شعار قسم مدونات

الصحافة الطبية ليست ترفا.. إنها إنقاذ للأرواح

هذا الصباح- أخبار العلوم والصحة المزيفة تختبر مصداقية الصحافة
أخبار العلوم والصحة المزيفة تختبر مصداقية الصحافة (الجزيرة)

لا بد أنه قد وصلتك رسالة "السرطان نقص فيتامين بي 17" عبر واتساب أو فيسبوك، والتي تزعم أنه لا يوجد شيء اسمه سرطان، وأنه مجرد نقص في فيتامين "بي 17" (B17)، وأن مصطلح السرطان جرى ترويجه من قبل شركات الدواء لخداع الناس وسرقة أموالهم في شراء علاجات السرطان.

هذه المغالطة فندناها في أحدث حلقة من دكتور معلومة، وهو برنامج أسبوعي يكشف الخرافات الطبية المنتشرة ويدقق في مصدرها ويفندها ويقدم المعلومة الطبية الصحيحة.

تخيل معي كم من الأرواح قد أزهقت نتيجة هذه الأكذوبة التي قد تدفع المخدوعين بها إلى رفض تلقي العلاج الطبي للسرطان، ومن هنا تأتي أهمية الصحافة الطبية والصحية.

في هذا الوقت ومع انتشار المغالطات فإن الصحافة الطبية تعني إنقاذ الأرواح.

يعمل الصحفي الطبي في إعداد التقارير والأخبار حول الأحداث الصحية والأدوية الجديدة والأمراض بلغة سهلة مفهومة للجمهور العام.

البعض يسمي الصحافة الطبية باسم الصحافة الصحية، وهما تسميتان لهما نفس المعنى.

ويركز الصحفي الصحي على نشر المعلومات الصحية من خلال وسائل الإعلام المختلفة، إنه يشبه الصحفي التقليدي لكنه يركز على أشياء، مثل القضايا الطبية ونتائج الدراسات والنصائح الصحية.

تختلف الكتابة الطبية عن الأنواع الأخرى من الكتابة، لأنها تتضمن المعرفة والأساليب والمصطلحات من مجموعة متنوعة من المجالات

ربط المجتمع العلمي بعامة الناس

الصحافة الطبية ضرورية لأنها تساعد على ربط المجتمع العلمي بعامة الناس وتشكل حلقة وصل بين الأطباء والعلماء والمتخصصين وبين الجمهور.

وتختلف الكتابة الطبية عن الأنواع الأخرى من الكتابة، لأنها تتضمن المعرفة والأساليب والمصطلحات من مجموعة متنوعة من المجالات، مثل الإحصاء الحيوي والصحافة والطب واللغة الإنجليزية والصحة العامة والصيدلة.

وعلى الصحفي الطبي أن يكون هدفه هو نشر المعلومات بشكل واضح ودقيق حول الرعاية الصحية والطب.

نتحمل كصحفيين طبيين مسؤولية أخلاقية لتقديم المعلومات بأكبر قدر ممكن من الوضوح والدقة، وهنا يجب علينا تطبيق الموضوعية والدقة العلمية والصرامة والتوازن

يكتب وينتج الصحفيون الطبيون لمجموعة متنوعة من الوسائل الإعلامية، مثل:

  • الصحف.
  • المجلات.
  • الإذاعة والتلفزيون.
  • المواقع الإلكترونية.
  • يوتيوب.
  • البودكاست.
  • مواقع التواصل الاجتماعي.

نتحمل كصحفيين طبيين مسؤولية أخلاقية لتقديم المعلومات بأكبر قدر ممكن من الوضوح والدقة، وهنا يجب علينا تطبيق الموضوعية والدقة العلمية والصرامة والتوازن أثناء نقل المعلومات الصحية في جميع وسائل الإعلام.

يجب أن نكون صادقين وأيضا شجعان، وفي حال كانت هناك مغالطة منتشرة في المجتمع يجب علينا ألا نخشى النقد الاجتماعي ونفندها، وإذا كانت هناك معطيات حول فشل دواء معين أو تسببه بمشاكل يجب علينا أيضا أن نتحلى بالشجاعة ونقدم المعطيات الموجودة للجمهور.

ومن المهم أن نفهم جمهورنا، وهو جمهور عام غير متخصص يبحث عن نصائح تفيده في حياته اليومية وتحمي صحته.

