شعار قسم مدونات

الجندي القسامي.. سر التكوين ولغز الثبات

انضمام "إم 99" إلى ترسانة القنص القسامية يكشف عن وعي المقاومة بطبيعة الحرب غير النظامية التي تخوضها أمام العدو الإسرائيلي (الإعلام العسكري لكتائب القسام)
بعض القساميين تصبح لديه أُمنية تفصيلية مثل أن يستشهد على هيئة معينة (الإعلام العسكري لكتائب القسام)

بعيدا عن المقدمات، ومع الاحتفاظ بالاحترام الكامل لجميع مكونات المقاومة الفلسطينية، لكن لا ريب أن عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، فاجأوا العالم إلى حد الصدمة بنوعية الأداء العسكري الذي يقدمونه، ثم الصمود الأسطوري في الدفاع والمواجهة مع استمرار الاشتباك، سواء في عملية طوفان الأقصى التي تم تنفيذها يوم السابع من أكتوبر من العام الماضي ضد مستوطنات الاحتلال المحيطة بقطاع غزة من حدوده الشرقية، أم من خلال تصديهم للعدوان العسكري الشامل من قوات جيش الاحتلال على قطاع غزة والذي دخل شهره الرابع.

عن جنود الأنفاق فحدث ولا حرج بطولة وإتقانا، لكن يتفوق على ذلك كله صمود لا يكاد يصدق  في وجه عشرات آلاف أطنان المتفجرات الماطرة على رؤوسهم، وثبات منقطع النظير أمام زلزال العدوان الذي يشنه عليهم عشرات آلاف الجنود مكتملي العدة والعتاد

عنصر الدهشة لم يتوقف عند هذين الحدثين، بل امتد خلال النظر بعينين مفتوحتين على أوسع زاوية ولا تنغلقان إلى فيديوهات استهداف عناصر القسام لآليات وجنود القوات الإسرائيلية المتوغلة داخل القطاع، تلك المشاهد المصورة باحترافية عالية تخبرنا بأن الجزء الإعلامي التوثيقي من المعارك لم يهمل، بل تم الإعداد له كغيره من مجالات الاعتراك، فلا ينقضي تعجّب الناظر من جرأة واستبسال عناصر القسام في التقدم نحو الآليات الإسرائيلية، وإلصاق (عبوة العمل الفدائي) بها من المسافة التي اشتُهرت بأنها (المسافة صفر)، أُسميها مسافة الاحتضان، وكذلك مشاهد استهداف الآليات والجنود بالقذائف المضادة للدروع والأفراد متنوعة الأشكال والأسماء.

إعلان

أما عن جنود الأنفاق فحدث ولا حرج بطولة وإتقانا، لكن يتفوق على ذلك كله صمود لا يكاد يصدق  في وجه عشرات آلاف أطنان المتفجرات الماطرة على رؤوسهم، وثبات منقطع النظير أمام زلزال العدوان الذي يشنه عليهم عشرات آلاف الجنود مكتملي العدة والعتاد، فهؤلاء الثلة من الشباب الذين يحملون أسلحة خفيفة، وعبوات وقذائف صنعوها محليا بأيديهم، يخرجون للاشتباك حفاة الأقدام، بملابس رياضية خفيفة، ليسوا مدعومون لوجستيا من أعتى قوة في العالم كما هي الحال مع جيش الاحتلال، وليسوا مسنودون سياسيا كما هي الحال مع حكومة الاحتلال، لا سلاح طيران لديهم، ولا دفاع جويا يتصدى لطائرات تحصد أرواح الغزيين حصدا كما لو أنها منجل في سنابل القمح، كل هذه اللوحات وغيرها رسمت مشهدا شبيها بسلسلة أفلام هوليوود المهمة المستحيلة (Mission Impossible) الشهيرة، أو سلسلة (Die Hard) وفي كليهما، لا يموت البطل رغم اجتماع كل أنواع الأسلحة والمطاردات والمؤامرات والقوات لقتله، لكن يموت الجميع، ويبقى البطل، بالطبع مع فارق التشبيه، فرجال المقاومة أكرم وأشرف وأطهر من ممثلي هوليوود.

هذا الواقع المشاهد على فضائيات البث المباشر على مدار الساعة، ولَّد أسئلة كثيرة حول ماهية تكوين هؤلاء الجنود، وما هو السر وراء قدرتهم على العناد والاستعداد لمواجهة أقوى جيوش المنطقة، ناهيك عن الثبات والاستمرارية في القتال طيلة هذه الفترة؟

للحصول على إجابات لهذه الأسئلة وغيرها، رجعنا إلى العديد من الأدبيات ذات العلاقة، لا سيّما تلك التي درست التنظيم وهيكليته وطريقة عمله، مثل كتاب ماذا يعني انتمائي للقسام لأحمد البشيتي، والعديد من الأدبيات الأُخرى التي يمكن العثور عليها بسهولة، كما رصدنا من بداية العدوان الحالي جميع الفيديوهات التي نشرتها كتائب القسام وحللنا بشكل بسيط خطابات الناطق باسمها أبو عبيدة، ومن هذا وذاك، تزعم هذه المقالة أنها تقدم إجابات من شأنها إزالة الحيرة، وكشف اللغز.

في المسجد يتم التأكد من جميع المكونات الشخصية والنفسية والفكرية اللازمة لقبول القادم الجديد في صفوف التنظيم الدعوي، فضلا عن الالتحاق بالجهاز العسكري، بدءا بسُمعته في المجتمع بحسن السيرة والسلوك، ثم الالتزام بصلاة الجماعة في المسجد

كلمة السر في جميع الإجابات المحتملة هي المسجد، فهو بوابة الدخول، والمحضن الأساسي وبوتقة التكوين الأولى، وكل من أراد ركوب قطار القسام، يجب عليه التوقف في محطة المسجد أولا، يقطع التذكرة، وينطلق منها إلى محطات أُخرى يختارها حسب رغبته وهدفه، لكن ما بين دخول محطة المسجد وانطلاق القطار محطات فرعية تأسيسية.

إعلان

ففي المسجد يتم التأكد من جميع المكونات الشخصية والنفسية والفكرية اللازمة لقبول القادم الجديد في صفوف التنظيم الدعوي، فضلا عن الالتحاق بالجهاز العسكري، بدءا بسُمعته في المجتمع بحسن السيرة والسلوك، ثم الالتزام بصلاة الجماعة في المسجد، وعلى وجه الخصوص الفجر والعشاء، إذ تعتبران مقياسا للتقييم والالتزام، وفي بعض الأحيان تتم متابعة هذا الأمر بالورقة والقلم، وحساب كم يوما خلال الأسبوع تمت صلاة الفجر جماعة في المسجد.

ومما يرتبط ببداية الالتزام بالمسجد وصلوات الجماعة، الالتزام بنشاطات المسجد الدعوية والاجتماعية، والانضمام في لجانه العديدة التخصصية التي تقوم على أمره من جميع الجوانب، لا يتم في المسجد أكثر من التشديد على العبادة والصلاح وتزكية الروح وتهذيب النفس، وكل ذلك ما هو إلا مقدمة لأول الخطوات الرسمية للالتزام بالتنظيم وهو انضمامه لمجموعة تربوية (أسرة) تتكون من خمسة إلى ستة أشخاص على الأكثر، ولديهم شخص أعلى منهم رتبة تنظيمية، ويقوم بمتابعتهم والإشراف عليهم، وتنتظم الأسرة في مجموعة من النشاطات بشكل جماعي على رأسها حفظ ما تيسر من القرآن الكريم، دراسة كتب الفقه، قراءة كتب التنظيم، والثقافة، والدعوة، والفكر، والتاريخ وغيرها.

