لا أدري عن أي قصة سوف أكتب، ولا من أين سأبدأ؛ فالقصص المأساوية في غزة كثيرة جدًا، أكثر بكثير من أن تسطَّر في بعض الكلمات، أو أن تكون بين مجموعة من الصفحات.. غير أنني سوف أكتفي بذكر القليل من هذه القصص الحزينة، والتي ستبقى شاهدًا كبيرًا على الوجه الحقيقي البشع لحرب الإبادة اللاإنسانية التي تشهدها مدينة غزة الفلسطينية.
هل سمعت بأن على أرض غزة عائلات ليس بوسعها أن تُخرج أفرادًا لها من تحت الأنقاض، ولا من بين الركام، بل ولا حتى الوصول إليهم، أو مجرد رؤيتهم ليس إلا، وذلك لكثرة الحطام، وانعدام التجهيزات في المكان.. ثم لا يجدون ما يواسون به أنفسهم حينها إلا ما تبقى لهم من ساعات أو أيام، فيتبادلون فيها الكلمات تلو الكلمات، ولا يعلم ما بهم من الدموع والعبرات إلا رب الأرض والسماوات، يكلم بعضهم بعضًا دون كلل أو ملل اليوم واليومين، أو أكثر من ذلك بقليل، ثم ما يلبث ذلك الصوت أن يهدأ شيئًا فشيئًا إلى أن يرحل وللأبد، تاركًا وراءه أطفالًا ليس لهم بعد الله أحد، أو أهلًا غاب من أمام أعينهم فلذة الكبد، وأحزانًا لو وزعت على أهل الأرض لم يبقَ منهم أحد!
بحسب الاتفاقيات الدولية، فإنَّ هناك حقوقًا أساسية يجب أن يتمتع بها أسرى الحروب بأي حال من الأحوال، وتنص هذه الاتفاقيات على وجوب معاملة الأسرى المعاملة الحسنة
من الطبيعي أن يداعب الآباء أطفالهم بطرق شتى، فذاك يجلب له هدية، وتلك يصطحبها معه إلى الحديقة، بينما في غزة يداعب الآباء أطفالهم بكتابة أسمائهم على أجسادهم، أملًا منهم بأن لا تضيع هويتهم بعد أن تتمزق أجسادهم البريئة بفعل تلك الصواريخ التكنولوجية الرهيبة!
في القانون الطبي العالمي يجب وضع الأطفال الخدج في غرفة خاصة جدًا، تدعى وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة (NICU)، من أجل العناية الدقيقة والمراقبة، وذلك تحت إشراف أطباء اختصاصيين ذوي خبرة عالية.
بيدَ أن الأمر في غزة يختلف اختلافًا كثيرًا! حيث أشرف جنود إسرائيليون بشكل مباشر على عدد من الأطفال الخدج في أحد المستشفيات الفلسطينية، ولكن الإشراف هذه المرة من نوع آخر، فقد منع الجنود الأكسجين عن الأطفال حتى الموت! وذلك على مرأى ومسمع من أولئك الذين ينهقون في كل آن بما يسمى حقوق الطفل والإنسان!
كثيرًا ما نسمع عن حقوق المريض، وعن ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن ما حدث في غزة أمر عجب، حيث اقتحم جنود إسرائيليون منزلًا لأحد الفلسطينيين العزل، فإذا بكلبهم الشرس المدرب على القتل ينقض بشكل سريع على شابٍ مريض لا يقوى على الحركة، مصابٍ بمتلازمة داون، وبمرض التوحد أيضًا، فينهش من لحمه بكل وحشية، وهو ينظر إلى الكلب دون حول منه ولا قوة، إلى أن فارق الحياة!
بحسب الاتفاقيات الدولية، فإن هناك حقوقًا أساسية يجب أن يتمتع بها أسرى الحروب بأي حال من الأحوال، وتنص هذه الاتفاقيات على وجوب معاملة الأسرى المعاملة الحسنة، وعدم تعريضهم لأي إهانة أو أذى، غير أن الاحتلال الإسرائيلي أثبت للعالم أجمع – وبكل جدارة – أنه لا يعترف بهذه الاتفاقيات ولا بغيرها، حيث اعتقل في وقت سابق عددًا كبيرًا من الفلسطينيين العزل، وأجبرهم على نزع ملابسهم ليبقوا عراة.
بالرغم من كل تلك الابتلاءات والأحزان، فإن ثبات أهل غزة وصبرهم جعلا كثيرين يتساءلون عن السر وراء ذلك الثبات الكبير الذي يصعب أن يصدقه إنسان، ما دفع ببعض الأميركيات إلى إطلاق حملة لقراءة القرآن
وبحسب ما ذكرته بعض الجمعيات الحقوقية، فإن المعتقلين الفلسطينيين واجهوا وسائل متنوعة من التعذيب والإهانة، كالضرب المبرح، ما تسبب في وفاة عدد منهم، وإصابة آخرين بعاهات جسدية ونفسية دائمة، الأمر الذي أثار ضجة إعلامية عربية وعالمية، ولكن دون أي جدوى للأسف، حيث تابعت قوات الاحتلال ممارساتها المعادية لحقوق الإنسان، متجاهلة بذلك كل المعاهدات والاتفاقيات، والتي لم يعد لها في غزة أي مكان!
ولكن.. بالرغم من كل تلك الابتلاءات والأحزان، فإن ثبات أهل غزة وصبرهم جعلا كثيرين يتساءلون عن السر وراء ذلك الثبات الكبير الذي يصعب أن يصدقه إنسان، ما دفع ببعض الأميركيات إلى إطلاق حملة لقراءة القرآن، شارك فيها آلاف الأميركيين، في محاولة جادة لإيجاد جواب واضح بشأن ذلك الثبات العجيب، الأمر الذي أدى بكثير منهم إلى اعتناق الإسلام!. فسبحان الله القائل: {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} [سورة الأنفال: 30].
نعم.. هل سمعتَ هذا من قبل؟!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.