شعار قسم مدونات

أزمة ثلوج إسطنبول.. متى تتوقف هدايا العدالة والتنمية لإمام أوغلو الفاشل؟

أكرم إمام أوغلو
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (الأناضول)

على الرغم من تحذيرات سابقة لهيئة الأرصاد بأن هناك عاصفة ثلجية شديدة قادمة على إسطنبول، فإن فشلا كبيرا في إدارة البلدية للأزمة أدى إلى شلل تام في حركة المرور في كل طرق إسطنبول؛ حيث انقطعت السبل بعشرات الآلاف الذين حُبسوا في سياراتهم في الشوارع تحت العاصفة لساعات طويلة، وبدا هناك غضب شعبي كبير نتيجة فشل إدارة أكرم إمام أوغلو، خاصةً بعدما سُربت له صور وهو يتناول العشاء مع السفير البريطاني في تركيا في أحد مطاعم الأسماك الفاخرة وقت العاصفة.

وعلى الرغم من أن هذا الفشل ليس الأول ولن يكون الأخير بالطبع، فإن استطلاعات الرأي حتى للشركات القريبة من العدالة والتنمية والرئيس أردوغان تتحدث عن أن إمام أوغلو لديه فرص للفوز في انتخابات البلدية لدورة ثانية، وحتى في بعض الاستطلاعات من الممكن أن يفوز في انتخابات الرئاسة ضد أردوغان!

تركيخليل مبروك - الثلوج تغطي السيارات وتتركها عالقة في الشوارع لعدة أيام في اسطنبول -
الثلوج تغطي السيارات وتتركها عالقة في الشوارع لعدة أيام في اسطنبول (الجزيرة)

والسؤال المهم هنا كيف يحدث هذا؟

السبب الأساسي.. هدايا أردوغان وحزب العدالة والتنمية!

قبل أن يصبح إمام أوغلو رئيسًا لبلدية إسطنبول، كان شخصًا بلا تاريخ سياسي، وحتى خلال فترة رئاسته بلدية بيليك دوزو لم يكن له تأثير أو إنجازات كبرى، وعندما رُشح لانتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى توقع الجميع خسارته، خاصة أن أسماء أقوى منه خسرت في انتخابات سابقة، ومنها كمال كليشدار أوغلو الذي أصبح في ما بعد رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، وهنا كانت أول هدية من حزب العدالة والتنمية لإمام أوغلو وهي ترشيح  بن علي يلدريم اعتمادًا على اسمه وتاريخه، ولم يقوموا بحملة انتخابية قوية تليق بمنصب البلدية الأكبر والأهم في تركيا؛ فكانت النتيجة فوز إمام أوغلو في الانتخابات بفارق 18 ألف صوت وخسارة العدالة والتنمية لهذا المنصب لأول مرة منذ 24 عامًا.

وبعدها كانت الهدية الثانية، وهي إصرار العدالة والتنمية على إعادة الانتخابات بحجة وجود شبهات تزوير في عمليات الفرز، وهنا ظهر إمام أوغلو في موقف المظلوم، لهذا كانت النتيجة في انتخابات الإعادة أن اتسع الفارق إلى 800 ألف صوت لصالح أوغلو.

تعددت بعد ذلك الهدايا من الحكومة لإمام أوغلو، فبعد استلامه رئاسة البلدية بشهور كان في إجازة خارج إسطنبول عندما حدثت سيول شديدة في المدينة، وعلى الرغم من تحذيرات الأرصاد لم يكن أداء البلدية كافيًا، ولم يقطع أوغلو إجازته، ونتج عن ذلك فشل في إدارة الأزمة؛ وعلى إثرها تضررت الكثير من المحلات التجارية بالإضافة إلى حدوث شلل مروري، مما أدى إلى غضب شعبي واسع وانخفاض في شعبية إمام أوغلو وهنا تدخل أردوغان وقدم هدية أخرى لأوغلو، وكانت فتح تحقيق ضده والسبب أنه خلال زيارة إمام أوغلو لقبر السلطان محمد الفاتح وضع يده خلف ظهره فيما فُهم لدى البعض على أنه "عدم احترام" لقبر السلطان ومقامه، التحقيق الغريب وغير المبرر لدى الكثير استغله إمام أوغلو ليظهر في مظهر المظلوم المضطهد وعادت أسهمه لترتفع مرة أخرى.

وكانت آخر هدايا العدالة والتنمية خلال أزمة المواصلات العامة التي شعر بها الجميع في إسطنبول نتيجة إهمال الصيانة الدورية للحافلات وخطوط المترو، مما أدى إلى قلة عدد الحافلات والرحلات وهو ما تسبب في زحام شديد، وأصبحت الحافلات المعطلة في الطرقات من المشاهد اليومية في إسطنبول، وبدلًا من أن يترك حزب العدالة والتنمية أوغلو ليواجه غضب الشعب حدث العكس، وكان المنقذ له في هذه المرة وزير الداخلية الذي فتح تحقيقا بحجة أن إمام أوغلو عين 500 شخص في البلدية من أفراد تنظيمات إرهابية، وحدث هذا من دون تقديم أي أسماء لهؤلاء الإرهابيين، فكانت النتيجة أن تعاطف معه الشعب على أنه مضطهد من الحكومة وازدادت شعبيته، وفقًا لآخر استطلاعات الرأي.

هكذا أدرك أوغلو أن أفضل طريقة للتغطية على سوء إدارته أن يعيش دور المظلوم المضطهد؛ فهذا هو الطريق لجلب تعاطف الشعب، فلو كنت مكان إمام أوغلو لن أكون قلقًا إزاء الأزمة الأخيرة الخاصة بالعاصفة الثلجية، فهدايا العدالة والتنمية لن تتأخر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.