شعار قسم مدونات

الغلو في الدين

ليست للرجال فقط.. أكاديمية تعليم فروسية للنساء والأطفال
الإسلام يقدر دور المرأة في المجتمع ويدعو إلى إعمال عقلها وطاقاتها مع مراعاة الأخلاقيات الإسلامية (الجزيرة)

يعتبر الغلو في الدين من القضايا المهمة في المجتمع العربي المعاصر. على الرغم من أن هذا الموضوع لا يتناول إلا فئة قليلة من الناس، فإنه انتشر بشكل كبير في المجتمع العربي في الآونة الأخيرة. فالغلو في الدين يعد ظاهرة خطيرة يمكن أن تؤثر سلبًا على فهمنا لديننا الإسلامي، مما يعزز الفهم المغلوط عنه ويشوه صورته الحقيقية.

الإسلام يقدّر الاعتدال في فهمه وتطبيقه. يعلمنا أن نعيش حياتنا بسلام داخلي وتوازن بين العبادة والدنيا، بحيث نحقق فائدة للناس من حولنا دون أن نغالي أو نبالغ في تطبيق التعاليم

قال الله تعالى في القرآن الكريم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171]. في هذه الآية، يحذرنا الله – سبحانه وتعالى – من الغلو في الدين، ومن تجاوز الحدود في القول عن الله ورسوله، مشيرًا إلى ضرورة التزامنا بتعاليم الدين بالطريقة المعتدلة والواقعية. فالدين في جوهره هو طريق للسلام والاعتدال، وليس وسيلة لفرض قيود أو تحميل الناس أعباء فوق طاقتهم.

لنأخذ مثالًا بسيطًا على الغلو في الدين الذي قد نراه في بعض المجتمعات: "المرأة يجب أن تبقى في منزلها ولا تخرج إلا للضرورة، وألا يكون لها أي دور في التعليم أو العمل؛ لأن دورها الأساسي هو في المنزل، والتعليم والعمل في أماكن بعيدة يمكن أن يفتح لها" أبواب الفتن"، هذا النوع من الفهم لا يعكس الاعتدال الذي دعا إليه الإسلام، بل يفرض قيودًا على حرية المرأة، ويقلل من دورها الحيوي في المجتمع.

إعلان

الحكمة في الاعتدال في الدين

الإسلام يقدّر الاعتدال في فهمه وتطبيقه. يعلمنا أن نعيش حياتنا بسلام داخلي وتوازن بين العبادة والدنيا، بحيث نحقق فائدة للناس من حولنا دون أن نغالي أو نبالغ في تطبيق التعاليم على حساب الحياة اليومية. الغلو في الدين لا يقتصر على المبالغة في تطبيق بعض الأحكام، بل يؤدي إلى خلق صورة مغلوطة عن الإسلام، ويشوّه معانيه الأصلية التي تدعو إلى الرحمة والرفق.

الإسلام يقدر دور المرأة في المجتمع، ويدعو إلى إعمال عقلها وطاقاتها في خدمة المجتمع، مع مراعاة الأخلاقيات الإسلامية

الدور الحقيقي للمرأة في الإسلام

الإسلام يحترم المرأة ويمنحها مكانة محترمة في المجتمع. السيدة عائشة – رضي الله عنها – كانت من أرفع العلماء في عصرها، وكان لها دور بارز في تعليم الصحابة وتوجيههم. هذا يعكس بوضوح كيف أن الإسلام يقدر دور المرأة في المجتمع، ويدعو إلى إعمال عقلها وطاقاتها في خدمة المجتمع، مع مراعاة الأخلاقيات الإسلامية.

وإذا نرجع للواقع في واقعنا المعاصر، نجد بعض التفاسير التي تبالغ في فرض القيود على المرأة، مما يحرمها من حقوق أساسية مثل التعليم والعمل. على العكس من ذلك، يعزز الإسلام من قيمة العلم والتعاون بين الرجل والمرأة بما يرضي الله، ولا يحجر على حقوق أي منهما.

الإسلام يشجع المرأة على أن تكون جزءًا فاعلًا في المجتمع في جميع المجالات التي تعود بالنفع على نفسها وعلى الآخرين، ما دامت أنها تعمل في إطار تعاليم دينها.

لسنا ضد تطبيق الشريعة ولكننا ضد المبالغة في تطبيق الشريعة لدرجة أن نخلق قيودًا على النساء تفوق طاقتهنّ. هذا النوع من الغلو يعارض التوازن الذي دعا إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: "إياكم والغلو في الدين"، مما يؤكد أن التيسير والاعتدال هما الطريق الصحيح في تطبيق تعاليم الدين.

أمثلة أخرى عن الغلو في الدين

من الأمثلة الأخرى على الغلو في الدين فرض القيود على المرأة بحيث تُمنع من المشاركة في أي نشاط اجتماعي أو ثقافي. هذا النوع من الفهم يؤدي إلى إبعاد الناس عن الهدف الأساسي من الدين، وهو العبادة والطاعة في حدود الاعتدال. الإسلام لم يفرض علينا العزلة أو التشدد، بل دعانا إلى التوازن والتعامل مع الحياة برفق وحكمة.

إعلان

في النهاية، يجب أن نتذكر أن الإسلام دين يسر وليس عسرًا، وأن الغلو فيه لا يعكس حقيقته. علينا أن نعيش ديننا بفهم معتدل ومتوازن، نستفيد منه في حياتنا اليومية دون إفراط أو تفريط، ونساهم في بناء مجتمع يعكس قيم التسامح والمحبة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان