شعار قسم مدونات

نحتاج حراسا وهدافين على ثغور الأمة.. الفريق المغربي نموذج يحتذى به

FIFA World Cup Qatar 2022 - Quarter Final - Morocco v Portugal
نجم المنتخب المغربي سفيان بوفال يراقص والدته فرحا بعد الانتصار على البرتغال (رويترز)

شاهد مشجعو كرة القدم في مشارق الأرض ومغاربها إقدام حارس المنتخب المغربي وتعاون فريقه، وتألقهم أمام الفرق الغربية العريقة في الرياضة (بلجيكا وكندا وإسبانيا وكرواتيا)، وهذا من توفيق الله أن بث الفرح في قلوبهم وأثلج صدورهم، فالسعادة عمّت أرجاء العالم الإسلامي على مستوى الأفراد والجماعات والدول والشعوب من عرب وأمازيغ وأفارقة وكرد وترك وفرس وبشتون وبلوش وطاجيك وهنود وأوزبك، وجميع أطياف وإثنيات هذه الأمة العظيمة، وسبحان الله القائل: (وأنه هو أضحك وأبكى) (النجم: 43).

وهذا الحدث الرياضي في غاية الأهمية؛ لما فيه من دروس وعبر ورسائل لأبناء الأمة وأعدائها، وفي مقدمتها:

  • إن الأمة في أشد الحاجة إلى أمثال ياسين بونو وإخوانه وزملائه الشجعان للتصدي للهجمة الشرسة التي تستهدف الأمة الإسلامية، وضرورة حراسة مرماها، وتسديد الأهداف في مرمى أعدائها في ميادين شتى.
  • إن الأمة في حاجة ماسة إلى أمثال ياسين بونو يتصدى لهجمات الملاحدة والشواذ وأصحاب الغايات الدنيئة وأسواق إبليس وقطع حباله اللعينة، كما أن الأمة بحاجة إلى مهاجمين واثقين بربهم ودينهم، ومسلحين بالإيمان والعزيمة والإقدام والهمة، ومتمسكين بالقيم الإنسانية الرفيعة المستمدة من كتاب الله العزيز، وهدي النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لإعلاء كلمة الحق ورسالة التوحيد في شتى بقاع الأرض.
  • إن الأمة بحاجة إلى من يتصدى للفقر والتشرد والجوع والبطالة والفساد، وإلى فرق مؤهلة متماسكة وخبيرة في مجال الاقتصاد والبناء، يسجلون الأهداف المتواصلة في تعزيز التنمية الشاملة، وحل أزمة البطالة، والقضاء على الفقر والأمية والجهل، ومحاربة الجمود الفكري، والتردي الثقافي، والانهيار التعليمي، والترهل الإداري، والفساد المؤسسي.
  • إن الأمة بحاجة إلى رجال أمناء وصادقين ومتعاونين في مجال التخطيط السياسي والعسكري والدستوري والفكري والاقتصادي والثقافي والإنساني، وغايتهم رضا الله ونصرة الحق والنهوض الحضاري.
  • ارتباط فريق المغرب "ياسين بونو ورفاقه" بهوية الأمة والتمسك بثقافتها وقيمها وأخلاقها، والتصدي لمن يحاول طمس هويتهم أو تمييع ثقافتهم، فهم أثبتوا أن بإمكان المؤمن الاعتزاز بدينه وقيمه وأخلاقه أمام كل العابثين والمستبدين، والهادفين للنيل من كرامتها وحضورها.
  • إن الأمة بحاجة لرجال قادرين على تحمل المسؤولية وتحرير الأوطان المنهوبة وشعوبها المغلوبة والمستضعفة، والتصدي لمن يريد تمزيقها أخلاقيا وثقافيا وحضاريا، وتحقيق الأهداف السامية في الارتقاء بالبشرية من خلال دينها، وقد رأينا نموذج ياسين ورفاقه في السجود لله شكرا وحمدا على ما منحهم من تفوق وانتصار مبارك على ألدّ المنافسين الرياضيين، وقد سمعنا قول مدربهم وقائدهم وليد الركراكي: "رضا الوالدين، وصفاء النية، والعمل بإصرار وعزيمة أساس فوزنا في مباريات المونديال"، وهذا النهج الأخلاقي الفطري لو التزمنا به في أمور حياتنا كلها لما خيّبنا الله؛ إخلاص النية، وبر الوالدين، والأخذ بالأسباب، هو طريق النجاح والفلاح الدنيوي والأخروي.
  • الأمة في أمسّ الحاجة للقدوة الحسنة في الإصلاح السياسي الذي يخدم واقع الأوطان، ويحاكي متطلبات أبنائها، ويسهم في نهضة الأمة، ومنافستها لغيرها، وتفوقها، وشهودها الحضاري.
  • إن "مونديال قطر" مثّل تظاهرة كبرى وسوقا دولية لترويج الأفكار، وقد استغلته مؤسسات وشركات وشبكات إعلامية وثقافية شرقية وغربية لترويج منتجاتها وثقافاتها، وهو ما يحتّم على المسلمين في مثل هذه المناسبات أن يؤدوا رسالتهم بكل صدق وتحد، بالاستفادة من هكذا أحداث استثنائية لنشر قيم الفضيلة والثقافة السمحة، وترجمة تعاليم الدين الحنيف، من أقوال إلى أفعال وسلوك ومعاملات، ليكون كل مسلم داعية يؤدي دوره الإنساني والحضاري المنوط به، مهما كانت الظروف، وبلغت التحديات والأهوال والمصاعب.
إعلان

أولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يستغل مواسم الحج لدعوة الوافدين إلى مكة لدين الإسلام، وكانت أسواق عكاظ ومجنة وذي المجاز وغيرها من الأسواق المعروفة في الجزيرة العربية قد تحولت إلى ميادين للدعوة النبوية. وما فتحت المدينة المنورة إلا بإسلام الفريق الوافد إلى مكة خلال موسم الحج، ومنهم أسعد بن زرارة الأنصاري وسويد بن الصامت الأنصاري وغيرهم ممن رجعوا إلى بلدانهم يبشرون أهلهم وأبناء بلدهم بدين الإسلام.

  • إن القرآن الكريم يعلمنا أهمية العمل والبذل والإصرار والعزيمة والإعداد والأخذ بالأسباب للوصول إلى الأهداف السامية سواء كانت مباحة أو واجبة، فالعزائم مطلوبة في كل ميدان يخوضه المسلم في حياته في ميادين السياسة والقانون والاقتصاد والرياضة والإعلام والفكر والتعليم والاستثمار، والحروب والسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي تحقيق النهوض الحضاري.
  • إنها فرصة أن ترعى دولة عربية إسلامية هذا الاجتماع العالمي الرياضي الذي شكّل فرصة للتلاقي الثقافي والإنساني والتعارف الخلاق بين الشعوب، كما أنه فرصة لهزيمة الفرق والمنتخبات التي رفعت راية الانحلال الأخلاقي، وفكروا خارج المنطق الإنساني، وخالفوا الفطرة السليمة، فنالوا هزائم كبيرة وضربات قاصمة جعلتهم يعيشون في حالة من الضيق والتنكيد والحسرة والانعزال والبغضاء.
  • أخيرا يمكن القول: إن انتصار الفريق المغربي على المنتخبات الغربية درس ذو قيمة؛ إذ يجعلنا نفكر مليا في قدراتنا وأهمية الاستفادة منها لإعداد فرق قوية ومتماسكة تعمل بروح جماعية مؤسسية تحافظ على القيم السامية، وتسديد الأهداف في مرمى أهل الباطل ودعاة الميوعة والجهلة وأعوان الشر وأعداء الإنسانية، وفرق تعمل بكل جهدها لتدعيم المؤسسات وتطويرها في المجالات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية والتربوية والثقافية.
إعلان

والله من وراء القصد..

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان