في مقالتي السابقة أثرت بعض النقاط المتعلقة بموضوع الوقاية من الانتحار، متبعًا أسلوب طرح السؤال ثم تقديم الإجابة عنه.
وفي مقالتي هذه سأتبع النهج ذاته، وبهذه الطريقة سيكون لديك على الفور نظرة عامة حول الموضوع. وستتخلّص من العديد من المغالطات حول آفة الانتحار.. لقد حال الوقت لخفض أعداد المنتحرين!
س: ما الفائدة من وضع برنامج للوقاية من الانتحار؟
ج: الجواب عن هذا السؤال يقتضي استدعاء مثال تطبيقي لدولة فنلندا: كانت فنلندا منذ فترة طويلة على قائمة البلدان التي لديها أعلى معدلات الانتحار في العالم، لكن الدولة الإسكندنافية خفضت هذه الأرقام الآن إلى النصف.
في عام 1990 – وفقًا للمعهد الفنلندي للصحة والرعاية الاجتماعية (THL)- سجلت فنلندا ما يصل إلى 1512 حالة انتحار من بين عدد السكان البالغ 5 ملايين نسمة. وتصل هذه النسبة إلى 30.24 حالة لكل مائة ألف نسمة.. والآن، بعد مرور ثلاثة عقود، تمكنت فنلندا من خفض هذه الأعداد إلى النصف، وذلك بفضل البرنامج الوطني لمنع الانتحار، الذي تم تطبيقه في الفترة من عام 1986 إلى عام 1996.
من الممكن أن يستغرب الأشخاص من حولك ما تبوح به من أسرار، أو يستنكروا التفكير في الانتحار، إما بسبب الخوف من مناقشة الموضوع لشيء ما في صدر الإنسان لا يريد الكشف عنه، أو بسبب بعض المعتقدات الشخصية، أو التجارب السلوكية التي تمنعهم من الإنصات إليك
اتخذ المشروع العديد من التدابير لمكافحة استعمال المخدرات، وعلاج الاضطراب الاكتئابي، واضطراب الشخصية. كما تم تطبيق تدابير توجيهية في القطاع الصحي لتحسين الرعاية، والكشف السريع والمبكر عن الاضطرابات النفسية، وتحسين طرق العلاج النفسي.
س: ما هو محتوى برنامج الوقاية من الانتحار؟
ج: يتضمن برنامج الوقاية من الانتحار مجموعة من التدابير الوقائية، منها على سبيل المثال:
1. نشر مبادئ توجيهية لعلاج الاضطرابات النفسية.
2. مكافحة وعلاج الإدمان على المخدرات.
3. تحسين الرعاية الصحية عن طريق الكشف السريع والمبكر عن الاضطرابات النفسية.
4. دعم المؤسسات التعليمية بإجراءات ملموسة لكيفية التعامل بعد محاولة انتحار أحد الطلاب؛ أو بعد نجاح المحاولة.
5. التوعية الصحية النفسية.
6. تقديم الدعم للفئات الاجتماعية المعرضة لخطر الانتحار.
7. تنظيم دورات تكوينية للعاملين في مجال الرعاية الصحية.
8. رصد عوامل الخطورة.
9. تطوير جهود التوعية عبر الإنترنت، للوصول إلى الفئات المعرضة للخطر، وتشجيعهم على طلب المساعدة.
10. تعزيز البحث العلمي في مجال الوقاية من الانتحار.
يتيح برنامج الوقاية من الانتحار بيان كيفية تقسيم المهام، وتحديد المسؤوليات، وكيفية تقييم تطبيق البرنامج باستمرار.
عندما تناقش الأمر مع شخص آخر فأنت بذلك تكسر الشعور بالوحدة، وتبدأ في التفكير بشكل مختلف؛ حيث تعمل على ترتيب فِكَرك، فتعمل على التمييز بين الفكرة التطفلية والفكرة الواقعية
س: ماذا أفعل عندما تراودني فكرة الانتحار؟
ج: اعلم أولًا أنك لست الوحيد الذي تراوده فكرة الانتحار، إذ هناك العديد من الشباب مثلك.. قد تستمر هذه الفكرة بالنسبة للبعض لفترة قصيرة ثم تختفي نهائيًا؛ وقد تدوم بالنسبة للآخرين لفترة أطول. مهما كان الأمر بالنسبة لك، فإن التحدث عن تلك الخواطر يساعدك على التعافي.
عندما تناقش الأمر مع شخص آخر فأنت بذلك تكسر الشعور بالوحدة، وتبدأ في التفكير بشكل مختلف؛ حيث تعمل على ترتيب فِكَرك، فتعمل على التمييز بين الفكرة التطفلية والفكرة الواقعية. وقد يمدك محدثك برؤية جديدة، أو يجيئك ببيّنات أمرك، وربما تكتشف إمكاناتٍ ما كنت لتصل إليها بمفردك.
من الممكن أن يستغرب الأشخاص من حولك ما تبوح به من أسرار، أو يستنكروا التفكير في الانتحار، إما بسبب الخوف من مناقشة الموضوع لشيء ما في صدر الإنسان لا يريد الكشف عنه، أو بسبب بعض المعتقدات الشخصية، أو التجارب السلوكية التي تمنعهم من الإنصات إليك.
يجب أن تتذكر أنك لست سيئًا، وأن هناك دائمًا أشخاصًا يرحبون بالتحدث إليك، لذلك لا تتردد في طلب المساعدة
على سبيل المثال، الشخص الذي يؤمن بأن الانتحار حرام شرعًا، يعتبر منذ البداية أن التفكير في الانتحار من وساوس الشيطان أو من كيد النفس. وكذلك الشخص الذي فقد أحد أفراد أسرته بالانتحار، ينزعج بما عنده من ذكريات مؤلمة؛ وبالتالي لا يريد مناقشة الموضوع مرة أخرى.
ولكن ما البديل إذا لم تجد شخصًا تتحدث إليه عن خواطرك؟ إن عدم القيام بأي شيء ليس هو الخيار الصحيح، خاصة عندما تتعذر إمكانية العلاج، أو تشعر بتصاعد متزايد في درجة التوتر. حينئذ يجب عليك كسر ثقافة الصمت لحل مشاكلك بشكل فعال. يجب عليك ألا تختبئ وراء الأعذار.. اعرف ما هو عامل الخطورة الذي يجعلك تفكر في الموت قبل أن يستفحل الأمر.
يجب أن تتذكر أنك لست سيئًا، وأن هناك دائمًا أشخاصًا يرحبون بالتحدث إليك، لذلك لا تتردد في طلب المساعدة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.