"الست دي أمي"، نعم "الست دي أمي".. شرف لي أن تكوني أمي، وفخر لي أن أكون ابنك!
الأم، وما أدراك ما الأم!
إنها الأم يا سادة! وما أدراكم ما الأم! ثم ما أدراكم ما الأم!! أم الشيء يعني أصله وجذره، بدونها لم يكن لك وجود في الحياة، فإذا ذهب الأصل أو الجذر أصبحت في العراء؛ معرضا للهوام والآفات والعلل والآلام والأوجاع، وأمسيت بلا ركن تأوي إليه، أو دعاء تعتمد عليه!
الأم هي رمز العطاء بلا حدود، والتضحية بدون انتظار، والبذل من غير مقابل، والحنان الغامر والعاطفة الجياشة والقلب الرحيم!
حينما أراد الله أن يصور رحمته بعباده ضرب لهم مثلا برحمة الأم، وجعل رحمتها معيارا ليقرب معنى رحمته للعباد؛ فقد أخرج البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "قدم على النبي ﷺ سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي ﷺ: أترون هذه طارحة ولدها في النار قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها". فانظر إلى قوله: " لله أرحم بعباده من هذه بولدها"؛ إذ جعل رحمة الأم مثلا لرحمة الله تعالى، وله المثل الأعلى!
ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يوصي بها 3 مرات مقابل مرة واحدة للأب حين جاءه رجل فقال له: "من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. وفي حديث قتيبة: من أحق بحسن صحابتي ولم يذكر الناس". [صحيح مسلم 2548].
زوجتك قد لا تقبلك كما أنت، بل إذا أحسنت إليها دهرا وأسأت لها يوما قالت ما رأيت منك خيرا قط، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فضلا عن حاجتها الدائمة للعاطفة والكلام المتغزل، والعطايا والهدايا..
أولادك قد لا يقبلونك كما أنت، بل يحسبون أنك مضخة أموال لهم، وما تقوم لهم به من الواجب وغير الواجب يعدونه حقا مكتسبا إذا تخلفت عنه يوما سخطوا وسمعت منهم ما يزعجك.
أصدقاؤك قد لا يقبلونك كما أنت، بل إذا وقعت في محنة انفضوا عنك وتركوك قائما، يرضون منك الحسن، ويتركونك لغير ذلك، إلا الأوفياء الصادقين، وقليل ما هم!
الأم -وحدها- هي التي تتقبلك كما أنت، تحب كل ما فيك، وتدعو لك بالخير وللخير، وترجو أن تكون أسعد الناس وأغنى الناس وأعز الناس، ولا تريد منك جزاء ولا شكورا، ولا تنتظر منك عطاء ولا تضحيات، إلا أن ترى السعادة معك، والبسمة على وجهك، والتوفيق حليفك..
إن بعدت عنها تمنت قربك، وإن أحسنت إليها غمرتك بالدعاء وأحاطتك بالرضا وسالت دموعها وبكى قلبها من الإحسان، حتى لو أسأت إليها أو عققتها تألمت وتوجعت، لا غضبا عليك، ولكن حزنا ورجاء عودتك لتتلقاك بأحضانها من بعيد.. هذه هي الأم يا سادة، وما أدراك ما الأم!
جعل الله رضاها من رضاه، وجعل الجنة تحت أقدامها سبحانه دون سواه، وجعل لها في الجنة بابا، وجعل دعاءها لولدها مستجابا!
تسهر معك الليالي، فترضعك لبنها، وتطعمك من يدها.. تنظف بدنك وتلبسك أجمل الثياب، وتحملك على صدرها، وتضعك في حجرها؛ تنشد لك وتهدهدك إلى أن تنام، فهل رأيت أرحم من الأم أو أحن من الأم؟!
الأم لا تأكل إلا إذا أكلت، ولا تشرب إلا إذا شربت، ولا تنام إلا إذا نمت، ولا تستريح إلا إذا استرحت.. تمرض بمرضك وتصح بصحتك، وتحزن لحزنك وتفرح بفرحك.. فهل هناك أحد في الكون بهذه العاطفة الجياشة والطبيعة النبيلة سواها، وهل تستحق منك البعد والإهمال؛ فضلا عن العقوق والهجران؟!
إذا كانت كل فتاة بأبيها معجبة، فلا شك أن كل فتى بأمه معجب، وأنا أشهد أني معجب بأمي، وأحبها حبا جما، وأتعلق بها، وأتقرب إلى الله بحبي لها وإعجابي بها، وأنحاز للأمهات عامة ولأمي خاصة!
هل أتاك نبأ أمي؟!
هذا يصدق على الأمهات كلها، فكيف بأمي؟ وكيف بحياتها وعطائها وعاطفتها ومعاناتها؟ أمي التي تجمع فيها ما تفرق في كثيرات، وجمعت من الخصال ما يتعذر اجتماعه في امرأة: أختا وزوجة وأما، لقد تحملت ما لا يبارى، وأعطت ما لا يجازى!
وأنا أسأل نفسي الآن وأنا أكتب: لماذا نكتب عن الناس فضلا عن الأمهات والآباء بعد وفاتهم؟ أفلا نكتب عنهم وهم أحياء فيكون ذلك أدعى إلى البر بهم، وأقرب إلى إدخال السرور عليهم، وأدنى إلى رضا الله والجنة؟! من أجل هذا أمسكت بالقلم لأكتب لكم عن أمي، وهي على قيد الحياة.
اسمها (زينة عطية سلامة) -وبعض الناس يستحيي من ذكر اسم أمه أو زوجته، وهذا ليس من الإسلام في شيء- وهو اسم على مسمى؛ فقد كانت ولا تزال "زينة" حياتنا، و"عطية" الله لنا، وبجهدها وتضحياتها ودعائها ورضاها كتب الله تعالى لنا "السلامة" من الآلام، وحقق لنا الكثير من الآمال.. دعوني أقص عليكم نبأ أمي، وحكاية أمي، وتضحيات أمي، وكفاح أمي!.
فإذا كانت كل فتاة بأبيها معجبة، فلا شك أن كل فتى بأمه معجب، وأنا أشهد أني معجب بأمي، وأحبها حبا جما، وأتعلق بها، وأتقرب إلى الله بحبي لها وإعجابي بها، وأنحاز للأمهات عامة ولأمي خاصة!
أمي التي نشأت في أسرة مات أبوها في سن مبكرة؛ فتكفلت بإخوتها الذكور، وهي الأخت الوحيدة الكبرى؛ فمارست العمل؛ سعيا عليهم وحبا لهم وحدبا عليهم!
فلما انتقلت لبيت الزوجية حملت الحياة مع زوجها (أبي) -رحمه الله ونور قبره!- كتفا بكتف، ويدا بيد، تعمل معه في الحقل: زراعة ورعاية وحصادا وبيعا، ثم تتكفل بأعباء عمل البيت وحدها..
تحمل طفلا على إحدى ذراعيها، وجنينا في بطنها، وبذراعها الأخرى تسند حملا ثقيلا لا يقل عن 80 كيلوغراما على رأسها.. تأكل الطعام، وتمشي في الأسواق!
تسعى على رزقها، وتحفظ زوجها في نفسها وماله وولده، وكانت معه ظاهرها كباطنها، فلم تخف عليه يوما رأيا من الآراء، ولا أمرا من الأمور، ولا قرشا واحدا، بل تخبره دائما بالوارد والصادر، وما أخذت وما أعطت، وما أنفقت وما أبقت، وما أدانت وما استدانت!
أمي التي أنجبت 13 نفسا، في مسيرتها المديدة المباركة، مات لها خمسة من الأولاد وأبي: الابن الأول سقطا، وماتت الثانية (توأم الابن الأكبر) والثالثة والرابعة مرضا، ومات زوجها (أبي) مرضا، ثم مات ابنها الأخير (عاصم) حسرة وألما! .. كل هذا وهي صابرة محتسبة لا تظهر إلا الرضا ودمع العين وذوب القلب، رحمهم الله جميعا وغفر لهم وأعلى درجاتهم!
أمي التي إذا رضيت شعرت أن الدنيا كلها راضية، وإذا ضحكت رأيت الكون كله ضاحكا، وإذا حزنت رأيت وجه الحياة عبوسا قمطريرا.
أمي يا سادة، -وهي الأمية التي لم تدخل مدارس ولا جامعات- ملكت من رجاحة العقل وحسن الرأي وحكمة التصرف في المواقف المختلفة ما لا يملكه كثير من الرجال، تكون ذلك لديها ومن الله به عليها من كثرة تقلبات الحياة، وشدة معاناتها في الدنيا، وتنوع المواقف التي مرت بها، واختلاف الظروف التي عاشتها؛ فالحياة مدرسة يتعلم فيها الإنسان ما لا يتعلمه في المدارس والجامعات.
