أنظمة عربية فاسدة، ذليلة خاسئة، خانعة خائنة، مم هي خائفة؟! أي ذلّ وأي عار، أي هوان وانحطاط، أي دناءة ورذالة ولؤْم، أي مهانة ونذالة، أي تَذَلُّل وخضُوع وخنوع تعيشه ونعيشه مع أنظمة يقال بأنها تحكم وتترأس دول مستقلة، ومع ذلك لا تملك إلا أداة الشجب والإدانة والاستنكار وكأنهم متضامنون أجانب أو أعضاء في منظمات حقوقية وإنسانية أو هيئات اغاثية وظيفتها فقط التفاوض لإيجاد طريقة لإدخال المساعدات، هل باتت تلك الأنظمة وكأنها "بائعة هوى" تمارس الصمت على جرائم أمريكا وإسرائيل مقابل أن تحافظ على عروشها لأطول فترة ممكنة لتعيش بسلام؟
أين هي الجيوش العربية؟ لماذا وعلى ماذا يصرف عليها مليارات الدولارات؟ لماذا وجدت تلك الجيوش؛ لحماية العروش وتعبئة الكروش ولقمع الشعوب؟؛ أم (كومبارس) عن اليهود الصهاينة لحماية السفارات والحدود؟ تصريحات خجولة ظاهرها رفع عتب لامتصاص غضب الشارع العربي، وفي باطنها كله إلا غضب وزعل ماما أمريكا وطفلتها المدللة إسرائيل.
75 عامًا على النكبة وأنتم لا تزالون تتغنون بانتصاراتكم الوهمية، أين هي انتصاراتكم؛ وزادكم وماؤكم وهواؤكم وقراراتكم وصوتكم واقتصادكم وهيبتكم وعروشكم بيد غيركم؟
هل أصبحت دولة الاحتلال التي أسست دولتها المزعومة من دماء أجدادنا، وزادها من أشلاء أطفالنا، وبنيانها وعمرانها من عظام شبابنا "ضحية للفلسطينيين"؟ ألا تشعر تلك الأنظمة الظالمة الصامتة الخاضعة بخطورة ما يحدث في غزة وما ينتظر الضفة والأسرى والمسرى ودول المنطقة برمتها؟ آلاف الشهداء، وعشرات آلاف من الإصابات ومئات الآلاف من المنازل والمرافق والمساجد والمدارس المدمرة، أطفال ونساء وشيوخ بلا طعام، ولا دواء ولا مأوى ومع ذلك لا تستطيع تلك الأنظمة إدخال كسرة خبز أو قطرة ماء، بيد من سيادة تلك الدول؟ هل صلاحياتها وسيادتها لا تتعدى إلا في قمع وسرقة شعوبها لتعبئة بنوكها وبطونها.
75 عامًا على النكبة وأنتم لا تزالون تتغنون بانتصاراتكم الوهمية، أين هي انتصاراتكم؛ وزادكم وماؤكم وهواؤكم وقراراتكم وصوتكم واقتصادكم وهيبتكم وعروشكم بيد غيركم؟ مات الجد، ومات الأب، ومات الابن، والحفيد يتساءل، إلى متى سيبقى سلاح العرب الشجب والاستنكار؟ ألم ترتو من هذا السلاح الفتاك، الذي فتك بنا ولم يعطينا لا عزة ولا كرامة ولا أرض ولا حق ولا حرية ولا أمن ولا أمان ولا حتى قرار أو موقف مشرف لكم؟
شبعنا من زاد الشجب والاستنكار وأصبح معنا حرقة من عارنا، ألم يحن الوقت لتناول فيتامينات وحدة الصف العربي لتعويض النقص الحاد من العزة والكرامة والهيبة الذي نفتقده ونعاني منه منذ أجيال؟ أصبحنا نعاني من تشمع بالنخوة والحمية والمروءة العربية، وانزلاق في الكرامة، تصيبنا نوبات هلع وصرع وغثيان من صمتكم ومصافحتكم واستقبالكم واحتضانكم لهم، أفقدتم حاسة الشم لهذا الحد لتصبح عواصمكم وأجواؤكم مستعمرات للتآمر على بعضكم البعض أم أن هذا ديدن أسلافكم وأنتم على دأب وعادة من علمكم السحر في التذلل والانبطاح؟!
متى سيأتي ذاك اليوم الذي سنكتب فيه موقفا مشرفا لكم؟ لم يبق في العمر كثير؛ رحل من رحل وبقي من بقي وهو يحلم باستئصال صمتكم المريب تجاه أقدس وأطهر قضية، ماذا لو كان موقفكم مماثلًا لإرادة شعوبكم وخلعتم ثوب الذل والرعب والعار والهزيمة والخذلان، وارتديتم ثوبًا أشعل الأرض لهيبًا، لا يساوم على حقنا وحق الشعب الفلسطيني ومقاومته بالدفاع عن أرضه ومقدساته، كيف سيكون شكل هذه الحرب؟!
شتان بين من يعود لله حاملًا ورافعا راية اللواء غارقًا بدمائه الزكية، وبين من يزحف ويتذلل إلى المنسق الصهيوني لأجل الحصول على تصريح للعمل داخل الكيان؛ ليكنس شوارعهم وينظف منازلهم ويغسل جواربهم.
قبل الختام، طالما أن الأنظمة العربية تحارب المقاومة وتحارب حق الشعب الفلسطيني بتحرير أرضه وتقرير مصيره، لماذا لا تحذف مادة التربية الوطنية من مناهجها الدراسية واستبدالها بمادة كيف تصبح كلبًا خاضعًا لأمريكا وإسرائيل؟
وأخيرًا إلى أهل العزة والكرامة إلى مصنع الرجولة والإباء، إلى الذين فضلهم الله على جميع خلقه، واختارهم ليكونوا على هذه الأرض الطيبة المباركة الغارقة بالدماء الزكية، جنودًا لنبيهم المجاهد محمد صلى الله عليه وسلم- تذكروا يا أحباب الله ورسوله بأننا في النهاية كلنا لله وكلنا إليه راجعون لكن كيف سنرجع إليه؟
شتان بين من سيرجع إليه شهيدا مقبلا غير مدبر وبين من سيرجع إليه يجر أذيال الخيبة، والهزيمة والانكسار من عاره وخذلانه، لأنه وقف في صف المغضوب عليهم.
شتان بين من سيرجع إليه بعدما بشر والديه بأنه اقتحم مركزا أمني وقتل 20 مغتصبًا صهيونيًا، وبين من يخبر والديه بأنه موقوف في مركز أمني على قضية أخلاقية.
شتان بين من يعود لله حاملًا ورافعا راية اللواء غارقًا بدمائه الزكية، وبين من يزحف ويتذلل إلى المنسق الصهيوني لأجل الحصول على تصريح للعمل داخل الكيان؛ ليكنس شوارعهم وينظف منازلهم ويغسل جواربهم.
شتان بين من يرتقي وهو يدعس ويطعن، وبين من يموت بسبب جرعة زائدة من المخدرات.
صبرًا يا فرسان التحرير والعودة، فمن وعدكم بالنصر لن يخذلكم ولن يكون هناك نكبة جديدة، ولن تصبحوا عرب 23، فكل هذا الدمار ليس لتهجيركم بل لأجل عودة أصحاب الدار الأصليين لديارهم؛ لكي يعمروها كما يشاؤون، ولعودتكم لدياركم التي هجرتم منها فطريق العودة والتحرير لن يكون مفروشًا إلا بالدمار والخراب والدماء الزكية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.