شعار قسم مدونات

أنا ووليدي والوحش المخيف

blogs اكتئاب بعد الولادة
الرضاعة الطبيعية تقلل من الاكتئاب لذا حافظي عليها لصحتك وصحة طفلك (مواقع التواصل الاجتماعي)

أستطيع الإحساس بأصابعك ترتعش وهي تشاهد أخبار مواقع التواصل الاجتماعي عن الحوادث المأساوية لتلك الأمهات اللاتي يقتلن أطفالهن، أستطيع سماعك تهمسين غير مصدّقة؛ هل هذا مرض؟ وهل يصيب كل امرأة حامل؟ أم يصيب فقط كل أم جديدة؟ والعديد من الأسئلة التي تضج في عقلك، فتتساءلين وأنت تنظرين إلى سرير طفلك النائم بمشاعر تراوح  بين خوف وقلق عليه.

سأحاول في هذا المقال مساعدة من تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، ليعلمن أنهن لسن الوحيدات اللواتي يمر بهن وأنه لا ينبغي لهن العزلة والحرج من إصابتهن به. أردت أيضا رفع مستوى الوعي بالمرض ومحاولة الشروع في تحطيم وصمة العار التي تحيط به.

لا داعي للقلق أبدا يا عزيزتي، وهذا المقال قد كتب خصيصا من أجلك، فهيا بنا لنتعرف على هذا الاضطراب، على أسبابه وعلاجه.

في البداية سأخبرك أننا لا نعرف حتى الآن عن سبب إصابة بعض النساء باكتئاب ما بعد الولادة دون غيرهن، وعلى الأرجح ليس هناك سبب واحد لذلك إلا أنه يمكن أن يحدث بسبب عوامل ضاغطة تزيد من احتمال التسبب بالإصابة به مثل:

  • عدم التحضير لمرحلة ما بعد الولادة ومعرفة حجم المسؤولية التي ستقع على عاتق الأم، من الاهتمام بنفسها والاهتمام بالطفل وكل ما يخصه.
  • انخفاض مفاجئ لهرمونات الإستروجين والبروجيسترون وهرمونات أخرى بعد الولادة مباشرة.
  • إن كنت قد أصبت به في ولادة سابقة لك.
  • فقدانك لأمك حين كنت طفلة.
  • تعرض لضغوط كثيرة في مدة قصيرة.
  • وضعت طفلا قبل موعده أو كان مريضا.
  • إصابة سابقة بمرض ثنائي القطب.

وهذا الاضطراب مقسم إلى 3 مراحل:

  • الأول يدعى بضيق ما بعد الولادة (baby Blues): بعد ولادتك مباشرة ستشعرين ببعض الأعراض قد تستمر من أسبوع إلى أسبوعين، وأعراضه مثل:

تشعرين أنك عاطفية جدا، حساسة، مرهقة، قلقة وخائفة على الطفل، بكاء شديد مع عصبية في بعض الأحيان.. كل تلك الأعراض بسيطة وطبيعية تصاب بها 50-70% من الأمهات وتكون مرحلة عارضة إن تم التعامل معها بشكل صحي وسليم.

  • الثاني يدعى باكتئاب ما بعد الولادة: وهذا زيادة عن المشاعر الطبيعية التي تشعر بها كل أم، وتتحول الأعراض البسيطة التي كانت ستختفي مع الوقت إلى أعراض أخطر تصاب بها امرأة من كل 10.

أعراضه مثل: عدم رغبتها بالعناية بطفلها، رغبتها بالتهرب من المسؤولية، فقدان شهية، لم تعد تسعد بأشياء كانت تسعدها سابقا، لا ترغب بالاحتكاك بالناس وترغب بالعزلة، لا تعتني بنفسها، أرق، لوم الذات.

لذا، ينبغي إخبار الطبيب المعالج بكل ما يلاحظه الأهل أو الزوج على تلك الأم وطلب تدخله الطبي فور حاجتها إليه من دون التسويف حتى لا يكون خطرا على الأم وطفلها.

  • الثالث يدعى ذهان ما بعد الولادة (postpartum psychosis): وهو اكتئاب ما بعد الولادة المصحوب بأعراض ذهانية إذا استمرت تلك الأعراض أكثر من سنة.

أعراضه: الهوس، تغيير المزاج فجأة بين السعادة والحزن، الهلوسة، رؤية أشياء وسماع أصوات أو شم روائح غير موجودة في الحقيقة، الأوهام، سوء تقدير الخطر، قد تقوم الأم بإيذاء طفلها أو نفسها لأنها غير واعية بنفسها وتصرفاتها.

العلاج: مكوثها في المشفى نحو 12 أسبوعا لضرورة مراقبتها، بعيدا عن طفلها حتى لا تسبب له الأذى بغير قصد، بالعلاج السليم تشفى وتعود لطبيعتها مرة أخرى.

وبعد أن تعرفنا سريعا عليه..

ينبغي لنا التأكيد أن التشخيص ينبغي أن يكون على يد متخصص طبيب أو معالج نفسي، إذ يسهل عليه التعرف على اكتئاب ما بعد الولادة من خلال استبيان مثل "استبيان إدنبره لاكتئاب ما بعد الولادة".

وأيضا عليك أيتها الأم التأكد أولا إن كانت صحتك العضوية هي سبب تلك الأعراض التي تعانينها، وذلك بالكشف الطبي والقيام ببعض تحاليل الدم.

والآن حان وقت نصائحي إليك حتى نتخلص من هذا الاكتئاب سريعا:

  • انتهزي كل فرصة لتحصلي على قسط من الراحة، حاولي أن تتعلمي كيف تأخذين غفوات قصيرة.
  • احصلي على التغذية الصحية الكافية، مثل السلطات والخضار والفواكه الطازجة.
  • ممارسة الرياضة بانتظام تساعد على تحسين معنوياتك.
  • اخرجي مع أصدقائك ولا تنعزلي في البيت.
  • تعرضي للشمس فهي تحسن من مزاجك.
  • الرضاعة الطبيعية تقلل من الاكتئاب، لذا حافظي عليها لصحتك وصحة طفلك.
  • احرصي على توفر تلك الأغذية في متناول يديك بخاصة أنها لا تحتاج إلى طهي، كالتي تحتوي على فيتامينات وبعض الحبوب وعصير الفواكه والحليب.
  • أوجدي الوقت للاستمتاع مع زوجك، هذا يساعد في زيادة جو الحب والفرح في البيت.
  • كفّي عن لوم نفسك أو زوجك والآخرين حولك ولا تخلقي جوا متوترا قد يؤذيك ويدخلك في اكتئاب أنت وزوجك، فهو لديه قابلية للإصابة بالاكتئاب أيضا.
  • لا تخجلي من طلب المساعدة عندما تكونين بحاجة إليها، ولا تحاولي أن تكوني "المرأة الخارقة"، دعك من تلك الترهات التي تزيد الأعباء عليك وتضغطك وتجعلك تسقطين فريسة للاكتئاب؛ أنت بشر وإنسانة طبيعية بحاجة إلى الرعاية والاهتمام متى احتجت إليهما.
  • قد يكون مجرد الحديث مع شخص متعاطف ومتفهم لا يوجه إليك الانتقادات راحة كبيرة لك، قد تكون صديقة، قريبة، وقد يكون طبيبا.

معظم العيادات الآن يتوفر لديها متخصصون ومدربون بإمكانهم جميعا مساعدتك لتخطي اكتئاب ما بعد الولادة.

  • إن احتجت إلى العلاج النفسي، تأكدي من أنك تثقين بالمعالج وأنه حاصل على التدريب المناسب.
  • لا تنسي إخبار المعالج إن كنت ترضعين رضاعة طبيعية حتى يعلم قبل كتابة أي علاج دوائي لك.

وأخيرا حتى لو كنت مصابة بالاكتئاب الآن، فإن تلقي المشورة والعلاج يمكن أن يساعدك على التحسن ولم يفت الأوان بعد، ها هي أيادينا تمدّ إليك فلا تتركيها.

 

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.