لما قررت اللجنة منح الطالب وصفي عاشور علي أبو زيد درجة الماجستير في العلوم الإسلامية مادة الشريعة الإسلامية بتقدير ممتاز، فرحت أمي فرحا لو وزع على أهل بلدة لكفاهم، رأيت التهلل في وجهها، ودموع الفرح في عينيها
بعيدا عنها في الجامعة حتى الدكتوراه
بعد أن أنهيت المرحلة الثانوية في مدرسة الشهيد جلال الدين الدسوقي الثانوية في مدينة بلطيم من محافظة كفر الشيخ بمصر، توجهت إلى "أمي الثانية" كلية دار العلوم من جامعة القاهرة؛ حيث كنت أقيم الشهور العديدة في مدينة الطلاب دون سفر؛ لقلة المال من جهة وتوفيرا له لشراء الكتب من جهة أخرى، كل هذا وأنا بعيد عن أمي لا أراها إلا كل شهرين أو 3 أشهر، في حين يسافر زملائي كل أسبوع! وكان هذا يترك في نفسها شوقا ولهفة لرؤيتي والقيام بتجهيز كل ما أحبه، مما يثير حفيظة بعض إخوتي الذين لا يعلمون أن أحب الأولاد إلى الأم هو: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يشفى، والغائب حتى يعود، وكنت -ولا زلت- الغائب الحاضر عندها.
حتى إذا انتهيت من الجامعة وانتسبت لقسم الشريعة الإسلامية في الكلية، واجتزت السنة التمهيدية للماجستير بنجاح، ثم سجلت الماجستير في موضوع: "نظرية الجبر في الفقه الإسلامي" وجاء وقت المناقشة، وكنت فرحا غاية الفرح بحضورها مع أبي وبعض إخوتي وأهل قريتي؛ فأثناء رحلة البحث المضني التي استغرقت 6 سنوات في إعداد هذه الرسالة كان من نيتي إسعادها وبرها وإدخال السرور عليها بفرحة هذا اليوم، ولما رأت الانتقادات من أعضاء لجنة المناقشة -كما هو معلوم ومعهود- أسقط في يدها وتملكها القلق، فلما أعلنت النتيجة: "قررت اللجنة منح الطالب وصفي عاشور علي أبو زيد درجة الماجستير في العلوم الإسلامية مادة الشريعة الإسلامية بتقدير ممتاز" فرحت فرحا لو وزع على أهل بلدة لكفاهم، رأيت التهلل في وجهها، ودموع الفرح في عينيها، وأخذت تشكر أعضاء اللجنة وتدعو لهم دعاء الأمهات الكبريات، وحقق الله ما كنت أرجوه من برها في هذا اليوم العظيم، وإدخال السرور على قلبها الكبير.
فوجئت ذات يوم من أيام الزيارة أن الزائر هو أبي وأمي! لا أستطيع أن أصف لكم كم الحزن والهم والغم الذي ارتسم عليهما، وبخاصة أمي، حاولت التخفيف عنهما بالمداعبة وأحاديث السمر إلى أن انتهت الزيارة
في سجن وادي النطرون
وفي هذه الفترة وبعد الماجستير مباشرة عام 2006 شاركت في الانتصار لقضاة مصر الذين أعلنوا تزوير الانتخابات فتقصدهم نظام مبارك بالعزل من وظائفهم، وكان أن تم اعتقالي من شوارع وسط القاهرة عند دار القضاء العالي مع من اعتقل في ذلك اليوم، وكان من بين المعتقلين: الدكتور محمد مرسي والدكتور عصام العريان رحمهما الله وغفر لهما.. لما وقع ذلك وتعرضنا للتجريد من الملابس والتعذيب والإهانة حتى استقر بنا الحال في سجن وادي النطرون، وكان أول يوم نزلنا فيه بهذا المعتقل يوم جمعة، وخطبت الجمعة وقتها في السجن خطبة عن قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًۭا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةًۭ مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ. وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةًۭ وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا۟ يَحْذَرُونَ﴾ [القصص 4-6].. مما أثار حفيظة مأمور السجن وإدارته، وترتب على ذلك استدعائي عندهم، ولكن دار حديث لطيف بيني وبينهم ليس هذا موضع تفصيله!
فوجئت ذات يوم من أيام الزيارة أن الزائر هو أبي وأمي! لا أستطيع أن أصف لكم كم الحزن والهم والغم الذي ارتسم عليهما، وبخاصة أمي، حاولت التخفيف عنهما بالمداعبة وأحاديث السمر إلى أن انتهت الزيارة.
وبعد خروجي من المعتقل على ذمة قضية زائفة، "حصر أمن دولة عليا"، وجه لنا فيها 11 تهمة، كل تهمة منها تؤدي إلى الإعدام!! سافرت الكويت للعمل في المركز العالمي للوسطية مع أستاذنا الكبير الدكتور عصام البشير، وازداد بعدي عنها، وتعمق شوقي إليها، وتضاعف شوقها إلي، وكنت قد سجلت الدكتوراه في "المقاصد الجزئية وأثرها في الاستدلال الفقهي". وعندما قامت ثورة مصر العظيمة المكلومة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ناقشت الدكتوراه بعدها بـ 3 أشهر في حضن دار العلوم، وحضرت أمي أيضا مع أبي، وسمعت نتيجة المناقشة بـ "مرتبة الشرف الأولى"، فلا أحدثكم عن فرحتها مع أبي وفخرهما بي ورضاهما عني!
كنت دائما ألح على أمي أن تزروني مع أبي، كما يسافر الآباء والأمهات لأولادهم في مهجرهم، وكانت لا ترضى أن تنتقل من بيتها إلى بيت آخر؛ فضلا عن السفر، ما دام أبي حيا
بعد أحداث يوليو 2013
وبعد أن وقع الانقلاب العسكري في مصر 3 يوليو/تموز 2013، ظللت في مصر حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني وأوائل ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه؛ مواجها ومقاوما ومشاركا في الفعاليات، ثم توجهت إلى تركيا بعد أن ضاقت الأمور، واقترب مني الخطر، فرأيت في هجرتي من "المراغم الكثير والسعة" ما وعد الله به وما ازددت به إيمانا، بما كتبته في مقال سابق، ولكن -وأنا في هجرتي- ماتت أختي ومات خالي، ومات أبي!
كنت دائما ألح على أمي أن تزروني مع أبي، كما يسافر الآباء والأمهات لأولادهم في مهجرهم، وكانت لا ترضى أن تنتقل من بيتها إلى بيت آخر؛ فضلا عن السفر، ما دام أبي حيا، فلما توفي -رحمه الله تعالى ورضي عنه- 12 يناير/كانون الثاني 2018 وقضت عدتها، كلمتها كلاما مؤثرا مما حملها على الموافقة بالسفر والحضور إلي.
قابلتها فرحا بها، ومسرورا بوجودها، واستقبلتها في مطار إسطنبول أنا وأسرتي، وقضت معنا 4 أشهر وعشرا من العام 2019، فرغت نفسي لها من أعبائي جميعا على كثرتها، وطعمت معنا من أطايب الطعام والشراب، وقامت زوجتي -جزاها الله خيرا- بخدمتها خير قيام، وكانت في غاية السعادة معنا، وقضت معنا أطيب أيام؛ حتى قالت لي ذات مرة: "هذه الأيام لا تحسب من عمري"!
كنت أطعمها، وأقرب لها الطعام والشراب والفاكهة، وأحضر لها الماء والصابون لغسيل يديها، ثم أغسل قدميها في إناء واسع بماء دافئ، ثم أجففهما وأقبلهما، فضلا عن تطبيبها وتحسين أوضاعها الصحية، وقام أخ كريم في بلاد الحرمين بتكليف من يقومان بالحج عنها وعن والدي؛ كل هذا –وهو قليل!- كان برا بها، ووفاء لعطائها، وقياما ببعض حقها وتضحياتها.
ثم رجعت إلى مصر يوم 18 أغسطس/أغسطس 2019، وأخذت قلبي معها إلى الآن، وابتلاها الله تعالى بـ "غرغرينة" في قدمها لمعاناتها من مرض السكر، ترتب عليها بتر ساقها اليسرى، واليمنى في طريقها لأختها!! وأصبحت ملازمة للفراش، ثم ابتلاها الله تعالى بموت ابنها عاصم ذي الـ 37 عاما يوم 22 يناير/كانون الثاني 2023، وإنا لله وإنا إليه راجعون!!
أكلمها وأتواصل معها عبر الوسائل الحديثة، فما رأيت منها إلا صبرا على هذا البلاء العظيم، واسترجاعا وحوقلة وإيمانا واطمئنانا، وما يزال الله يكرمنا بوجودها العامر، ويغمرنا برضاها العميم، وييسر لنا مصاعب الحياة بدعائها الصادق الذي يملأ النفس بالطمأنينة ويشبع القلب بالرضا: "روح يا ابني ربنا يحبب فيك خلقه"، "إلهي ربنا يعطيك ويرزقك حتى تتعجب الخلائق"، "ربنا يعطيك بإيده الاتنين يا حبيبي ويعلي مراتبك"، "إنت عيني اللي بشوف بيها، ربنا يوسع عليك ويباركلك في زوجتك وأولادك"..
ترى! هل يطيل الله في عمرها وعمري، ويبارك لنا فيها، ويمنحها الصحة والعافية، وقد قاربت سن الـ 78؟ أو يغير الله من حال إلى حال فيجمعني بها ويجمعها بي من جديد؟ عسى أن يكون قريبا، سبحانه! يقول للشيء كن فيكون! ﴿رب ارحمهما كما ربياني صغيرا﴾ [الإسراء: 24].
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.