منذ تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة في إسرائيل، ظهر حُلم ضم الضفة الغربية كهدف إستراتيجي رئيسي في السياسة الإسرائيلية. يقود هذا الحلم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي يرى أن الضم الكامل للضفة الغربية سيحقق ما يسميه "إسرائيل الكبرى"، ما سيعزز الأمن الإستراتيجي لإسرائيل، ويكرس سيادتها على أراضٍ يعتبرها جزءًا من "إسرائيل التوراتية".
هذه الرؤية لا تقتصر على الطابع العسكري فقط، بل تتضمن أيضًا توسيع المستوطنات وفرض القوانين الإسرائيلية على الفلسطينيين، ما يشكل تهديدًا وجوديًا للفلسطينيين، ويحرمهم من حقوقهم الأساسية.
الخطوة التي يروج لها سموتريتش للضم الكامل، إذا تمت في بداية عام 2025، فستعني تطبيق السيادة الإسرائيلية بشكل شامل على الضفة الغربية المحتلة. وهذا سيؤدي عمليًا إلى القضاء على أي أمل في تحقيق حل الدولتين، الذي يطالب به المجتمع الدولي؛ فالضم هنا لا يتعلق فقط بتوسيع المستوطنات أو تكثيف السيطرة العسكرية، بل يسعى إلى إدماج الضفة الغربية في النظام القانوني الإسرائيلي، ما يجعل من حل الدولتين فكرةً غير قابلة للتحقيق، ويهدد بنسف أي جهود دولية لإحياء عملية السلام.
هذا التوجه يشير إلى تصعيد كبير في سياسة الاحتلال تجاه الفلسطينيين، خاصة في المدن الكبرى مثل القدس والخليل، ما يفتح الباب أمام موجة من العنف المتصاعد.
يشكل مشروع الضم تحديًا للمجتمع الدولي، خصوصًا مع الانقسامات الواضحة بين القوى الكبرى حول هذا الملف؛ فمن المتوقع أن تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بشكل غير مشروط في هذا المشروع، بينما ستعارضه دول أوروبية وعربية عديدة، وتعتبره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة
من جهة أخرى، الآثار المباشرة لهذه الخطوة ستكون كارثية على الفلسطينيين، إذ إن ضم الضفة الغربية يعني أن الشعب الفلسطيني سيصبح تحت إدارة إسرائيلية مباشرة، تتبع ممارسات عنصرية كالتهجير القسري والتضييق على حرية التنقل.
فالضفة الغربية التي تشكل جزءًا من الهوية الفلسطينية التاريخية ستتعرض للتقسيم والتجزئة، ما سيعزز سياسة الفصل العنصري التي تنتهجها إسرائيل، عبر تفتيت الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى معازل مفصولة بعضها عن بعض، لتصبح مناطق متناثرة فاقدة لأي ترابط جغرافي.
وفيما يتعلق بردود الفعل الفلسطينية، من المتوقع أن يتصاعد مستوى المقاومة على الأرض، سواء عبر المقاومة المسلحة أو الانتفاضات الشعبية، في محاولة للتصدي لمخططات الاحتلال.
إن استمرار الاحتلال في توسيع المستوطنات واقتحام المدن والقرى سيزيد من تفاقم الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما قد يؤدي إلى تفجير الوضع الأمني، وزيادة التوترات داخل المجتمع الفلسطيني.
على الصعيد الدولي، يشكل مشروع الضم تحديًا للمجتمع الدولي، خصوصًا مع الانقسامات الواضحة بين القوى الكبرى حول هذا الملف؛ فمن المتوقع أن تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بشكل غير مشروط في هذا المشروع، بينما ستعارضه دول أوروبية وعربية عديدة، وتعتبره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ورغم أن ردود الفعل الدولية قد تبقى في إطار الإدانة السياسية والمطالب الدبلوماسية، فإن الضغط الدولي قد يزيد من عزل إسرائيل، ويُتوقع أن تزداد المطالب بفرض عقوبات على إسرائيل، ما قد يؤدي إلى تضييق الخناق الدولي على حكومة الاحتلال في حال تنفيذ الضم.
إقليميًا، سيؤدي مشروع الضم إلى تعميق الخلافات بين إسرائيل والدول العربية، حيث من المرجح أن تعيد بعض الدول العربية النظر في موقفها من إسرائيل في ظل اتفاقيات التطبيع الأخيرة.
ورغم أن عددًا من الدول العربية أبدت مواقف توافقية في إطار اتفاقيات أبراهام، فإن مشروع الضم سيعيد الموقف العربي إلى دائرة التصعيد. فقد يزيد الدعم العربي للمقاومة الفلسطينية، سواء على الصعيد العسكري أو الدبلوماسي، ما قد يعزز دعوات وقف التطبيع وفرض عقوبات على إسرائيل، وقد يكون للحركات الفلسطينية دور في تحفيز انتفاضات جديدة في الأراضي المحتلة، لإحياء روح النضال الفلسطيني.
بينما تحاول إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض، يظل الشعب الفلسطيني متمسكًا بحقوقه التاريخية، ويستعد لمواجهة جديدة قد تكون من أقوى مراحل الصراع، حيث لن تُفرض الحقائق على الأرض دون مواجهة شديدة من الفلسطينيين وحلفائهم
وبالنظر إلى التبعات الكبيرة لمشروع الضم، فإن هذا التصعيد يمثل تهديدًا لتوازن الحياة اليومية في الداخل الفلسطيني، حيث سيواجه الفلسطينيون المزيد من القيود والتهجير القسري، ما سيزيد من حدة المواجهات العسكرية.
أما على الصعيد الدولي، فستكون إسرائيل أمام اختبار صعب فيما يتعلق بمدى قدرتها على التوسع في سياسات الضم وسط انتقادات عالمية واسعة. وعلى الصعيد الإقليمي، فإن مشروع الضم قد يضعف جهود التطبيع، ويزيد من عزلة إسرائيل إقليميًا، خاصة مع تصاعد دعم الدول العربية للمقاومة.
في نهاية المطاف، يعكس حلم سموتريتش بضم الضفة الغربية مطلع عام 2025 مرحلة جديدة من التصعيد، تحمل انعكاسات خطيرة على الفلسطينيين والمجتمع الدولي والمنطقة بأسرها.
وبينما تحاول إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض، يظل الشعب الفلسطيني متمسكًا بحقوقه التاريخية، ويستعد لمواجهة جديدة قد تكون من أقوى مراحل الصراع، حيث لن تُفرض الحقائق على الأرض دون مواجهة شديدة من الفلسطينيين وحلفائهم.
في النهاية، تبقى القضية الفلسطينية صراع شعب يتوق إلى الحرية، ويواجه محاولات الاحتلال المتكررة لتغيير الحقائق على أرضه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.