شعار قسم مدونات

إلى أين يتّجه الاقتصاد الأردني؟

الأردن يسعى للحد من تدهور الوضع الاقتصادي بفعل كورونا
وفقا للأرقام الرسمية تجاوز الدين العام الأردني حاجز الـ 48 مليار دينار (الجزيرة)

في السنوات الأخيرة، أصبح الأردن ميدانًا متقلبًا لأزمات متعددة، تشابكت لتضع المملكة أمام تحديات جذرية.

تتفاقم الأوضاع الاقتصادية وسط تصاعد الدين العام، وتآكل القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. ورغم كل محاولات الإصلاح التي تعلنها الحكومة، يبدو أن البلاد عالقة في دائرة العجز المالي المستمر، ما يدفع كثيرين إلى التساؤل: هل ينجرف الأردن نحو الهاوية؟

في العديد من المدن، تبرز الحفر والتشققات في الطرقات كشاهد حي على سوء إدارة هذه المشاريع المشكلة ليست في التمويل، بل في غياب الرقابة والشفافية في توزيع العطاءات

الفساد المستشري: الواقع خلف العطاءات الدولية

رغم الاعتماد المتزايد على العطاءات والمساعدات الدولية في تمويل المشاريع الحيوية في الأردن، فإن النتائج على الأرض لا تعكس حجم تلك المساعدات.. مشاريع البنية التحتية، والمراكز الصحية، وحتى الدفاع المدني، كلها تعتمد إلى حد كبير على التمويل الخارجي. ومع ذلك، يجد المواطن نفسه أمام خدمات متدهورة، وبنية تحتية مهترئة، وسط تساؤلات مشروعة: أين تذهب الأموال؟

في العديد من المدن، تبرز الحفر والتشققات في الطرقات كشاهد حي على سوء إدارة هذه المشاريع، رغم الملايين التي تُضخ من الخارج. المشكلة ليست في التمويل، بل في غياب الرقابة والشفافية في توزيع العطاءات وإدارة المشاريع. وتشير تقارير عديدة إلى أن الفساد في المؤسسات الحكومية قد بات عائقًا رئيسيًا أمام أي تقدم حقيقي.

إعلان

الدين العام: قنبلة موقوتة

وفقًا للأرقام الرسمية، تجاوز الدين العام الأردني حاجز الـ 48 مليار دينار، وهو رقم ينذر بالخطر، وتتجاوز نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 106%، ما يضع الأردن بين الدول الأكثر مديونية في المنطقة.

في ظل هذه الأرقام، تجد الحكومة نفسها عاجزة عن تحقيق توازن بين الالتزامات المالية والتنمية الاقتصادية، وبدلًا من تقديم حلول جذرية، يعتمد النهج الحكومي على رفع الضرائب والرسوم التي تستهدف جيب المواطن البسيط، دون تقديم رؤية واضحة للخروج من الأزمة.

بدلًا من تشجيع المواطنين على التحول نحو السيارات الكهربائية، فرضت الحكومة ضرائب وجمارك تصل إلى 25%، مما يجعل شراء هذه السيارات أمرًا مستحيلًا بالنسبة لكثيرين

رواتب هزيلة وأسعار مرتفعة: معادلة قاتلة للشباب

في الوقت الذي يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور في الأردن 260 دينارًا فقط، تواصل الأسعار ارتفاعها بلا هوادة، ما يجعل تلبية الاحتياجات اليومية أمرًا شبه مستحيل. أصبح الشباب الأردني يعاني من صعوبة توفير أساسيات الحياة، ناهيك عن التفكير في الادخار أو الزواج.

تشير تقارير متعددة إلى أن تكاليف المعيشة، قد ارتفعت بنسب تصل إلى 25% في السنوات الأخيرة، حيث تأثرت أسعار المواد الغذائية والإيجارات والرعاية الصحية بشكل خاص. ولعل التحدي الأكبر يكمن في الفجوة الكبيرة بين الرواتب والأسعار، التي تزيد من حدّة الضغوط على الأسر الأردنيّة.

السيارات الكهربائية: الحكومة تُفرغ الحلول من مضمونها

في ظل الاهتمام العالمي المتزايد بالسيارات الكهربائية كحل لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي وحماية البيئة، كان من المتوقع أن تتجه الحكومة الأردنية لدعم هذا التوجه.. لكن ما حدث هو العكس تمامًا؛ فبدلًا من تشجيع المواطنين على التحول نحو السيارات الكهربائية، فرضت الحكومة ضرائب وجمارك تصل إلى 25%، مما يجعل شراء هذه السيارات أمرًا مستحيلًا بالنسبة لكثيرين.

الأمر لا يتوقف هنا؛ فحتى السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين تُفرض عليها جمارك تصل إلى 300%، وهي نسبة تفوق بكثير ما يتم فرضه في معظم دول العالم.. يبدو أن الحكومة تسعى لتحقيق مكاسب مالية فورية على حساب المواطن، ما يعمق من مشاعر الإحباط لدى المواطن.

الحلول الترقيعية لن تكون كافية لإنقاذ البلاد من التدهور، وهناك حاجة ماسة إلى إصلاحات شاملة وجريئة تبدأ من مكافحة الفساد

إلى أين يتجه الأردن؟

في ظل هذه التحديات، من الصعب أن نرى طريقًا واضحًا للخروج من الأزمة؛ ويبدو أن الحكومة الأردنية قد عجزت عن تقديم الحلول الفعالة التي تحتاجها البلاد، وبدلًا من ذلك تستمر في اتباع سياسات تعتمد على الجباية والضرائب لسد الفجوات المالية.

إعلان

إذا استمرت هذه السياسات دون تغييرات جذرية، فإن الأردن قد يواجه مستقبلًا مليئًا بالمزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.. الحلول الترقيعية لن تكون كافية لإنقاذ البلاد من التدهور، وهناك حاجة ماسّة إلى إصلاحات شاملة وجريئة تبدأ من مكافحة الفساد، وإعادة هيكلة السياسات المالية، وتطوير البنية التحتية والخدمات العامة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان