نتناول في هذا المقال سلوكيات الأعضاء المنتسبين للحركة الماسونية كما وردت في قسم الأحكام والتعليمات التي ينبغي على العضو الماسوني الالتزام بها، وهو القسم الثاني من كتاب القس جيمس أندرسون "دساتير الماسونيين الأحرار" الذي أعده بتكليف من المحفل الماسوني الكبير في لندن ونشر عام 1723.
وقد اشتملت هذه السلوكيات على 6 حالات أثناء انعقاد المحفل، وبعد انتهائه وتأخر بعض الأعضاء فيه، وعندما يجتمع الماسونيون دون غرباء خارج إطار المحفل، وعندما يلتقون في حضور الغرباء، إضافة إلى سلوكهم في البيت ومع الجيران، وسلوكهم مع الغرباء.
ويتضح من هذه الأحكام والتعليمات والسلوكيات مستوى تشدد الحركة الماسونية تجاه أعضائها، ومستوى الانضباط الذي يجب أن يتحلى به هؤلاء الأعضاء ضمن إطار متشدد يحافظ على سرية الحركة وتماسكها وقوتها دون اصطدام مع السلطة السياسية أو مع المجتمع وأفراده من غير الماسونيين.
يدّعي الماسونيون أن موقفهم حاسم ضد جميع السياسيين حفاظا على مصلحة المحفل ورفاهيته، ويدّعون أنهم لا يتدخلون في السياسة ويمنعون ذلك، ويتشددون في مراقبته والتأكد من الالتزام به، في الوقت الذي قاموا فيه بالدور الأكبر في إنشاء 3 كيانات سياسية ماسونية كبرى في النصف الثاني من القرن الـ18
سلوكيات الماسوني
- 1- السلوك في المحفل أثناء تشكيله:
يلتزم العضو الماسوني داخل المحفل وأثناء تشكيله بما يأتي:
- عدم عقد لجان خاصة أو محادثة منفصلة بدون موافقة من سيد المحفل.
- عدم التحدث عن أي شيء بسفاهة أو بطريقة غير لائقة.
- عدم مقاطعة سيد المحفل أو المشرفين أو أي أخ يتحدث إلى السيد.
- عدم التصرف بسخرية أو مزاح أثناء قيام المحفل بما هو جاد ومهيب.
- عدم استخدام أي لغة غير لائقة لأي ذريعة على الإطلاق، بل في المقابل تقديم التبجيل الواجب إلى السيد والمشرفين والأتباع، وتمكنّهم من العبادة.
في حالة تقديم أي شكوى يجب على الأخ الذي ثبتت إدانته أن يخضع لقرار وحكم المحفل، فهم القضاة المناسبون والمختصون للبت في كل هذه الخلافات ما لم يتم نقل الشكوى عن طريق التماس إلى المحفل الكبير الذي يجب الرجوع إليه إذا لم تتم إعاقة عمل سيد المحفل في غضون ذلك، وفي هذه الحالة يمكن الإشارة بشكل خاص، لكن يجب عدم اللجوء إلى القانون في أي شأن يخص الماسونية دون ضرورة مطلقة واضحة للمحفل.
- 2- السلوك بعد انتهاء المحفل وعدم انصراف الإخوة منه
عند انتهاء جلسات المحفل وتأخر بعض الأعضاء عن الانصراف فإن عليهم مراعاة السلوكيات التالية:
- يمكن للأعضاء الاستمتاع بالمرح البريء، ومعاملة بعضهم البعض حسب الاستطاعة ولكن من دون إفراط أو إجبار أي أخ على الأكل والشرب بما يتجاوز رغباته أو إعاقته عن الذهاب عندما يضطر إلى ذلك دون فعل أو قول أي شيء مسيء قد يمنع إجراء سهولة وحرية النقاش، لأن ذلك من شأنه أن يلغي الانسجام ويقضي على الأهداف الحميدة.
- ينبغي على الأعضاء عدم إحضار انزعاجهم أو خلافاتهم الخاصة إلى المحفل، خصوصا الخلافات بشأن الدين أو الأمم أو سياسة الدولة، فالماسونيون من الدين الكاثوليكي، ولكنهم أيضا من جميع الأمم والألسنة والأنساب واللغات، وهم حاسمون ضد جميع السياسيين، لأن ما لا يفضي أبدا إلى رفاهية المحفل فإن الماسونيين لن يفعلونه أبدا، وهذا الالتزام مطلوب دائما ومراقب بشكل صارم، خاصة منذ الإصلاح في بريطانيا وانفصالها عن روما.
على الماسوني ألا يلجأ إلى القانون أبدا إلا عندما لا يمكن البت في قضيته بطريقة أخرى، وأن يستمع بصبر إلى النصائح الصادقة والودية من سيد المحفل والزملاء، لتجنب الاحتكام إلى القانون ضد الغرباء، أو لحثه على الانتهاء بسرعة من جميع الدعاوى القضائية
- 3- سلوك الماسونيين عندما يجتمعون بدون غرباء خارج إطار المحفل
في هذه الحالة يجب على الإخوة أن يحيي بعضهم البعض بطريقة مهذبة، كما سيتم إرشادهم وينادي بعضهم البعض بعبارة "الأخ"، وتبادل التعليمات بحرية، ولكن بشكل ملائم ودون لفت الأنظار والأسماع، ودون التعدي على بعضهم البعض أو الانتقاص من الاحترام الخاص بأي أخ حتى لو لم يكن ماسونيا.
جميع الماسونيين إخوة على نفس المستوى، والماسونية لا تأخذ شرفا من أحد كان لديه من قبل، بل إنها تضيف إلى شرفه، ولا سيما إذا كان يستحق الخير من الإخوة الذين يجب أن يكرموه ويتجنبوا الأخلاق السيئة.
- 4- سلوك الماسونيين في حضور الغرباء
يجب على الماسوني أن يكون حذرا في حديثه وتنقله حتى لا يتمكن الغرباء الأكثر ذكاء من اكتشاف أو إيجاد ما هو غير مناسب فيخاف منه، وأحيانا على الماسوني تغيير الخطاب وإدارته بحكمة من أجل الحفاظ على شرف إخوة العبادة.
- 5- سلوك الماسونيين في البيت ومع الجيران
على الماسوني أن يتصرف كرجل أخلاقي وحكيم، وعلى وجه الخصوص لا يدع عائلته وأصدقاءه وجيرانه يعرفون ما يخص المحفل، ولكن يتصرف بحكمة مراعاة لشرفه وشرف الإخوة القدامى، لأسباب لا تذكر هنا.
وعلى الماسوني مراعاة حالته الصحية، وعدم الاستمرار لوقت متأخر جدا أو لمسافة بعيدة جدا عن المنزل بعد انتهاء ساعات المحفل، بالإضافة إلى تجنب الإفراط في تناول الطعام أو السكر حتى لا يتم إهمال العائلة أو يصيبها الضرر، وحتى لا تحدث إعاقة للعضو الماسوني عن العمل.
إذا أساء أحدهم إلى الماسوني يجب عليه تقديم طلب إلى محفله أو محفل العضو المسيء، ومن ثم يمكنه تقديم التماس إلى المحفل الكبير في اللقاءات ربع السنوية وبعده إلى الاجتماع السنوي للمحفل الكبير
- 6- سلوك الماسونيين مع الغرباء
على الماسوني أن يتفحص الغريب بحذر وحكمة حتى لا يُفرض عليه المدعي الكاذب الجاهل الذي يجب أن يرفضه الماسوني بازدراء وسخرية، ويحذر من إعطائه أي تلميحات من المعرفة.
لكن إذا اكتشف أنه يمكن أن يكون أخا حقيقيا وصادقا عليه أن يحترمه وفقا لذلك، وإذا كان في حاجة لمساعدة فإن على الماسوني مساعدته إذا استطاع أو توجيهه بشأن كيف يمكن أن تتم مساعدته أو تشغيله عنده لبضعة أيام أو تزكيته للعمل، دون أن يكون على الماسوني أن يتصرف فوق قدرته، فقط أن يحرص على مساعدة الأخ الفقير الصالح الحقيقي قبل غيره من الفقراء الآخرين من نفس الظروف.
وبشكل عام، فإن جميع هذه الأحكام والتعليمات يتعين على الشخص الماسوني مراعاتها، إضافة إلى ما سيتم إبلاغه بها بطريقة أخرى.
نشر الحب الأخوي هو الأساس وتاج الرأس، وهو قاعدة ومجد هذه الأخوة القديمة، وعلى الماسوني أن يتجنب كل الجدل والشجار والقذف والغيبة، ولا يسمح للآخرين بالتشهير بأي أخ أمين، بل يدافع عنه ويقدم له كل المساعي الحميدة، بما يتناسب مع شرف الماسوني وسلامته لا أكثر.
وإذا أساء أحدهم إلى الماسوني يجب عليه تقديم طلب إلى محفله أو محفل العضو المسيء، ومن ثم يمكنه تقديم التماس إلى المحفل الكبير في اللقاءات ربع السنوية، وبعده إلى الاجتماع السنوي للمحفل الكبير مثلما كان عليه السلوك الجدير بالثناء للآباء القدامى في كل أمة.
وعلى الماسوني ألا يلجأ إلى القانون أبدا إلا عندما لا يمكن البت في قضيته بطريقة أخرى، وأن يستمع بصبر إلى النصائح الصادقة والودية من السيد والزملاء، لتجنب الاحتكام إلى القانون ضد الغرباء، أو لحثه على الانتهاء بسرعة من جميع الدعاوى القضائية، ليكون اهتمامه بشأن الماسونية وتقدمها نحو مزيد من النشاط والنجاح، ولكن مع الاحترام للإخوة والزملاء أمام القانون ينبغي على السيد والإخوة أن يقدموا وساطتهم المحمودة بين الإخوة المتنازعين، وإذا كان هذا التقديم غير عملي فإن عليهم الاستمرار في إجراءاتهم أو الدعوى القضائية دون غضب وحقد.
إن السكوت أو عدم القيام بشيء قد يعيق الحب الأخوي والمساعي الحميدة من أن تتجدد أو تستمر، حتى يرى الجميع التأثير الحميد للماسونية كما فعل جميع الماسونيين الحقيقيين منذ بداية العالم وسوف يفعلون حتى نهاية الزمان.
وفي ختام هذا الاستعراض فإن من الضروري التأكيد على أنه مهما كان من أمر هذه الأحكام والتعليمات والسلوكيات الماسونية التي نص عليها الكتاب فإنها تتعارض مع الواقع الفعلي للحركة الماسونية، وكانت بمثابة ستار تتخفى وراءه لتوسيع دائرة انتشارها وتعزيز قوتها ومكانتها ونفوذها، ومثال على ذلك ادعاؤهم التشدد في عدم الدخول في السياسة حفاظا على مصلحة المحفل ورفاهيته، وأنهم يمنعون أعضاءهم من ذلك، ويتشددون في مراقبته والتأكد من الالتزام به، وهم الذين كان لهم الدور الأكبر في تأسيس 3 كيانات سياسية ماسونية كبرى أواخر القرن الـ18، هي بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، وما ينطبق على السياسة ينطبق على الدين والقيم الاجتماعية والسلوكيات الفردية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.