شعار قسم مدونات

المقايضة الكارثية بين الموت والرفاهية

العاصمة القطرية استضافت يومي 21 و22 فبراير/شباط 2023 مؤتمر التغير المناخي وحقوق الإنسان (الجزيرة)

عقد في الدوحة مؤتمر التغير المناخي وحقوق الإنسان يومي 21 و22 فبراير/شباط الجاري، ونظمته لجنة حقوق الإنسان القطرية والأمم المتحدة، ومنظمات أخرى لحقوق الانسان والبيئة، وحضره الكثير من العلماء والمتخصصين، وناقش مواضيع التغير المناخي والغازات الدفيئة والتسخين الحراري وأسبابهما وآثارهما على البيئة، وما ينتج عنهما من آثار سلبية ينتج عنها كوارث طبيعية كبيرة مثل الأعاصير والبراكين والزلازل وتسونامي وتآكل طبقة الأوزون التي تحمي كوكبنا من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.

دور الإنسان في تدمير البيئة

لم يتطرق المؤتمر إلى دور الإنسان في تدمير البيئة، وذلك بسبب ما يقوم به من تحارب وحروب نووية، كذلك لم يتطرق إلى أن الدول الغنية المتقدمة والمسؤولة عن النسبة الكبري الكبرى من التلوث والتغير المناخي، والذي يصيب حوالي نصف سكان الكوكب بأضرار مباشرة وغير مباشرة، هي المسؤولة أيضا عن تدمير البيئة، وهي التي تصدر للدول الفقيرة الموت في صورة أسلحة وقنابل وصواريخ وقنابل غاز لتستخدمها ضد بعضها البعض في حروب ونزاعات يكون سببها الدول الكبري أصلا، أو ليستخدمها حكامها ضد شعوبهم إذا طالبوا بالحرية والعدالة، وأكثر من ذلك أنها تصدر أدوات التعذيب إلى الحكام المستبدين الذين يقتلون شعوبهم ويعتقلوهم، وذلك بالمقايضة أو المبادلة بأموال الفقراء التي يستولي عليها الحكام المستبدون من شعوبهم بمختلف الوسائل، وذلك لتنعم الدول الكبري بالهناء والرفاهية والأمان بنقود الفقراء، مقابل ما تصدره لهم من موت ودمار يقتل البشر ويدمر البيئة والشجر والحجر ويلوثها بكل أنواع التلوث .

تجارة الأسلحة العالمية

قدرت تجارة الأسلحة في العالم عام 2021 بحوالي 800 مليار دولار، هذا غير تجارة الأسلحة في السوق السوداء، والصفقات التي تتم في الخفاء، وتصدر إلى الدول الفقيرة التي لا تنتج الأسلحة، وللأسف فإنه في كثير من البلدان تخزن الأسلحة المستوردة حتى تصبح غير صالحة لسوء التخزين والصيانة، وفي بعض البلدان يتم شراء الأسلحة دون حاجة إليها، ولمجرد أنها تكون رشاوى للدول الكبري، لشراء سكوتها عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد الفقيرة المستوردة للأسلحة، والمستبدة. وإذا كانت الإحصائيات تبين أن حوالي نصف سكان الكوكب تصيبهم أضرار من التغير المناخي، فإن النصف الآخر يتكبد أضرارا من الحروب غير العادلة، والتي تقع بين الدول الفقيرة بسبب مشاكل كان سببها الدول الكبري، كمشاكل الحدود المتوارثة من الحقبة الاستعمارية، وكذلك النزاعات والحروب بسبب مشاكل قبلية أو إثنية أو دينية.

نداء لإنقاذ العالم

أوجه النداء لكل أصحاب الضمائر الحية، وإلى الأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن وإلى كل منظمات حقوق الإنسان، وأطالبها بالتدخل لوقف هذه المقايضة الكارثية بين الرفاهية والموت، وأن تطلب من الدول الكبري الغنية بأن تتوقف فورا عن ذلك، وأن تصدر سبل الحياة للشعوب الفقيرة، في صورة تكنولوجيا ومصانع وأسمدة وطاقة وتعليم ومستلزمات الإنتاج والصحة وغيرها، مما تحيا به هذه الشعوب، وأن تتوقف فورا عن دعم النظم الشمولية المستبدة، والتي تستولي على أموال شعوبها بالظلم والقهر والنار والحديد والسجون والمعتقلات والأحكام الظالمة، وأن تمنح هذه الشعوب حق اختيار حكامها في انتخابات حرة نزيهة، وأن تحصل هذه الشعوب على متطلباتها في الحياة الحرة والتعليم والصحة والثقافة وحرية التعبير في إعلام حر نزيه غير موجه، وبذلك يرتفع مستوى هذه الشعوب المادي والحضاري وتزيد دخول الناس بها، فيختفي العنف والإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وكل أنواع الظواهر الاجتماعية السالبة من مخدرات وتجارة في البشر وسوق سوداء للسلاح يقتلون به بعضهم بعضا، وهجرة غير شرعية، وموجات النزوح واللجوء للمتضررين من الحروب وضحاياها، والذين يقدرون بالملايين. وغير موجات القتل، يوجد مئات الملايين من المصابين، والذين لا يجدون العلاج ولا الدواء، وهنا يجب أن تسود المحبة والسلام والأمن والأمان في كل الدول وبينها، ويعيش الأغنياء بما لديهم من تقدم وثروات وعلم وتقدم في رفاهيتهم، بثرواتهم، وأن تحس الشعوب الفقيرة بالحياة والكرامة والتعليم الجيد والصحة والعلاج.

اقتراح هام

أقول للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن: إذا لم يقدروا على وقف هذه المقايضة الكارثية ومنعها أو حتى تقليلها، فليفرضوا ضرائب أو رسوما على السلاح المصدر إلى الدول الفقيرة، وأن توجه حصيلة هذه الضرائب أو الرسوم لدعم الدول الأقل نموا والفقيرة، وسداد دونها والتي تقدر حاليا بحوالي 10 تريليونات دولار وتتزايد باستمرار، وإمدادها بوسائل العيش الكريم والطاقة، وآلات المصانع ومستلزمات الإنتاج والاستثمار، وأن تفتح أسواقها لسلعهم وموادهم الخام بأسعار عادلة. ولو تحقق هذا أو بعضه، فسيعيش الجميع في سلام ومحبة دون حروب أو قمع أو نزاعات، وسيتبادلون رسائل الحب والسلام بدل الصواريخ والقنابل، وسيختفي العنف والإرهاب وتسود المحبة والتسامح والأمن والأمان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.