وهذه الأسرة أو النواة التربوية لا تتوقف مهما عَلَت قدم الشخص في التنظيم دعويا أم عسكريا إلا في حالات نادرة، لأنه من خلالها يتم الاتصال والتواصل ضمن القنوات الرسمية للتنظيم، وفيها تُنشر التعميمات التنظيمية والقرارات، وفيها أيضا غالبا يطرح الشخص رغبته بين يدي شيخه للالتحاق بصفوف كتائب القسام، ومهما حاول الشخص طرح هذه الرغبة عند العسكريين مباشرة أو بطرق التفافية غير رسمية، إلا أنه في نهاية المطاف يتم الرجوع إلى المسجد والشيخ المسؤول عن ذلك الراغب للسؤال والاستفسار والتزكية، ولا تحصل الموافقة إلا إذا استطاع الراغب إثبات التزامه بما قلناه سابقا من صلاة الجماعة، والسمع والطاعة، وغيرها من أسياسيات التنظيم المعروفة عند الجميع.

نسمع تقريبا في جميع الفيديوهات التي ينشرها الإعلام العسكري لكتائب القسام لاستهداف الآليات الصهيونية، نسمع ترديد الرماة لآيات من القرآن الكريم، لعل أشهرها آية الأنفال {وما رميتَ إذ رميتَ ولكنّ الله رمى}.

تمتد الفترة بين أن يضع الشخص قدمه في المسجد وطرح رغبته أو التحاقه بالعمل العسكري ما بين 6 أشهر إلى سنة، قد تزيد أو تنقص حسب الظروف والسياقات، وربما في بعض الأحوال مهما طالت الفترة لا يتمكن الراغب من الالتحاق بالعمل العسكري لعدم حصول الموافقة، وهذا يحصل لأسباب كثيرة، منها مثلا أن يكون وحيدا لأهله، أو غير مؤهل بدنيا، وربما لا يكون أثبت صدق نيّته في الانضمام من أجل المقاومة والجهاد، وليس لشيء آخر، كتحقيق سمعة أو شهرة أو مصلحة. كل ذلك موجود في التجمعات البشرية لكن بنسب متفاوتة تحددها درجة الانضباط والمساءلة.

إعلان

الجدير بالذكر أنه في مرحلة المسجد الأولى، يتشبع الراغب بالانضمام للعمل العسكري بمعاني التضحية والجهاد والمقاومة والفداء، وتستمر عملية تعزيز هذه المفاهيم عنده على طول حياته التنظيمية، حتى يصل إلى قناعة تامة بعدالة قضيته، ونزاهة معركته التي قد يضحي بروحه من أجلها، يحدث هذا ضمن عملية تربوية متكاملة، يُتأكد من خلالها أن هذا الشخص لن يتراجع عن تلبية النداء في أي وقت، ولن يخذل وطنه حتى في أخطر الأوقات والمراحل، وأنه يقاتل بمعية الله، والموفق هو الله، والنصر فقط من عند الله، وزاده في ذلك آيات القرآن الكريم، وقصص السابقين من عهد النبوة والصحابة ومَن بعدهم، ولذلك نسمع تقريبا في جميع الفيديوهات التي ينشرها الإعلام العسكري لكتائب القسام لاستهداف الآليات الصهيونية، نسمع ترديد الرماة لآيات من القرآن الكريم، لعل أشهرها آية الأنفال {وما رميتَ إذ رميتَ ولكنّ الله رمى}.

وفي فيديوهات أُخرى نسمعهم يرددون عبارات مثل "يا الله ما خرجنا إلا في سبيلك"، وأُخرى مثل "أرجوك يا الله وفقني في هذه الرمية"، وكذلك تمتلئ خطابات الناطق العسكري للقسام (أبو عبيدة) بمثل هذه الآيات، مدعومة بعبارات فيها اعتزاز بالإرث الإسلامي الجهادي، والفكرة التي يحملها المجاهد القسامي، إذن هناك قاعدة تربوية ودينية وفكرية متينة، يقف عليها هؤلاء المقاتلون، ولولاها ما كانت هذه المحفزات المعنوية التي يستذكرونها حاضرة في أحلك لحظات القتال.

لكن بالإضافة إلى العملية التربوية، تتعزز تلك المعاني بشكل تطبيقي خلال المسيرة العملية للمجاهد القسامي، الذي يرى من حوله من رفاق الدرب والأصدقاء والجيران وربما الأهل كلهم يرتقون شهداء من حوله، على قناعة منه أنهم بالشهادة، يفوزون بإحدى الحُسنيَين، ويذهبون إلى مكان هو بالتأكيد أفضل وأحسن بجوار بقية الشهداء في جنات النعيم، وبالتالي، ومع تكرار هذه العملية، تتولد لدى القسامي رغبة الالتحاق بهم، ويتساوى عنده الموت والحياة، بل تنقلب عنده هذه المعادلة، فتصبح حياته بين أهله في الدنيا أكلا وشربا ومتعة هي الموت، وتتحول التضحية بالنفس والارتقاء على درب الشهداء، هي الحياة الحقيقية، والأمنية الكُبري.

التدريب، ونقصد به خضوع الجندي القسامي إلى سلسلة طويلة لا تنتهي من الدورات التدريبية العسكرية التخصصية عالية المستوى، والتي يتلقى فيها كل ما يلزمه من أساسيات ومهارات الجندية والعمل العسكري

بل إنّ بعض القساميين تصبح لديه أُمنية تفصيلية، مثل أن يستشهد على هيئة معينة، وهذا يمكن رؤيته بوضوح في فيديو استشهاد القسامي تيسير أبو طعيمة، الذي تحامل على جراحه بعد استهدافه بالقصف من طائرة صهيونية في مدينة خانيونس، وأخذ يستجمع قواه الباقية في جسده بعد الإصابة حتى يكون على هيئة السجود، وبالفعل فاضت روحه على تلك الهيئة، ولا شك أنها أمنية سعى إليها وبذل جهده في تحقيقها، وكل هذه القصص والمشاهد التي تظهر للعلن مجرد عيّنة للتمثيل وليس للحصر، وعلى هذا الأساس التربوي المتين، فلا مجال أمام القسامي للتراجع أو الهروب، فالخيار الوحيد المتاح هو الثبات والاشتباك، لأنه هو الطريق المؤدي إلى الأمنية الكبرى، وهذه المفاهيم كلها تنعكس ثباتا وإقداما وجرأة في ميدان القتال.

إعلان

العامل الثاني وراء الأداء القسامي المتميز خلال التصدي للعدوان الصهيوني الحالي، يتمثل في درجة الجدية العالية التي تؤخذ فيها قضية الانتساب والانتظام في كتائب القسام، فلا تهاون، ولا تساهل، ولا تردد، ومنذ اللحظة الأولى تُختبر في العضو الجديد هذه الخصائص، من خلال سرعة رده مثلا على المكالمات الواردة من مسؤوليه، حضوره واستعداداه الدائم، سرعة تنفيذ ما يطلب منه بمهارة وسرعة وإتقان، لابد من هذه الثلاثة صفات مجتمعة.

كذلك تختبر لدى المنتسب الجديد العديد من الأمور التي تعد مؤهلة لدخول أول دورة تدريب عسكري تمهيدا لأن يصبح جنديا، لكن قبل اعتماده رسميا في دورة التدريب العسكري، يتم تكليفه بمهمات بسيطة مثل توصيل رسائل من مكان لآخر، أو من شخص لآخر، إرساله إلى بعض المواقع والطلب منه الانتظار فيها مدة طويلة بدون هدف واضح، تكليفه بمهام مثل حراسة بوابة موقع معين، أو الذهاب لشراء حاجيات لمجاهدين آخرين، هنا في هذه المرحلة قد يشعر المنتسب الجديد أنه يستهزأ به، أو يضيع وقته، لاسيما أنه متحمس يريد حمل السلاح، لكن في الحقيقة هذه الأمور غاية في الأهمية، لأنها تعطي مؤشرات واضحة على مدى التزامه وانضباطه بتنفيذ التعليمات، ومستوى الروح العسكرية التي لديه، حتى إذا اجتاز هذه المرحلة بنجاح، دخل ضمن الدورة العسكرية الأولى قبل أن يصبح جنديا بشكل رسمي ويستلم سلاحه.

العامل الثالث في هذا الإطار هو التدريب، ونقصد به خضوع الجندي القسامي إلى سلسلة طويلة لا تنتهي من الدورات التدريبية العسكرية التخصصية عالية المستوى، والتي يتلقى فيها كل ما يلزمه من أساسيات ومهارات الجندية والعمل العسكري، ويأخذ فيها ما يحتاجه ليكون في الميدان جنديا صلبا لا يلين، وتطبق في هذه الدورات القوانين المعمول بها في الدورات العسكرية في مثل هذه الحالات، سواء المنظمات المسلحة غير الحكومية أو في الجيوش النظامية، يتأهل فيها الجندي القسامي بدنيا من جميع النواحي، ويتدرب على جميع أنواع السلاح الذي يلزمه ضمن نطاق عمله كجندي في تخصص معين في الميدان، كما أنه يدرس مفاهيم نظرية عن الجهاد والمقاومة والقضية والتاريخ والحق الفلسطيني والثبات وخطورة التولي يوم الزحف، إلى جانب مفاهيم نظرية عن المتفجرات والكيمياء والكهرباء، ويقوم بدراسة أسلحة العدو ومعرفة تفاصيلها ونقاط ضعفها، كما يُنجز خلال هذه الدورات تعليم مفاهيم العمل الأمني والاستخباري والرصد والتحليل، إلى آخره من مستلزمات العمل العسكري اللازمة للجندي في الميدان.

التاريخ لم يشهد مثل هذا النموذج بكل تفاصيله، حيث لا يمكن للعقل أن يقبل منطقيا لمجموعة من الشباب، محاصرين من جميع الأنحاء، محرومون من كل شيء، أن يصمدوا لأكثر من 100 يوما أمام جيش لا نبالغ لو قلنا إن العالم كله يقف خلفه

ولولا خضوع الجندي القسامي لمثل هذه الدورات لما شاهدناه في الفيديوهات التي تنشر تباعا خلال العدوان الصهيوني الحالي على القطاع، إذ نرى رماة الدروع من جنود القسام أمام الدبابات والآليات ولا يطرف لهم جفن، أقدامهم في الأرض كجذوع نخل راسيات، التحم القاذف بجسد المجاهد حتى صارا قطعة واحدة، والواضح أنه يعرف بالضبط أين يصيب الدبابة التي تدرب على إصابتها مرارا عبر مجسمات شبيهة لدبابة الميركاڤا أثناء التدريبات، مما ساهم في كسر الحاجز النفسي عند المجاهد أمام (عربة الرب) كما يسميها صانعوها، إلا أنها تشتعل كقطعة اسفنج مشبعة بالبنزين بمجرد ارتطام القذيفة بها، فيذوب الحديد بما فيه ومَن فيه.

إعلان

ختاما، تزعم المقالة بأن العوامل الثلاثة المذكورة سابقا هي الأبرز بين العوامل التي تفسر ثبات جنود القسام المذهل، وأداؤهم العسكري عالي المستوى ضد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، هذا لا ينفي وجود عوامل أُخرى ربما تكون أساسية وجوهرية أيضا، كالتوفيق الإلهي، وسلسلة القيادة، والرغبة في الحرية، والخبرة المتراكمة، والعقيدة العسكرية، وكلها تستحق أن يُفرد لها مقالة، واثنتين، وثلاثة. لكن النتيجة النهائية أن التاريخ لم يشهد مثل هذا النموذج بكل تفاصيله، حيث لا يمكن للعقل أن يقبل منطقيا لمجموعة من الشباب، محاصرين من جميع الأنحاء، محرومون من كل شيء، أن يصمدوا لأكثر من 100 يوما أمام جيش لا نبالغ لو قلنا إن العالم كله يقف خلفه، وهنا نجد أنفسنا مرغمين على التأكيد أنه تهزم الجيوش النظامية إن لم تنتصر، وتنتصر الجماعات الفدائية إن لم تهزم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان