الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد؛ هتاف تردده ملايين الحناجر، لترتج به أصقاع الأرض، ويبلغ صداه عنان السماء.
هو في هذا اليوم شعيرة لا بد أن تُنشر وتعلن، وشعار ينبغي أن يبرز ويعلو.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله والله أكبر
الله أكبر ولله الحمد
كلمات ينطق بها لسان المسلم، فتسري انتعاشا في نفسه، ورفعا لهمته، وارتقاء لروحه.
الله أكبر الله أكبر؛ يرددها الحجيج تعظيما لله، وخضوعا لأمره، وإعلاء لشأنه، وبها يحطمون كبرياء الباطل والطاغوت.
ولا إله إلا الله؛ بها يقرون لله بالخلق والأمر، وأن لا أحد سواه متصرف بالكون، والمستحق للعبادة، فلا معبود بحق إلا الله.
والحمد لله؛ تحمل ثناءهم على الله أهل الثناء والحمد، وشكرهم إياه على أن وفقهم لأداء ركن الحج العظيم تلبية لأمره تعالى، واستجابة لأذان نبيه الكريم إبراهيم عليه السلام.
وفي العيد يهتف بالتكبير والتهليل والحمد لله؛ الغنيُ مع الفقير والأبيض مع الأسود، فتستحضر نفوسهم حقيقة المساواة التي أرساها فيهم خالقهم وإلههم، وأن الله وحده صاحب العظمة والكبرياء والفضل والأمر، وهم خاضعون لشرعه ومنقادون لأمره، ليتراحموا فيما بينهم، ويعلموا أن ما تفضل الله به على الغني جعل فيه حقا للفقير، وما أعطاه لذي المكانة والسلطان أراده وسيلة لإرساء شريعة الحق والعدل والإحسان.
وهتاف العيد إعلان للفرح في يوم جعل الله تعالى فيه الفرح للمسلمين حقا مشروعا، بل واجبا دينيا وشرعا إسلاميا. وهو فرح يعم الجميع ويدخل كل بيت، وشرع لذلك ما يوصل إليه من التقاء الناس في جموع كبرى ليؤدوا معا صلاة العيد ويتبادلوا التهاني والأماني الطيبة، وسن سنة الأضحية، ليُطعم من أطايبها الغني المقتدر والفقير المحروم الذي قد لا يملك ثمن لحم يأتي به لعياله في هذا اليوم، وأتاح للناس لهوا مباحا يدخل إلى النفس نصيبا من السرور والبهجة.
ولأنه ينبغي للفرح أن يعم الجميع فلا بد للمتعب المهموم أن يعيش حقيقة أن الله أكبر.
الله أكبر فوق الهموم والآلام
والله أكبر فوق المآسي والأوجاع، والله أكبر رغم المحن ورغم الابتلاءات. فليس له أن ييأس أو يقنط، بل عليه أن يتيقن أنه لا إله إلا الله، وأن الخير بيديه، فينتظر منه فرجا قريبا، ويحمد الله من قبل ومن بعد.
وفي فلسطين ترتفع أصوات أبناء الأرض بالتكبير، فيتصاغر المحتل أكثر وأكثر في عيونهم، وتزول خشيته من نفوسهم، ويزداد يقينهم بأن الاحتلال زائل، وأن ليل الظلم وإن طال سيتبعه فجر مشرق. فتتفجر عزائمهم إصرارا على متابعة طريق مقارعة الاحتلال غير آبهين بدعوات التخذيل الآتية من هنا وهناك؛ وبذلك يكونون مادة النصر القادم لأمة الإسلام.
وتتنفس جراحات المسلمين المكلومين من الإيغور والروهينغا لتتجاوز الألم وتتمسك بالأمل، مرسخة يقينها بأن قوة السماء لن تعجزها قوة طغاة الأرض الذين تمادوا في غيهم وإجرامهم. فالله أكبر من كيدهم، وهو موهن كيد الكافرين، وإذا كان للباطل جولة فإنها لن تدوم، وإنما هي محنة يعيشونها وستنتهي، ﴿وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين﴾. آل عمران: 141.
ويقينهم بأنه لا إله إلا الله هو قوتهم التي سيقهر الله تعالى بها عدوهم. فالله أكبر الله أكبر ولا إله إلا الله ولله الحمد.
وتطوف تكبيرات العيد بأناس دفعهم المستبدون ومجرمو الحرب إلى ترك أوطانهم للبحث في بقاع الأرض عن مساحة يأمنون فيها على أنفسهم وأهليهم، فإذا بالغربة تؤلم نفوسهم، وبالحنين يقض مضاجعهم.
وتعود إليهم في العيد ذكريات فرحته في أوطانهم قبل الرحيل، ولقاء الأحباب والجيران والأقارب. ويشتاق أطفالهم لبسمة حانية من عم أو خال، ولمسة دافئة من عمة أو خالة، ويشتاقون لضمة الجد تسعدهم وهدية الجدة تفرحهم.
وتمر بالمغتربين تلك الخواطر وتتحرك الجراح، فإذا بهم يشعرون بالتكبير يأتي ليبلسم جراحهم. فالله أكبر الله أكبر، ولا إله إلا الله، ولله الحمد.
وتأخذنا خواطر العيد شرقا وغربا، ولكنها تأبى إلا أن تعود بنا إلى حيث بدأت في بلد الله الحرام، وبيته الحرام، وتغوص بنا في أعماق التاريخ لنرى نبي الله إبراهيم عليه السلام يودع زوجه هاجر ورضيعها إسماعيل بواد غير ذي زرع، فتناديه كأنما تستعطفه "يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا؟" وتعيد ذلك مرارا، ولا يلتفت إليها، ثم تقول "آلله أمرك بهذا؟" ويرد "نعم"، فتقول بيقين "إذن لن يضيعنا".
وحين يشتد بها وبابنها العطش تنطلق ساعية بين الصفا والمروة في 7 أشواط، ثم تصل موضع زمزم، فإذا هي بالملَك هناك قد بحث بعقبه حتى ظهر الماء.
ونستحضر اليوم ذلك المشهد لنستيقن قرب الفرج، وبانتظار الفرج نعيش الفرح.
فما علينا إلا أن نتمسك بيقين هاجر أن الله تعالى لن يضيعنا، ونسعى كما سعت إلى غاياتنا المشروعة، وبعدها سنعيش لذة الارتواء بعد الظمأ.
- ألا فافرح يا من أنهكته الفاقة، فإن بعد العسر يسرا.
- افرح أيها المأسور ظلما، فزنزانات الطغاة لن تدوم.
- افرح أيها المُبعد إلى بلاد غريبة، وانتظر أن تعود قريبا إلى الوطن.
- افرح أيها الموجوع من واقع أمته، فأصنام الأمس قد حطمها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما دمت سائرا على هديهم فإنك ستجد السبيل لتحطيم أصنام عصرية يُراد لها اليوم أن ترتفع.
افرحوا جميعا وأنشدوا نشيد العيد:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله والله أكبر
الله أكبر ولله الحمد.