شعار قسم مدونات

المساجد والصلاة

لماذا لا نخصص في المسجد مكانًا للشاشة السحرية التي يحبها الأطفال؟ (الأناضول)

يزعجني جدًا ربط المسجد بالصلاة فقط، وأن المسجد دار عبادة لا يحل اللعب وقضاء الوقت فيه، ولا يحل الضحك بصوت عالٍ فيه ويغلق بعد كل صلاة، فتلك مصيبة وآفة أصابت مجتمعنا جعلت الطفل أبعد ما يكون عن المسجد، فكلما ذهب إليه رأى العجوز يرمقه بنظرة مرعبة وبكلماتٍ قاتلة وبعينين تخرج منهما نار، وربما يظن الطفل أن هذا العجوز ينفث اللهب كما يفعل التنين "أبو سن" (إحدى الشخصيات الكرتونية) فهذا للأسف الشديد يجعل الطفل يرغب في الابتعاد عن المسجد، ولا يحب الاقتراب منه.

الملهيات كثيرة في زمننا الحالي، فخارج المسجد ينتظره الإنترنت، والهاتف العملاق الذي يمتلئ بالألعاب المسلية، والتلفاز الذي يجعله يعشق الجلوس على أريكة المنزل ساعات من دون ملل، وهنا يجب أن نقف كثيرًا أمام عبقرية المفسدين لنتعلم أن الوسائل نفسها يمكن استغلالها بشكل صحيح، فلماذا لا نخصص في المسجد مكانًا للشاشة السحرية التي يحبها الأطفال؟
لماذا لا نصحبهم للمسجد ونرغبهم فيه؟ لماذا لا نستغل طاقاتهم في اللعب ونجعلهم يقضونها في المسجد؟

نكون بذلك غيرنا مكانه المفضل. ومن هنا يبدأ التغيير، وإن كان للمسجد إمام فلماذا لا نخصص لهذا الإمام جزءا بسيطا من المال من كل أب لديه طفل يريده أن ينشأ نشأة صالحه، وليعدّها الصدقة الثانوية التي يدفع بها للمارة في الشوارع، وهذا لكي ينشأ الطفل نشأة سليمة خالية من الاضمحلال الفكري ومن دون أن يفقد هويته الإسلامية، وتحت الرقابة الأهلية؛ فالمسجد قريب من كل البيوت، فمصر كلها مساجد، ونكون بذلك قد نقلنا إلى المجتمع أن المسجد ليس للصلاة فقط.

كما أنه من الغريب أن الناس تعيب على من يذهب للمسجد بثياب أنيقة وبحقيبة لطيفة ومشروب محبب، وزينة جميلة، خذوا زينتكم عند المساجد يا سادة! فوالله إن هذا الدين يسير سهل، لا تغيب عنه كبيرة أو صغيرة إلا تكلم فيها، وتحدث عنها، (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين للَّه شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قَوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن اللَّه خبير بما تعملون) (المائدة: 8) فلا تلتفتوا للبلهاء الحمقى، وتذكروا أن الأطفال هم المستقبل، هم الحياة فاستثمر فيهم حتى تدر هذا الاستثمار علينا ربحًا غير منقطع.

وإن كنت لا أستبعد أن الدولة المصرية في المرحلة المقبلة ستتفاجأ بقرارات قاتلة في الشق التعليمي، وأن التعليم سيعدم شنقًا وسيكون كل المتعلمين متهمين، لا أستبعد هذا من الساحة المصرية بشكل قريب، كما أنني لا أستبعد إلغاء فرض ضرائب على المساجد، وعلى الأزهر، وضرائب أخرى على التعليم، لا يقدر عليها أحد وسيكون التعليم المجاني لا وجود له بشكل كامل.. فماذا يفعل التعليم في وطنٍ ضاع؟

‏ويبدو أن الحل الوحيد هو الهروب، سيضطر كل مقتدر على الفرار بنفسه وبأحبابه، ‏وإذا دققنا النظر قليلا سنرى ‏أن الأطفال ما كان لهم أن يظنوا ‏أن المسجد مكان للصلاة فقط.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.