شعار قسم مدونات

ما الذي نعرفه عن الخوف؟

2- في بعض الحالات يكون السبب في شلل القرار هو الخوف من النتائج-(بيكسلز)
الخوف طاقة مدمرة في الإنسان وهو شعور مُعدٍ إذا شعر شخص ما بالخوف من شيء ما فإن هذا الخوف ينتقل إلى الآخرين (بيكسلز)

"للجزع صوت هامس في العالم، وصاخب في داخلنا.. الجزع لا يناقَش، يتجاهل الناس الحديث عنه علنًا".

يعرَّف الخوف بأنه شعور، أو رد فعل عاطفي، يصيب الإنسان عند تعرُّضه لموقف يشعره بالخطر. والخوف جزء من استجابة البقاء عند الإنسان، ومن الطبيعي أن يكون الإحساس بالخوف غير مريح إلى أقصى حدّ.

خلال تقدمك في رحلتك في الحياة سيكون عليك مواجهة مخاوفك، الخوف شعور طبيعي، فحينما تبدأ مشروعًا جديدًا، أو تخوض مغامرة جديدة، أو تخرج عن المألوف، ستشعر عادة بالخوف.

وللأسف، يسمح معظم الناس للخوف بأن يمنعهم من اتخاذ الخطوات الضرورية لتحقيق أحلامهم، بينما قليلون منهم من لا يسمحون له بأن يمنعهم من القيام بما يرغبون به، أو ما ينبغي عليهم فعله.. "أن يشعروا بالخوف، وأن يفعلوا الأمر على أية حال".

هناك ردود أفعال جسدية ترتبط بالخوف؛ حيث يصبح التنفس وضربات القلب أسرع، مع قُشعريرة وارتجاف، وتعرق وغثيان، واضطراب في المعدة، وقد يكون الوصول إلى التجمد

لماذا نشعر بالخوف؟

منذ آلاف السنين كان الخوف هو الطريقة التي تخبرنا بها أجسادنا بأننا خارج منطقة أماننا، تحذرنا من خطر محتمل، تمنحنا فيضًا من الأدرينالين الذي نحتاج إليه لنهرب بعيدًا، وهذه الاستجابة مفيدة في الأيام التي كانت تطاردنا فيه الضواري، لكن معظم الأخطار التي نتعرض لها في وقتنا الحاضر ليست كلها مهددة لحياتنا.

يقول إبيكتيتوس: "ليست الأشياء ما يزعج الإنسان ويقلقه، بل آراؤه وأوهامه حول الأشياء".

إعلان

يصوغ الخوف فضاءات سلوكنا، ويبدو أنه قد أصبح ظاهرة عامة شاملة، إذ لم يعد هناك منحى في المجتمع في منأى من هذا الشعور، ويزعم عدد من علماء الاجتماع اليوم بأن المجتمع في يومنا الحاضر يمكن وصفه بـ"ثقافة الخوف"، لقد أصبح الخوف عدسة مكبرة محتومة ثقافيًا، نرى من خلالها العالم.

يقول عالم الاجتماع زيغمنت باومان عما أطلق عليه "الخوف المضلل": إنه الخوف الذي ينجمُ عن مواجهة مباشرة مع موضوع خطر، أو عن فرد سبق أن تعرَّض لمثل هذا الموضوع، بالأحرى إنه خوف يتجلى في شكل شعور بالشك؛ أي شعور بوجود مخاطر محتملة قد تباغتنا من دون سابق إنذار، وأن العالم مكان غير آمن.

يصنف الخوف إلى عدة أنواع، وتشمل الآتي:

  • الخوف المتعلق بحالة معينة.
  • اضطراب القلق الاجتماعي.
  • اضطراب الهلع.
  • اضطراب ما بعد الصدمة.
  • الرهاب.

للخوف مسببات كثيرة، كالخوف من الظلام، أو المرتفعات، أو ركوب الطائرة، أو التفاعل الاجتماعي، والخوف من بعض الحيوانات، والخوف من الموت

في الغالب، هناك ردود أفعال جسديَّة ترتبط بالخوف؛ حيث يصبح التنفس وضربات القلب أسرع، مع قُشعريرة وارتجاف، وتعرق وغثيان، واضطراب في المعدة، وقد يكون الوصول إلى التجمد.. إذ يتم تحفيز اللوزة – مركز العواطف في الدماغ -، فترسل إشارات تؤدي إلى إطلاق هرمونات التوتر من الغدد الكظرية، فينطلق الأدرينالين والكورتيزول بكميات كبيرة. فتصيب الجسد أعراض نفسية، مثل: الشعور بالإرهاق، والانزعاج، والشعور بالخروج عن السيطرة.

يمكن لبعض المخاوف أن تشل قدرتك وحركتك فعليًا!. مثل: الخوف من الطيران، أو الخوف من الأماكن المغلقة كالمصاعد.

ليس في مقدور العقل البشري فعل شيء يذكر عندما يعترينا الخوف؛ الخوف طاقة مدمرة في الإنسان، وهو شعور مُعدٍ، إذا شعر شخص ما بالخوف من شيء ما، فإن هذا الخوف ينتقل إلى الآخرين.

