كلمات مبعثرة وجمل مشتتة، وحياة غير منتظمة، وغربة جارحة وعمل شاق، وكلمات لا تنتهي في وصف حالنا جميعًا.
نعم، أنا محمود أدخل عقدي الثالث، منذ سبع سنوات وأنا بعيد عن عائلتي، أعيش وحيدًا من دون صلة قرابة لا من الدرجة الأولى ولا من العاشرة، والذي يصبرني هو إيماني في الدرجة الأولى، وأنني لست الوحيد الذي عاش بعيدًا عن كنف عائلته.. وإن لنا أسوة حسنة في الأوّلين.
أرى أننا لا نتعلم إلا من أنفسنا، إلا أنني أحب أن أكون سباقًا، وأتعلم من تجارب السابقين، أو أقارن حياتهم السابقة بحياتنا الحالية.
أريد التنويه إلى الذين يملكون أشياء لا يرونها أو أنهم زاهدون فيها، أردت أن ألفت نظركم إلى أن الحياة أسرع مما نتصور، فإن كان لديكم عائلة: أمّ أو أب أو أخ، لا تبخلوا عليهم بأدنى شيء، ألا وهو الابتسامة في وجوههم
ها أنا على حافة العقد الثالث من عمري، ستسألني كيف مضت، وأجيب أنني أتذكر عندما كنت في سن الخامسة عشرة كنت ألتفت إلى أقصى اليمين، ثم أعيد رأسي وأنا أنظر إلى المرآة، وفجأة رأيت نفسي على مشارف العقد الثالث من العمر، وهذا أبسط شيء أستطيع أن أشرحه لكم.
نعم إنها سرعة الأيام كلمح البصر، ولا أريد أن أتطرق إلى بياض الشعر في رأسي، ولا أريد أن أقول إنني اليوم أعيش بلا أب، هذه الجملة القاسية التي لم أستطع أن أفكر فيها مجرد تفكير، إلا أنه قدر مكتوب، وأحمد الله على السراء والضراء.
هنا أريد التنويه إلى الذين يملكون أشياء لا يرونها أو أنهم زاهدون فيها، أردت أن ألفت نظركم إلى أن الحياة أسرع مما نتصور، فإن كان لديكم عائلة: أمّ أو أب أو أخ، لا تبخلوا عليهم بأدنى شيء، ألا وهو الابتسامة في وجوههم، ولن أحدثكم عن عناقهم وتقبيلهم والعيش في كنفهم وسماع صوتهم، أقسم عليكم ألا تهملوا هذه الأمور، ولو كانت بسيطة في نظركم.
بعد فترة من الفقدان ستشعرون بفتور مثلما أشعر أنا تمامًا، ستشتاقون إلى مناداة "بابا" أو "ماما"، أو بثقل في تلفظها، وتشعروننا بمرارة استخدام صياغة الماضي في الحديث عنهم، كان بابا وكانت ماما، عيشوا لحظتكم الآن، استغلوا المضارع قدر الإمكان؛ لأنه سيصبح ماضيًا لا محالة، فكل شيء مكتوب.
والآن كنت أتساءل ما الذي أريده؟ هل هو فقط إفراغ ضجيج كلماتي على تلك السطور الفارغة؟.. هكذا حدثت نفسي.. ما هي الغاية من هذا المقال؟ وشردت كثيرًا، هكذا نحن عندما تفرغ جعبتنا من الكلمات، فورًا نأخذ شهيقًا، وبعدها نتجه إلى مواقع التواصل، ونتصفح عشرات الفيديوهات من دون أدنى فائدة، أنا لا أشمل الجميع طبعًا، لكنني أتحدث عن نفسي في المقام الأول، هل تعرفون؟.. في كل شيء في حياتي أسعى جاهدًا أن أدعم قولي وكلماتي من ديننا الحنيف، سواء بآية أو حديث أو قول مأثور.
لا تدع حياتك خالية من الأهداف، عش لغاية وهدف، واعمل على السعي لتحقيق أهدافك، ولا تلتفت للمثبطين؛ فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون
منذ فينة وأنا في فجوة كبيرة، أغوص وأحاول أن أستجمع قواي على أمل الخروج من تلك الفجوة، لعلي أتصالح مع الكتابة وأبدأ بصياغة مقالة جديدة، لعلها تكون فاتحة خير لأعاود الكتابة من جديد.
كنت أتحدث أني أصبحت وأمسيت في عقدي الثالث، والتغيير الأهم الذي طرأ في حياتي هو أنني عقدت قراني على من أرضاها شريكة ومعينة وسندًا لي في مستقبلي، على فتاة رضيت دينها وخلقها وأكثر، آملًا بأن يكتب الله لنا خيرًا حيثما كنا، لقد كانت نقطة تغيير حاسمة، جمعت شتاتي، ولملمت كياني، ورتبت حياتي، على أساس الدين والمحبة.
العقد الثالث من العمر هو مرحلة جديدة تبدأ بتأسيس النفس بعد إتمام المراحل التعليمية، وهنا يبدأ النضوج لتتعرف على الحياة من منظور عملي عقلاني بحت، مع إفراد المنظور العاطفي لأبدأ بالتفكير العملي، دعونا لا نكرر أنفسنا في كل سنة، ونبدأ بالتغييرات التي نملكها، التغييرات على مستوى الصعيد الشخصي، والعائلي، والمحلي، ثم نبدأ بتغيير الخارج.
وعن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم». رواه الترمذي.
فلا تدع حياتك خالية من الأهداف، عش لغاية وهدف، واعمل على السعي لتحقيق أهدافك، ولا تلتفت للمثبطين؛ فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.