منذ أكثر من سنة، وسكان قطاع غزة يقفون وحدهم في مواجهة القتل الممنهج والتدمير المتعمد لكل مظاهر الحياة في القطاع، ومعاناتهم تزداد يومًا بعد يوم نتيجة الهوان والخذلان العربي والإسلامي، والصمت الدولي المطبق.
جيش الاحتلال الصهيوني الغاصب استهدف شبكات وخزانات المياه في القطاع، ودمّر آبار المياه في القطاع، وفوق ذلك كله قصفت طائراته الحربية غزّيين يسعون للحصول على المياه، وصرخات الأبرياء التي تنقلها وسائل الإعلام من غزّة لا تتوقف
القتل الممنهج
تجاوز عدد الشهداء في القطاع 52 ألف شهيد منذ بدء العدوان، وفي غزة تعددت أنواع القتل وأدواته؛ بالأسلحة الفتاكة، وبالتجويع، واستهداف المستشفيات، وقصف النازحين والأماكن التي ينزحون إليها، رغم مزاعم الاحتلال بأنّها مناطق آمنة!
وإن سعي الفلسطيني في قطاع غزة لجلب كيس من الطحين ليطعم أولاده قد يؤدي إلى استشهاده؛ فجيش الاحتلال يقصف كل شيء، حتى من يسعون من أجل الحصول على الطحين.
وجيش الاحتلال الصهيوني الغاصب استهدف شبكات وخزانات المياه في القطاع، ودمر آبار المياه في القطاع، وفوق ذلك كله قصفت طائراته الحربية غزيين يسعون للحصول على المياه، وصرخات الأبرياء التي تنقلها وسائل الإعلام من غزة لا تتوقف، ومنها صرخة رجل أمام إحدى المدارس التي أحرقها جيش الاحتلال، قائلًا:"لا نجد ماء نطفئ به الحريق".
والجيش، الذي يدعي – زورًا وبهتانًا- أنه الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، يقصف الأبرياء النائمين في الخيام من الأطفال والنساء!. وهذا الجيش (الأخلاقي) يقتل الأطفال الصغار، وهم يسعون من أجل الحصول على بعض البسكويت!. ويستهدف مخيمات اللاجئين، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، وكأن معركته مع النازحين داخل فلسطين لم تنتهِ منذ عام 1948م، وحتى الآن!
المدارس والجامعات هي محاريب للعلم، وقد تحوَّلت إلى أماكن إيواء لمئات الآلاف من سكان غزة، وعلى الرغم من ذلك يتعمّد جيش الاحتلال قصف المدارس التي تؤوي النازحين من النساء والأطفال، واستهدف بالقصف أيضًا المدارس التابعة للأونروا
جثامين الشهداء
الموت له رهبته وقدسيته لدى جميع الشعوب والأجناس ما عدا الصهاينة المجرمين، فهم لا يراعون حرمة، لا للحي ولا للميت، ولذلك رأينا جرافاتهم وهي تجرف جثث الشهداء في محيط مستشفى الشفاء، وفي غيرها من المستشفيات، ورأيناهم كذلك وهم يمثلون بجثث الشهداء، ورأيناهم وهم يدنسون المقابر في غزة ويستهدفونها بالقصف، وكل ذلك على مرأى ومسمع من العالم، فجيش الاحتلال دمر 19 مقبرة بشكل كلي وجزئي.
وجيش الاحتلال (الأخلاقي) يمنع طواقم الإنقاذ من القيام بعملها، وإخراج جثامين الشهداء من تحت الأنقاض، أو حتى رفعها من الشوارع، وهناك أكثر من 10 آلاف مفقود في القطاع منذ بدء العدوان.
قصف المدارس والجامعات
المدارس والجامعات هي محاريب للعلم، وقد تحولت إلى أماكن إيواء لمئات الآلاف من سكان غزة، وعلى الرغم من ذلك يتعمد جيش الاحتلال قصف المدارس التي تؤوي النازحين من النساء والأطفال، واستهدف بالقصف أيضًا المدارس التابعة للأونروا، التي أعلن الحرب عليها، وقرر وقف التعامل معها، مع أنها تابعة لمنظمة دولية وهي الأمم المتّحدة.
كما دمر جيش الاحتلال بشكل كلي 126 مدرسة وجامعة، و339 مدرسة وجامعة بشكل جزئي.
جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب العديد من الجرائم في قطاع غزة، ويأتي في مقدمة هذه الجرائم قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف، واستهداف الكوادر الطبية، فقد سقط 1047 شهيدًا من الطواقم الطبية
قصف المساجد والكنائس
يتباهى جنود الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المساجد، التي كانت من أوائل الأهداف التي قصفها ودمرها الاحتلال بطائراته ودباباته، وتكرر الأمر نفسه في لبنان عندما قصفت قوات الاحتلال مساجد في القرى اللبنانية.
يقول الله عز وجل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواوَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لّلذينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنا نَصَارَى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [سورة المائدة: 82].
كما أن جيش الاحتلال دمر 814 مسجدًا بشكل كلي، وهناك 148 مسجدًا دمرها بشكل بليغ، وهي بحاجة إلى إعادة ترميم، بالإضافة إلى 3 كنائس استهدفها ودمرها الاحتلال.
قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف
جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب العديد من الجرائم في قطاع غزة، ويأتي في مقدمة هذه الجرائم قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف، واستهداف الكوادر الطبية، فقد سقط 1047 شهيدًا من الطواقم الطبية.
ومن جرائم الاحتلال منع الطواقم الطبية في القطاع من القيام بواجبها الإنساني في تقديم المساعدة للجرحى والمصابين، وإخراج العالقين من تحت الركام، وانتشال جثامين الشهداء.. ومن جرائمه اعتقال الكوادر الطبية والتحقيق معهم وتعذيبهم، كما فعل مع الدكتور محمد أبوسلمية، مدير مستشفى الشفاء الطبي وغيره، وبلغ عدد المعتقلين من الكوادر الطبية 310 أشخاص، اغتال الاحتلال ثلاثة منهم.
ومن جرائم الإبادة الجماعية في غزة الحصار الجماعي، ومنع الغذاء والدواء عن نحو مليوني إنسان، وتدمير محطات الكهرباء والمياه، وتدمير آبار مياه الشرب.
يعاني قطاع غزة من حصار خانق منذ عام 2006م وحتى الآن، وتعرّض القطاع لاعتداءات متكررة في أعوام 2008، 2014، و2018، وبدأ آخرها في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023م
التدمير المتعمد للبنية التحتية
الكيان الصهيوني الغاصب كيان معادٍ للبشر والحجر، فهو يستهدف كل مظاهر الحياة، من خلال التدمير الممنهج للبنية التحتية، فقد تعمد جيش الاحتلال منذ بداية العدوان الأخير على غزة نسف مربعات سكنية بأكملها، وتسويتها بالأرض. وآليات الاحتلال الصهيوني تقوم بتجريف الأراضي الزراعية واقتلاع الأشجار، وبخاصة أشجار الزيتون.
وجيش الاحتلال دمّر ما طوله 3130 كيلو مترًا من شبكات الكهرباء، و125 من محولات توزيع الكهرباء الأرضية، و330 ألف متر طولي من شبكات المياه، و655 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي، وكذلك 2 مليون و835 ألف متر طولي من شبكات الطرق والشوارع، وهناك 700 بئر مياه دمرها الاحتلال، وأخرجها عن الخدمة.
وبلغت نسبة الدمار في قطاع غزة 86%، وبلغت الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية في القطاع 36 مليار دولار.
الحصار والنزوح
يعاني قطاع غزة من حصار خانق منذ عام 2006م وحتى الآن، وتعرّض القطاع لاعتداءات متكررة في أعوام 2008، 2014، و2018، وبدأ آخرها في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023م، وذلك الاعتداء كان مخططًا له، ولم تكن عملية طوفان الأقصى هي المبرر لذلك.