يجب أن تكون الصحافة الطبية متوازنة ودقيقة، عليك فحص المصادر عن طريق التحقق من بيانات الاعتماد والمواقع الإلكترونية

ومن المهم عند مخاطبته مراعاة التالي:

  • تجنب المصطلحات الطبية كلما أمكن ذلك، وإذا كان لا بد من استخدام مصطلح تقني يجب أن نعرّفه بوضوح للقراء.
  • علينا كصحفيين طبيين أن نقرأ الدراسة المعنية أو التوصية الطبية بالكامل ونفهم التفاصيل، ولكن ليس هناك داع لنقل كل شيء للقارئ، فبعض التفاصيل قد تشوشه، استخلص الحقائق الأساسية وقدمها للقارئ من أجل الوضوح وبشكل يسهل على القارئ "هضمه".
  • فكر بعقلية الحكاء، واستخدم القصص والاقتباسات من خبراء في الموضوع كلما أمكن ذلك.

دورة الصحافة الطبية تقدم لأول مرة الوسائل المعرفية للصحفي حتى يتمكن من فهم وتبسيط العديد من المفاهيم الطبية

منظور متوازن

يجب أن تكون الصحافة الطبية متوازنة ودقيقة، عليك فحص المصادر عن طريق التحقق من بيانات الاعتماد والمواقع الإلكترونية، تحدث إلى مصادر متعددة لكل مقالة حتى تتمكن من تقديم منظور متوازن.

قبل أيام تشرفت بأن تصدر لي عن معهد الجزيرة للإعلام دورة الصحافة الطبية على منصة التعليم الإلكتروني، وهي حصيلة عمل أكثر من عامين مع الزملاء الأعزاء في المعهد وخلاصة تجربتي بين الصحافة والطب.

هذه الدورة هي منهاج تدريبي نظري وعملي لكل من يريد العمل في الصحافة الطبية والصحية، وتعد الأولى من نوعها في العالم العربي.

دورة الصحافة الطبية تقدم لأول مرة الوسائل المعرفية للصحفي حتى يتمكن من فهم وتبسيط العديد من المفاهيم الطبية، مثل أنواع الدراسات الطبية وبماذا تختلف، والدراسات التي تُجرى على الأدوية الجديدة بدءا من فحصها في المختبر وانتهاء بتطبيقها على البشر والحصول على اعتمادها من الجهات الدوائية المنظمة.

وتوضح دورة الصحافة الطبية أيضا خطوات التحقق من الأخبار والقصص الطبية بطريقة منهجية علمية، وكيفية عرضها -سواء كانت صحيحة أم مضللة- على الجمهور، فالمعلومات الصحيحة يجب أن نقدمها للجمهور، والمعلومات الخاطئة يجب أن نفندها.

ليس الصحفيون فقط من سيستفيدون من دورة الصحافة الطبية، فالأطباء والعاملون في القطاع الطبي معنيون بها أيضا، إذ إنها تقدم لهم معلومات حول كيفية عمل الصحفي وطريقة مخاطبته للجمهور، وهذا يساعد الأطباء والمسؤولين الصحيين في صياغة خطابهم بحيث يكون ملائما ومفهوما للجمهور، مما ينعكس في زيادة ثقة المجتمع بالقطاع الطبي.

تتناول الدورة نقاط الاشتراك والاختلاف بين الصحافة الطبية وبقية التخصصات الصحفية، وهل يمكن لجميع الصحفيين أن يصبحوا صحفيين طبيين، وآليات تحليل الجمهور وفهم ما يريده ويتوقعه من الصحافة الطبية.

كما تشمل المهارات التي سيحصل عليها المشاركون فهم كيفية اختيار الأخبار الطبية، وكيفية التعامل مع الوقع السلبي لبعض المواضيع الصحية على نفسية المتلقي، وكيفية التحقق من دقة ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي وتجنب المعلومات المضللة.

كما تقدم الدورة نصائح وإرشادات مفصلة حول كيفية إجراء حوار مع طبيب أو مختص في موضوع طبي ما، وكيفية تجويد أساليب الكتابة وتبسيط المصطلحات المعقدة في الصحافة الطبية.

وتفند الدورة بعض الأفكار المغلوطة المرتبطة بالصحافة الطبية، وفي مقدمتها أن الصحفي الطبي هو بديل عن الطبيب أو أن وظيفته هي تقديم العلاج.

والدورة متاحة على موقع التعليم الإلكتروني لمعهد الجزيرة للإعلام، ويمكن الحصول عليها عبر التسجيل في موقع التعليم الإلكتروني، وتشمل محاضرات بالفيديو، وأيضا مكتوبة، مع اختبارات في نهاية كل درس.

الصحافة الطبية والصحية ليست ترفا، إنها إنقاذ للأرواح، وأنتم أيها الصحفيون الطبيون منقذون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.