا لأطماع الإسرائيليين، فهو الرئيس الأميركي الذي اعتمد القدس عاصمة لإسرائيل، وفي عهده تم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، كذلك هو من صرح بأنه عند النظر إلى الخريطة وجد أن إسرائيل تبدو صغيرة جدًا، متسائلًا عما إذا كان هناك طريقة لتوسيع مساحتها.

إعلان

ويُنظر إلى تصريحات ترامب على أنها تحمل دلالات توسعية، وهو مما لا شك فيه يعزز رغبة الإسرائيليين بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل. فيما أتت تعيينات ترامب كفرصة مواتية لن يفرط الإسرائيليون في استغلالها، فحتى الآن أتت تعيينات ترامب لشخصيات هم من كبار مؤيدي إسرائيل، ومن المنتظر أن يقوموا بدور حيوي في تسيير السياسات الإسرائيلية المتطرفة.

من الصعب على إسرائيل أن تفتح على نفسها جبهة مقاومة في الضفة الغربية، في ظل كونها عالقة في غزة ولبنان، وفي ظل التهديد الإيراني

عودة ترامب ليست كافية للسيناريو الخطي

يشمل السيناريو الخطي أن تعطي إدارة ترامب الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ سياساتها المتطرفة في الضفة الغربية، لكن هذا ليس كافيًا، فالولايات المتحدة وإسرائيل ليستا الفاعلين الوحيدين في تلك المسألة، فالشعب الفلسطيني ليس بلقمة سائغة في حلق المحتل ولن يكون كذلك.

يمثل الشعب الفلسطيني دورًا مقاومًا فاعلًا في هذا الملف، من شأنه أن يقلب الأمر رأسًا على عقب.. وليس الشعب الفلسطيني فحسب، فالدول العربية قادرة على أن توقف تصرفات إسرائيل العدوانية، ولديها من الأوراق ما يكفي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، خاصةً أن الإدارات العربية لا يخفى عليها أن توسعات إسرائيل لن تتوقف عند فلسطين، ويمكنها أن تطول حدود الجميع.

ومن الصعب على إسرائيل أن تفتح على نفسها جبهة مقاومة في الضفة الغربية، في ظل كونها عالقة في غزة ولبنان، وفي ظل التهديد الإيراني. كما أن إدارة ترامب من الممكن أن تكون حريصة على عدم إشعال فتيل المقاومة في الضفة الغربية، بحيث تضمن هدوءًا نسبيًا خلال فترة إدارتها لتلميع صورة ترامب عند الأميركيين، وإبقاء مشاريع التطبيع على الطاولة.

في الأخير، ربما يظن الاحتلال الإسرائيلي أنه الفاعل الرئيسي في الملف، لكن المؤكد أن الشعب الفلسطيني المقاوم لن يخرج من المعادلة أبدًا، وستبقى له الكلمة الأخيرة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان