قبل بداية العام المقبل، تُتاح لنا فرصة جديدة لنعيد تقييم حياتنا.. كان العام 2024 مليئًا بالتحديات والأحداث، التي لو فقهنا عمقها لبنينا شخصيات متكاملة، واستغللناها كفرص للنمو والتعلم.
العديد من التحديات التي أثرت على مختلف الأصعدة، من الأزمات الاقتصادية إلى الإنسانية، كانت بمثابة اختبار حقيقي لقدرتنا على التكيف والصمود.. الأوبئة، والنزاعات، والاضطرابات السياسية، شكلت عناوين رئيسية في الأخبار، ما جعلنا نعيد التفكير في كيفية تعاملنا مع الأزمات، وأحداث غزة كانت مثالًا بارزًا على ذلك.
من كل تجربة نمر بها، هناك درس يجب أن نتعلمه!. علمتنا الأحداث الكبرى في عام 2024 أن العزيمة والتخطيط المُحكم للأهداف والإعداد القوي، ذلك هو السبيل الوحيد لتجاوز الصعوبات وتحقيق الأهداف.
معركة "طوفان الأقصى" كانت أبرز مثال على ذلك، حيث أظهرت لنا أهمية الإعداد في النجاح ومواجهة الأزمات؛ إذ ترى بعض الأبطال يقوم بتحضير رسائل الماجستير في المخيمات، وتعلم أن آخرين كتبوا روايات داخل السجون، مثل الشهيد يحيى السنوار.
وكانت هناك دروس في المسؤولية، فهنا طفلة تسير حافية القدمين تحت شمسٍ مُحرقة، حاملةً على ظهرها أختها الصغيرة، وتقول إنها ليست ثقيلة.. إنها أخت.
في عامٍ فقد فيه العالم الإسلامي قادة عظماء مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار، ممن باعوا أرواحهم في سبيل القضية، لكن القضية الفلسطينية ليست مرتبطة بأشخاص؛ فقد استمرت الدعوة الإسلامية بعد استشهاد حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب
- أحداث تاريخية وصمود الأبطال
مر عام شهد أعظم الأحداث التاريخية!. معركة طوفان الأقصى، التي شكلت انعطافة تاريخية في الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، هذه المعركة كشفت عن ضعف البنية الرئيسية للكيان الصهيوني وهشاشته، وأثبتت إمكانية هزيمته ودحره من فلسطين إلى الأبد.
إن معركة الطوفان ليست مجرد صراع؛ إنها تجسيد لعظمة الإرادة والتحدي الإسلامي.. الأرض تشهد على بسالة الأبطال الذين يكتبون تاريخًا جديدًا بدمائهم وتضحياتهم، ولسان حالهم يقول: لا مكان لليأس في قلوبنا، فنحن في قلب المعركة، نحقق النصر المؤزر، نسير نحو المجد متحدين كل الصعاب، مؤمنين بأن النصر حليفنا.
- دور الشباب
واجهت سواعد الأبطال الشباب منظومة متكاملة من المؤامرات الدولية والمحلية الرامية إلى إسقاط منظومة القيم والقضية الإسلامية. هؤلاء الشباب، غير المعروفين بوجوه محددة أو أسماء، يحملون على أكتافهم آمال أمة بأكملها، يدافعون عن كرامتها وحقها في الدين، يخوضون المعارك بشراسة، ويدركون أن الانكسار يعني المزيد من المعاناة.. عندما نراهم يواجهون دبابات الاحتلال بعبوة ناسفة، فإن هذه الصورة تجسد عنفوان الشباب الإسلامي، ودفاعهم عن الحرية والكرامة.
- فقدان القادة
في عامٍ فقد فيه العالم الإسلامي قادة عظماء مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار، ممن باعوا أرواحهم في سبيل القضية، لكن القضية الفلسطينية ليست مرتبطة بأشخاص؛ فقد استمرت الدعوة الإسلامية بعد استشهاد حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب، وستظل القضية الفلسطينية مشتعلة رغم الصعوبات.
آخر درس في الشجاعة والأمل لحظات استشهاد يحيى السنوار، ورميه الطائرة المسيرة، بعصا رغم الجراح التي أصابته
- الإنسانية الزائفة
من المهم أن نتحدث في نهاية هذا العام عن الإنسان في زمن غابت فيه الإنسانية، المنظومات الغربية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان تكشف زيفها، بينما نرى مشاهد القتل والترويع للضعفاء في غزة.
- نموذج المقاومة ودروس القيادة
عام قدمت فيه المقاومة الفلسطينية نموذجًا حيًّا للقيادة الفعالة، حيث تجسدت قيم التضامن، والابتكار، والتكيف، والروح الجماعية، والإلهام والتحفيز، والاستدامة والابتكار، والتواصل الفعال.. إن الدروس التي تقدمها المقاومة ليست مقتصرة على السياق الفلسطيني فحسب، بل يمكن أن تُستَخدم في مختلف مجالات القيادة على مستوى العالم!. وآخر درس في الشجاعة والأمل لحظات استشهاد يحيى السنوار، ورميه الطائرة المسيرة، بعصا رغم الجراح التي أصابته.
فهْم هذه الدروس يمكن أن يسهم في بناء قيادات قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف.
- التخلص من العوائق
دعونا نتخلص من كل ما يعيق تقدمنا.. يجب أن نحرق كل قصة قديمة استنزفت طاقتنا، ونبدأ في كتابة فصول جديدة مليئة بالأمل.. لا ندع خيبات الماضي تؤثر على حبر أرواحنا، بل نستغلها كدروس تساعدنا على التقدم.
دعونا نؤمن بأن كل تحدٍّ يمكن أن يتحول إلى فرصة، وأن النصر هو حليف من يسعى ويعمل بجد.. فلنجعل من العام الجديد بداية جديدة، مليئة بالتصميم والإرادة
- استقبال الفرص الجديدة
عام جديد يعني فرصًا جديدة، فلنستقبل القادم بقلوب مفتوحة وعقول متقبلة.. لنبذل جهدًا لصنع السعادة لأنفسنا وللآخرين، ولنتذكر أن كل تحدٍّ يمكن أن يتحول إلى فرصة إذا واجهناه بإيجابية.
في ختام هذا العام، نجد أنفسنا أمام مفترق طرق يتطلب منا التأمل والتفكير.. لقد شهدنا أحداثًا تاريخية أثبتت أن الإرادة والتضحية قادرتان على تغيير مسارات التاريخ. ومع اقتراب العام الجديد، يجب علينا أن نحمل الدروس المستفادة من هذه التحديات، ونعمل على تحويلها إلى فرص للنمو والتغيير الإيجابي.
لنستقبل العام القادم بحماس وطموح، ولنتعهد بأن نكون صوتًا للحق، ويدًا تمتد للمساعدة، وقلوبًا مليئة بالأمل. دعونا نؤمن بأن كل تحدٍّ يمكن أن يتحول إلى فرصة، وأن النصر هو حليف من يسعى ويعمل بجد.
فلنجعل من العام الجديد بداية جديدة، مليئة بالتصميم والإرادة، ولنستمر في السعي نحو مستقبل أفضل، حيث تُصان الكرامة وتُحقق العدالة. لنكن معًا، ولنجعل من كل يوم فرصة جديدة للتغيير، نحو عالم أكثر إنسانيةً وتسامحًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.