- فوز ترامب ومواصلته دعم حرب الإبادة في غزة والانتهاكات في الضفة
تعد الانتخابات الأميركية من الأحداث الكبرى التي تؤثر بشكل عميق على السياسة الدولية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، التي تحتل فيها القضية الفلسطينية مكانة محورية.
اليوم، وبعد إعلان فوز دونالد ترامب على منافسته كامالا هاريس في انتخابات 2024، تُثار تساؤلات حقيقية حول كيف ستنعكس نتائج هذه الانتخابات على الوضع الفلسطيني، وبالأخص على حرب الإبادة في غزة، التي ما زالت مستمرة منذ أكثر من عام، فضلًا عن تصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين.
فوز ترامب، الذي يمثل العودة إلى سياسات متشددة لصالح إسرائيل، سيزيد من تعقيد الوضع الفلسطيني، ويُسهم في استمرار الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
في ظل فوز ترامب، الذي لطالما كان أحد أكبر داعمي إسرائيل خلال فترة رئاسته السابقة، يتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري والسياسي غير المحدود لإسرائيل، ما يعني أن الحرب على غزة ستستمر دون أي ضغط دولي حقيقي على تل أبيب لوقف العدوان
منذ أن بدأ التصعيد في غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وحتى اليوم، يشهد قطاع غزة واحدة من أسوأ الهجمات الإسرائيلية في تاريخه الحديث.. حرب الإبادة هذه التي أسفرت عن استشهاد الآلاف من الفلسطينيين، بينهم مئات الأطفال، وتدمير آلاف المنازل والمرافق الحيوية، كان لها وقع ثقيل على المجتمع الدولي، الذي ظل في غالبيته عاجزًا عن اتخاذ أي خطوات حقيقية لوقف هذه المجازر.
في ظل فوز ترامب، الذي لطالما كان أحد أكبر داعمي إسرائيل خلال فترة رئاسته السابقة، يتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري والسياسي غير المحدود لإسرائيل، ما يعني أن الحرب على غزة ستستمر دون أي ضغط دولي حقيقي على تل أبيب لوقف العدوان.
كما أن سياسة ترامب التي سعت إلى تعزيز "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" ستزيد من الإمدادات العسكرية لإسرائيل، ما يسهم في استمرار القصف الجوي والتدمير الواسع، الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في القطاع.
وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، فقد تجاوز عدد الشهداء في غزة أكثر من 42,000 شهيد حتى اليوم، منهم نحو عشرة آلاف طفل، مع تدمير ما يزيد عن 85% من المنازل. هذا الوضع يعكس بشاعة المجازر الإسرائيلية في القطاع، ويعزز من القناعة بأن دعم أميركا اللامحدود لإسرائيل يسهم بشكل مباشر في استمرار هذه الجرائم. وهذا ما يثير القلق لدى الفلسطينيين من أن فوز ترامب قد يزيد من شرعية هذا العدوان، ويضمن لإسرائيل أن تظل في مأمن من أي محاسبة دولية.
إن نتائج الانتخابات الأميركية 2024 تأتي في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للشعب الفلسطيني، لا سيما في ظل تصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية؛ حيث تتواصل عمليات القتل والاعتقال على يد قوات الاحتلال، وكذلك عمليات الاستيطان التي تتسارع بوتيرة غير مسبوقة في مناطق الضفة. هذه الانتهاكات، التي تتم بمباركة ودعم كامل من الحكومة الإسرائيلية، تقابَل غالبًا بتجاهل أو تواطؤ من المجتمع الدولي، الذي لا يُظهر أي رغبة جدية في محاسبة الاحتلال على جرائمه.
ترامب، الذي يعتمد في سياسته الخارجية على تعزيز علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل، كان قد أطلق مبادرات مثل "صفقة القرن"، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل
فوز ترامب، الذي كان قد اتخذ خطوات مثيرة للجدل، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، سيكون له تأثير كبير على الضفة الغربية.. من المتوقع أن يتسارع التوسع الاستيطاني في الضفة، في ظل دعم أميركي مطلق لسياسات الاحتلال، ما يعزز من خطط إسرائيل لضم الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس.
وفقًا للبيانات الصادرة عن منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية، شهدت الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة تزايدًا كبيرًا في الاعتقالات التعسفية ضد الفلسطينيين، حيث ارتفعت أعداد المعتقلين الفلسطينيين إلى أكثر من 11,000 معتقل في السجون الإسرائيلية (والعدد يتزايد في ظل الهجمة الشرسة على أبناء الشعب الفلسطيني) في عام 2023/2024.. هذا التصعيد يأتي على خلفية الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، والتي تنامت بشكل ملحوظ خلال فترة ولاية ترامب.
مع فوز ترامب، من المرجح أن يظل دعم الولايات المتحدة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي على حاله، وهو ما يعزز من سياسة إسرائيل القائمة على قمع المقاومة الفلسطينية، وتوسيع نطاق الاستيطان.
ترامب، الذي يعتمد في سياسته الخارجية على تعزيز علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل، كان قد أطلق مبادرات مثل "صفقة القرن"، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل.
من خلال عودته إلى البيت الأبيض، يُتوقع أن يعزز هذا النهج، ويواصل تأكيد الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل، بما يضمن استمرار السياسات الإسرائيلية الممنهجة لتهجير الفلسطينيين وفرض سيطرة كاملة على الأراضي الفلسطينية.
كما أن هذا التصعيد سيؤدي إلى زيادة القمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث من المحتمل أن تتواصل الحملات العسكرية والمداهمات الليلية في المدن الفلسطينية.
سيظل الفلسطينيون في مواجهة تحديات كبيرة، تتطلب تعزيز مقاومتهم، والبحث عن دعم دولي حقيقي لتحقيق العدالة وحقوقهم الوطنية
بالإضافة إلى ذلك، فإن سياسة ترامب في دعم الاحتلال الإسرائيلي تعزز من شعور الفلسطينيين باليأس من المجتمع الدولي وقدرته على تحقيق العدالة لهم؛ وفي الوقت الذي تستمر فيه المجازر في غزة، والانتهاكات اليومية في الضفة الغربية، يبقى الفلسطينيون في مواجهة آلة القمع الإسرائيلية بلا أي دعم حقيقي من القوى الكبرى في العالم.. فوز ترامب سيعني استمرار هذه السياسات، ما قد يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، ويدفعه إلى مزيد من المقاومة.
في المجمل، فإن فوز ترامب في الانتخابات الأميركية 2024 سيكون له وقع ثقيل على القضية الفلسطينية؛ فمن المتوقع أن يستمر دعم الولايات المتحدة المطلق لإسرائيل في ظل سياسته الحالية، ما يعني تصعيدًا إضافيًا في حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على غزة، وزيادة الانتهاكات في الضفة الغربية.
كما أن هذه النتيجة قد تسهم في عزل القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، ما يعزز من سياسة الاحتلال الإسرائيلي للإفلات من العقاب.
في الوقت نفسه، سيظل الفلسطينيون في مواجهة تحديات كبيرة، تتطلب تعزيز مقاومتهم، والبحث عن دعم دولي حقيقي لتحقيق العدالة وحقوقهم الوطنية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.