شعار قسم مدونات

7 أكتوبر.. الوعد المنتظر والوهم الضائع

Palestinians break into the Israeli side of Israel-Gaza border fence after gunmen infiltrated areas of southern Israel, October 7, 2023. REUTERS/Mohammed Fayq Abu Mostafa NO RESALES. NO ARCHIVES.
لا ريب أن تحرير الأوطان والمقدسات يستحق التضحية بالنفس والنفيس لا سيما وإن كانت هذه التضحية يترتب عليها مكاسب استراتيجية في الميدان (رويترز)

كعادتها فجرت –وما زالت– المقاومة الفلسطينية المفاجآت، وتجاوزت كل التوقعات عندما فسرت عمليا قوله تعالى [وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم] (الأنفال 60) فبالجهود الذاتية والإمكانيات المحلية استطاعت أن تبني ترسانة عسكرية أرهبت بها العدو وكسرت شوكته في عقر داره في سابقة تاريخية، حيث شلّت أركانه، وهدمت بنيانه.

تكالبت عليهم الأمم، وخذلهم القريب قبل الغريب، وخالفهم الشّقيق قبل الصّديق، وهم ما يزالون صامدين، عن شرف الأمة ذائدين، وعن مقدساتها مدافعين، وفي ثغورها مرابطين

يقف المرء حائرا أمام هذا الثبات والصمود النابع من الإيمان الصادق والعقيدة الراسخة لتلك الطّائفة المنصورة في أرض الرباط، التي لا يضرها من خذلها، والتي تتجلى فيها معاني الحديث الشريف (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) رواه الإمام أحمد.

تكالبت عليهم الأمم، وخذلهم القريب قبل الغريب، وخالفهم الشقيق قبل الصديق، وهم ما يزالون صامدين، عن شرف الأمة ّذائدين، وعن مقدساتها مدافعين، وفي ثغورها مرابطين، لا شك أنهم هم الفائزون وإن دفعوا ضريبة ذلك من دم الشهداء، وأرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، بيد أنهم يضعون نصب أعينهم قوله تعالى: [ولا تهنوا في ابتغاء القوم ۖ إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ۖ وترجون من الله ما لا يرجون ۗ وكان الله عليما حكيما] (النساء: 104).

ولا ريب أن تحرير الأوطان والمقدسات يستحق التضحية بالنفس والنفيس، لا سيما إن كانت هذه التضحية يترتب عليها مكاسب استراتيجية في الميدان، وهو ما أنجزته المقاومة حتى تاريخه، وإن كثر تثبيط المرجفين، وتهوين المتخاذلين لتلك المكتسبات، فمع الإقرار بجسامة التضحيات فقد أكد السابع من أكتوبر أنه ليس ثمة خيار إلا خيار المقاومة، والتصدي للعدو الغاشم الذي لا يرعى حقوقا إنسانية، ولا قانونا دوليا، ولا يحفظ عهودا ولا مواثيق، ويفرض سياسة الأمر الواقع فرضا.

ومن جانب آخر أعاد السابع من أكتوبر القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء، فحينما كان يخطط العدو والمجتمع الدولي لتصفية القضية نهائيا، وفرض صفقة القرن جاء السابع من أكتوبر ليضع حدا فاصلا لهذا المخطط الخبيث، معلنا أن القضية ما زالت في أرض المعركة، ولم تحسم بعد.

هيبة العدو سقطت، وشوكة جيشه انكسرت، فسوف تظل مرئيات وتسجيلات جنوده شاهد صدق على مدى ضعفه وهوانه، وأنه لا يستعرض قواه إلا على العزل الأبرياء، وأنه في ساحات الحرب جبان رعديد

وفي ذات السياق أحيا في نفوس الأمتين العربية والإسلامية الأمل في التحرير وإنجاز وعد الله المنتظر، وذكر شبابها وشيوخها بقضيتهم وعدوهم، فذلك الجيل الذي نشأ وترعرع بعد اتفاقيات السلام وأوسلو هو الآن الذي يخوض المعركة ضد أوهام العدو، وليس ببعيد عن هذا السياق حادثة الإسكندرية، فآلة العدو الإعلامية ومن في ركابه حول التطبيع ضاعت هباء منثورا مع السابع من أكتوبر.

أضف إلى ذلك أن هيبة العدو سقطت، وشوكة جيشه انكسرت، فسوف تظل مرئيات وتسجيلات جنوده شاهد صدق على مدى ضعفه وهوانه، وأنه لا يستعرض قواه إلا على العزل الأبرياء، وأنه في ساحات الحرب جبان رعديد، وهنا يتنزل واقعا حيا قوله تعالى "لا يقاٰتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من ورآء جدر ۚ بأسهم بينهم شديد ۚ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتىٰ" (الحشر: 14) يشهد على هشاشة العدو ودولته، وقد نشرت وسائل إعلامه فرار رئيس وزرائه السابق إيهود باراك مع الفارين.

أكرر أن ثمن ذلك النصر تضحيات غالية ودماء زكية، ولكن النصر إنما هو صبر ساعة، وكي يتحقق هذا الصبر وتمر هذه الساعة كي يكتمل النصر ينبغي ويجب على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها التضامن مع فلسطين وغزة والمقاومة ومعركتها، وألا يتخاذلوا عن نصرتهم نصرا مؤزرا، فإن العدو أطماعه لن تنتهي ولن تتوقف عند غزة أو فلسطين فأحلامه وطموحة تمتد من النيل إلى الفرات، وفساده وإفساده لن يترك بشرا ولا حجرا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان