هل ترغب في نشر السعادة لمن حولك؟ هل تسعد عندما تحظى بهدية ما؟ بالتأكيد ستكون إجابتك "نعم".
الهدية -تلك التي أوصى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال " تهادوا تحابوا "- لها آداب وأصول علينا أن نأخذ بها كي تحقق الهدف من ورائها من نشر المحبة والسعادة بين الناس.
اختيارها فن
إن تقديم الهدية من الأمور التي يستطيع بها الشخص أن يظهر اهتمامه وتقديره للشخص المهدى له، ولكن لا بد أن يتم اختيار الهدية بعناية وفق المناسبة ونوع المهدى له؛ سواء كان ذكرا أو أنثى، فالهدايا مهما كان نوعها يجب أن تلائم ذوق وعُمر المهدى له؛ لا ذوق وعمر من يقدّم الهدية.
أذكر هنا موقفا حدث مع ابنتي، حيث إنها كانت تذهب للتعلم في إحدى المراكز وأرادت المعلّمة وقتها أن تكافئ طالباتها على تفوقهن وتشجعهن على الاستمرار في ذلك، فأحضرت لهن هدايا مغلفة تغليفا رائعا، ولكن كانت المفاجأة عندما فتحت ابنتي هديتها؛ فقد كانت غير ملائمة لعمرها، مما أدى إلى انزعاجها بدلا من مسرتها.
لذا لا بد أن نراعي عند اختيار الهدية مدى ملاءمتها للشخص المهدى له كي تؤتي ثمارها. كذلك تختلف الهدايا المقدمة وفق اختلاف المناسبة، فهدايا الزواج أو المولود تختلف عن هدايا العمل أو هدايا التخرج مثلا.
قدِّمها بابتسامة
لا يكفي أبدا أن يحسن المرء فقط اختيار وانتقاء الهدية؛ وإنما عليه أيضا اتباع الأصول والإتيكيت في تقديم تلك الهدية، والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية:
- اجعل هديتك جميلة وجذابة، وذلك بأن تحسن تغليفها قبل تقديمها بحيث تسر وتلائم الشخص المهدى له.
- لا بد من التأكد من نزع الثمن الملصق على الهدية، وذلك قبل تغليفها وتقديمها.
- في حال إهداء قطع من الملابس أو الإكسسوارات أو أي شيء يمكن ارتداؤه فتأكد من وجود ملصقها أو علامتها التجارية عليها، وذلك قبل إهدائها كي لا تبدو الهدية كأنها قد سبق استخدامها أو أنها غير جديدة.
- من الجميل إرفاق بطاقة معايدة تحمل بعض الكلمات الرقيقة.
- وأخيرا عند تقديم الهدية، يجب أن تصحب ذلك بابتسامة مع مراعاة استخدام ألفاظ رقيقة ومهذبة تظهر بها المودة والتقدير للشخص المراد تقديم الهدية له.
شكرا جزيلا
والآن بعد أن تعلمنا أصول وإتيكيت تقديم الهدايا؛ بالتأكيد البعض منكم يدور في ذهنه ما إذا كان هو الشخص المهدى له، فما قواعد اللياقة المتبعة عند استقبال الهدية؟
أولا: عليك استقبال الهدية بابتسامة أيضا، وأن تبدي امتنانك وسعادتك بها.
ثانيا: لا تهتم بقيمة الهدية وإنما لا بد من شكر مقدِّم الهدية لمجرد اهتمامه والتفكير في إحضار تلك الهدية لك.
ثالثا: احرص على فتح الهدية أمام صاحبها وأظهر مدى سرورك بها حتى وإن كانت لا تعجبك.
رابعا: في حال وجود جمع من الناس فتجنب فتح الهدية أمامهم كي لا تحرج البعض وكي لا تؤذي مشاعر صاحب الهدية في حال كانت بسيطة.
خامسا: إن قدم لك أحدهم هدية ولم تعجبك أو لم تستفد منها فإياك أن تخبره بذلك كي لا تسبب له إحراجا أو تشعره بأن هديته بلا قيمة.
حتمية أم اختيارية؟
تنقسم الهدايا إلى نوعين أولها ما يعرف بالهدايا الحتمية وهي تلك المرتبطة بالمناسبات الخاصة كمناسبة الزواج أو المولود، أو ذكرى ميلاد أفراد الأسرة مثلا.
ففي مناسبة الزواج مثلا أود أن ألفت النظر إلى أنه من الجميل أن يتم سؤال العروسين عن نوع الهدية وما يفضلانه، حيث إنه من المستحب أن تكون الهدية شيئا يحتاجه العروسان، كاستكمال بعض الأجهزة مثلا أو بعض الديكورات وهكذا، فلا حرج من سؤالهم عن نوع الهدية.
أما النوع الآخر فهو ما يعرف بالهدايا الاختيارية، وهي الهدايا التي تُقدّم لإدخال البهجة والفرحة إلى نفوس الأشخاص الذين نودهم، كهدايا القادمين من السفر وهدايا الزيارات الاجتماعية وعرفان الجميل وغيرها.
وسواء كانت الهدايا حتمية أم اختيارية فيجب ألا تتأخر عن مناسبتها كثيرا وإلا أحدثت ردة فعل عكسية ودلت على قلة الاهتمام. لذا أنصح بأنه في حال اضطر مقدم الهدية للتأخر في تقديم هديته بأن يبدي اعتذاره عن هذا التأخير للشخص الذي ستتم مجاملته وإهداؤه، على أن يبادر بعدها بتقديم الهدية ويتجنب إطالة الأمر.
كذلك من اللائق أن تقابَل الهدية باهتمام ولا تحُتقر أو يُقلّل من شأنها، فعلى سبيل المثال إذا أهداك صديق تحفة جميلة فعليك أن تضعها في مكان بارز في بيتك، بحيث يمكنه رؤيتها عند زيارته لك في المرة القادمة.
رسالة سلبية
أشرت إلى أن الهدية هي بريد السعادة ووسيلة لتأليف القلوب وشرح الصدور، ولكن قد تحمل الهدية في طياتها بعضا من الرسائل السلبية والتي من شأنها أن تكون سببا في إيغار الصدور أو ترك انطباعات سيئة عن صاحبها، وذلك عندما لا تتلاءم مع المركز الذي يشغله الشخص فتظهر كأنها تقليل من شأنه. أو قد يحدث العكس، وذلك بأن يقدّم الشخص هدية خاصة وثمينة جدا لرئيسه في العمل على سبيل المثال. وإن هذا النوع من التهادي سيُفسَّر بالتأكيد على أنه نوع من التملق ومحاولة كسب رضاه، لذا لا بد من مراعاة الآتي وخاصة في هدايا العمل:
- عند التهادي بين الزملاء يفضل أن تكون الهدية جماعية وخاصة في حالات المجاملات الحتمية كمناسبات الزواج أو المولود، وذلك بأن يجمع مبلغا من المال ويُتفق فيما بين الزملاء على نوع الهدية التي سوف تُقدّم.
- لا يجب أن تهدي الزميلة زميلها أو العكس هدية خاصة كي لا تؤخذ على محمل خاطئ وإنما تفضل الهدايا الرمزية كنوع من التقدير والاحترام.
- إذا كان تقديم الهدية في حفل عام وأقيم لتكريم رئيس العمل وأشرك الموظفون كلهم في تقديمها، فيمكن تقديم هدية ثمينة بلا حرج.
- أيضا لا حرج من تقديم رئيس العمل هدية لأحد الموظفين، بل هو أمر مُستحب ويمكن اعتباره نوعا من التقدير لمجهوداته في العمل.
أسعِد تسعَد
إن تقديمك للهدية مهما كانت قيمتها سيتسبب بلا شك في سعادتك ابتداء قبل أن تُحدث مفعولها فيمن أمامك، وهذا ما حدث مع تلك الفتاة الحزينة التي كانت تشعر بالكآبة والملل والحزن، فذهبت لوالدتها وأخبرتها بما تشعر به، فاقترحت عليها والدتها بأن تشتري مجموعة من الهدايا والألعاب وتذهب بها إلى إحدى دور الأيتام ثم توزعها على الأطفال هناك، وبالفعل نفذت تلك الفتاة ما اقترحته عليها والدتها، وكانت سعادتها كبيرة وهي توزع وتعطي تلك الهدايا للأطفال وترى السعادة تملأ وجوههم، وكم كان ذلك رائعا، وقد أثر ذلك عليها بشكل كبير؛ فقد بدأت تشعر بسعادة غامرة تتسلل بداخلها.
وفعلا، عندما قامت تلك الفتاة بإسعاد هؤلاء الأطفال اليتامى كانت هي أول من سعِدت معهم، فإذا أردتَ أن تسعَد بحق فأسعِد من حولك، والهدية هي خير مرسال لذلك.
دمتم سعداء.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.