وسكان القطاع، الذين يعانون من ويلات الحصار، أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح المتكرر من مكان إلى مكان، وقصف الأماكن التي زعم أنها آمنة، وطوّق شمال القطاع بأحزمة نارية، لكي يجبرهم على النزوح من شمالي القطاع.
ومئات الآلاف من سكان القطاع، وبخاصة سكان الشمال، يواجهون الموت مرات كل يوم، ويفرون من الموت إلى الموت. وتقرير هيومن رايتس ووتش يقول: "إن الهجوم الإسرائيلي على شمالي غزة، المستمر منذ نحو شهر، يهجّر مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين، في عملية قد تشكّل تهجيرًا قسريًا، أي جريمة حرب.. وثّقنا أمر النازحين بترك الملاجئ ثم حرقها أو تدميرها أو احتلالها، بالإضافة إلى قتل المدنيين، وبينهم أطفال".
بضع مئات من المقاومين يواجهون العالم بأسره بصدور عارية وأقدام حافية، وأسلحة بدائية محلية الصنع، وعلى الرغم من ذلك يكبدون جيش الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، منذ بداية العدوان على غزة
الخذلان العربي والإسلامي والصمت الدولي
جرائم الإبادة الجماعية في غزة جعلتنا نعيش أيامًا ما كنا نود أن نعيش فيها، وقد عجزنا عن نصرة إخواننا، ووقف الظلم الواقع عليهم، بل وعجزنا حتى عن إغاثتهم بالغذاء والدواء، وليت الأمر اقتصر على ذلك، فقد وجدنا من العرب من يدعم الكيان الصهيوني بالمال والسلاح والطاقة والغذاء!
والعدوان المستمر على القطاع منذ أكثر من عام أثبت دناءة الضمير العالمي، إلا لدى القلة القليلة التي خرجت من الجامعات معبرة عن رفضها للمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.
فالمنظومة التي يسمونها المجتمع الدولي والمنظمات الدولية – وفي مقدمتها الأمم المتحدة – عجزت عن وقف المجازر الإسرائيلية في القطاع، بل عجزت عن توفير الحماية للمؤسسات التابعة لها في فلسطين!
الصمود الأسطوري للمقاومة
بضع مئات من المقاومين يواجهون العالم بأسره بصدور عارية وأقدام حافية، وأسلحة بدائية محلية الصنع، وعلى الرغم من ذلك يكبدون جيش الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، منذ بداية العدوان على غزة، وحتى الآن، وقد رأينا ورأى العالم بأسره قائدهم الفذ والأسد الهصور يحيى السنوار، وهو يقاتلهم بكل شجاعة وبأس حتى آخر نفس في حياته، ويلقي عليهم القنابل ويرمي طائراتهم المسيرة بعصا أصبحت مضرب الأمثال (رميته بعصا السنوار)، حتى استشهد وهو صائم مقبل غير مدبر، تاركًا للأجيال خلفه إرثًا من المقاومة والصمود، ومن الفخر والعزة.
الدنيا تقوم ولا تقعد إذا قتل فرد غربي في أي مكان من العالم، أما قتل المئات وعشرات الآلاف من غير الغربيين، فهو أمر فيه نظر
خرافة حقوق الإنسان
العدوان المستمر على غزة منذ أكثر من عام شيع حقوق الإنسان إلى مثواها الأخير، واتضح للجميع أنها شعارات كاذبة أطلقها الغرب، وصدقها السذج من الناس في باقي دول العالم، فالمعني بتلك الحقوق هو الإنسان الغربي تحديدًا، وليس أي إنسان في العالم، فالدنيا تقوم ولا تقعد إذا قتل فرد غربي في أي مكان من العالم، أما قتل المئات وعشرات الآلاف من غير الغربيين، فهو أمر فيه نظر.
يقول أديب إسحاق:
قتل امــرئٍ في غابةٍ .. جريــمــةٌ لا تُغــتَـفر
وقتــل شـعبٍ آمــنٍ .. مســأَلةٌ فيــها نــظـر
والحــقُّ للــقــــوَّةِ لا .. يعــطاهُ إلا مَن ظـفر
ذي حالة الدنيا فكـن .. من شرّها عَلَى حذر
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.