قال ابن خواجة السوداني في أماليه، وصدّقه أهل التواريخ فيما يحكيه:
"كنت بقطر قاطنا، حينما تقرر أن يغدو المونديال بها كائنا، ولا زلت أذكر أنني في أحد مجمعاتها مرافق لأخ من أهل قطر عزيز موافق، اسمه حسين بن خليل، ذو بصيرة نافذة، وبصر عليل، لكن رفقته تروي الغليل، وبعيدا عن الاستطراد والترسيل، فلا أزال أذكر ضجتنا يوم قالها السويسري بلاتر، ونطق بأعجميته "كاتار" (قطر)، فعانقني صاحبي، وظل طول الطريق مواكبي، فسرنا مشيا بين المواكب والأضواء، وقادة كالكواكب، والناس تهتف لضخامة الإنجاز، إذ إنه حقا إعجاز.
ومرت 12 سنة تامة، كعدد بروج السماء التي طاولتها الهمم هامة، وكل التفاصيل كانت هامة، والشنشنة من هنا وهناك تعرفها من أخرم، زرق العيون شقر الشعور والفعل كالأرقم، وحسبك من شر سماعه، وردود قطر كالبرق التماعه، يعقبه غيث الإنجاز وإبداعه، وفي الأرض صدقه في إيناعه، ملاعب بتقنيات مبتكرة، والبنية التحتية غدت مفخرة، وحيل الخفافيش متبخرة، فالحقائق كالشمس باهرة.
وكلما اقترب الموعد المعلوم، تسارع السعي المحموم، وتتابع التجويد، واتقدت الأفكار لتأتي بالجديد، والبصمة الثقافية حاضرة، فشال العرب شعار، وقيمهم دثار، ودينهم أنوار، وتقنيات الروم والفرنجة بأيدي بني العرب إبهار.
ورغم أنف الجائحة، كانت معالم الإنجاز لائحة، تغيرت الخطط مرات وكرات، حتى تقود لحرق المراحل، وتجاوز العثرات، والمرونة في التفكير ميزة، تأتيك بالجديد في مدة وجيزة.
أما المتطوعون، فحديث ذو شجون، من كل قطر، وثقافة، والكل حول الحلم يعلن التفافه، ثقافة التطوع حفازة، والعمل شاق كقطع المفازة، لكن الحلم في القلوب واحة ترويها، وتنعش النفوس وتحييها.
أما حديث حوار الثقافات، فقد قفز فوق التفاهات، فأنت ترى الناس وحدانا وزرافات، يطوفون الأسواق، والساحات، ومراكز الفعاليات، يستكشفون المساجد، وكريم العادات، يتبسمون أهؤلاء هم العرب حقا؟ أم كان الإعلام وحديثه صدقا أم ترهات وحمقا؟ عجبا للتزويق كيف للعقل يخدع، ثم يعود العقل ببيان الحق يردع، فيذهب الباطل جفاء كالزبد، ويثبت الحق كالسماء بلا عمد.
اليوم أو غدا أو بعد غد، تبقى قصة المونديال وتحقق الوعد، شيء للأجيال يعاد، يكذبه من شاء منهم أو يكاد، غير أن في التواتر، والعقل شهادة تستفاد، بأن قطر بلد الأماجد والأمجاد، سلمت في تربها زمانا، وأشدو باسمها ريانا".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.