للخوف مسببات كثيرة، كالخوف من الظلام، أو المرتفعات، أو ركوب الطائرة، أو التفاعل الاجتماعي، والخوف من بعض الحيوانات، والخوف من الموت.. وكل هذا خوف طبيعي وصحي ناجم عن طلب حماية الإنسان لنفسه.

إعلان

والسؤال هو: هل يمكن لي كإنسان إنهاء الخوف تمامًا؟. ربما لم تسأل نفسك سؤالًا كهذا من قبل؛ لأنك لا تعرف سبيلًا للخروج من دائرة الخوف.

عندما تفكر في هذا السؤال بنية فهم الخوف، وإدراك طبيعته وبنيته وماهيته، وتحتك به بصورة مباشرة، ستلاحظ أنه ليس منفصلًا عنك، بل قابع في كيانك. وهو مرتبط بالماضي الذي يحاول إعادة توليد الحاضر دائمًا وأبدًا؛ ليصبح الماضي ذاكرتنا التي تعرف ذاتنا.

لا يمكننا التخلص من الخوف بسهولة، فلا يمكننا أن نقرر ألا نخاف فحسب، لكن يمكننا التدرب على تغيير نمط ردود أفعالنا على مدى فترة من الزمن.

لا يوجد معيار ثابت لقياس ما يمكن اعتباره مستوى الخطر المقبول، وتكمن المشكلة في عدم وجود سقف لإجراءات الأمان التي يمكن أن نصر على اتخاذها

من الأمور المهمة، التي يجب أن نتذكرها عن الخوف، أننا نصنع معظم مخاوفنا بأنفسنا، فنحن نخيف أنفسنا بتخيل النتائج السلبية.. لا بد من السعي لإيجاد حل لمناخ الخوف الذي نحوط به أنفسنا، بدلًا من العيش فيه.

"الشيء الوحيد الذي يجب أن نخشاه هو الخوف نفسه"، ويعتمد الدور الذي يؤديه الخوف في حيواتنا على قدر ما نسمح له به أن يفعل.

يقوض الخوف الاجتماعي العفوية فيما يتعلق بالآخرين، وبالتالي يقوض العلاقات الاجتماعية.. نحن لا نألو جهدًا في سبيل القضاء على المخاطر جميعها التي تهدد حياتنا وحياة أطفالنا، ولكن يبدو أن خشيتنا من تعرضهم إلى الأذى بطريقة أو بأخرى تُفضي إلى سلبهم تجارب هامة.

لا يوجد معيار ثابت لقياس ما يمكن اعتباره مستوى الخطر المقبول، وتكمن المشكلة في عدم وجود سقف لإجراءات الأمان التي يمكن أن نصرّ على اتخاذها.

إن الخوف شعور طبيعي يصيب الإنسان إذا تعرض لموقف خارج عن المألوف؛ بحيث يسبب له التوتر والقلق والفزع.. ويمكن التغلب عليه ببعض الخطوات:

  • الاعتراف بالمخاوف بدلًا من تجاهلها.
  • مواجهة الخوف بالتعرض التدريجي للموقف، أو الشيء الذي يصيب الإنسان بالخوف.
  • التعبير اللفظي للتحدث عن المخاوف قوة في تقليل الشعور بالخوف.
  • الاسترخاء يساعد في تجنب الشعور بالخوف.

الأشياء التي تمنحنا راحة فورية من الخوف ميالة إلى تغذية ذلك الخوف على المدى البعيد، ففي كل مرة نرفض فيها أمرًا من الأمور نتيجة خوفنا، نؤكد على اعتقادنا بأن ذلك الأمر لم يكن آمنًا

وأخيرًا..

أترغب في أن تشعر بالأمان وتكون شخصًا جيدًا، أم تريد أن تخوض المخاطر وتغدو شخصًا عظيمًا؟

إن أقوى التجارب العاطفية التي مررنا بها ترتبط بشعورنا بالتهديد، إذ يصعب علينا تخيل إمكانية وجود عالم مثير يخلو من عامل الخوف تمامًا، ففي عالم آمن تمامًا، يمكن للخوف أن يكسر رتابة الحياة.

إعلان

إن الأشياء التي تمنحنا راحة فورية من الخوف ميالة إلى تغذية ذلك الخوف على المدى البعيد، ففي كل مرة نرفض فيها أمرًا من الأمور نتيجة خوفنا، نؤكد على اعتقادنا بأن ذلك الأمر لم يكن آمنًا، أو بأننا لم نكن قادرين على التعامل معه، وكلما أبعدنا أمرًا من الأمور عن حياتنا نتيجة الخوف، تقلصت حياتنا قليلًا.

"بوسع المرء تدمير أي من مكنوناته: الحب والكراهية والإيمان وحتى الشك؛ بيد أنه لا يستطيع التخلص من الخوف ما دام متمسكًا بالحياة!".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان