شعار قسم مدونات

الساروت يصدح في باحة المسجد الأقصى

القدس الدولية: اتفاق أبراهام أعاد تعريف الأقصى المبارك بحسب القياسات الإسرائيلية

 

ما إن شرعت انتفاضة المسجد الأقصى الأخيرة في وجه المستوطنين الإسرائيليين الراغبين في تحقيق حلمهم في يوم القدس العبري، الذي حددوه يوم 28 رمضان، حتى بدأنا نسمع ونرى أهازيج حارس مرمى الثورة السورية عبد الباسط الساروت تصدح في باحات المسجد الأقصى على ألسنة معتصمي المسجد، وبدأ المنتفضون المقدسيون يهزجون بأغاني الثورة السورية وأغاني الساروت وأغنيته الشهيرة، التي أصبحت ماركة مسجلة له، "جنة جنة جنة.. جنة يا وطننا" أغان وأهازيج أكدت على وحدة مسار الانتفاضات العربية، والربيع العربي، خصوصا بعد أن تخللت الأهازيج المقدسية التحية للشعب السوري ولثورته المجيدة.

سبق هذا التأكيد على وحدة المسار نقل قناة الجزيرة مباشر لصلاة التراويح في كل من المسجد الأقصى ومساجد إدلب، وهي ظاهرة ربما فريدة في عالم اليوم بسبب جائحة كورونا، حيث المصلون يصلون كتفا بكتف وقدما بقدم، وقد شاء الله تبارك وتعالى أن أشهد أول صلاة تراويح في إدلب، حيث أعلنت مديرية الصحة والمشافي في الشمال المحرر عن خلوه تماما من إصابات كورونا، ويعزو الأطباء ذلك إلى أن الموجة الأولى، التي ضربت الشمال المحرر، أصابت ربما أكثر من 75% من السكان؛ لكن هزمتها مناعة قوية لدى السكان المحليين، ومع هذا تسببت في وفيات وسط أصحاب المرض المزمن أو كبار السن، ومما عزز هزيمتها على ما يبدو مناعة القطيع، بالإضافة إلى أن الشمال المحرر مغلق عن العالم الخارجي تقريبا، مما حال دون تسلل سلالات متحورة جديدة إليه، كحال دول العالم المفتوحة على بعضها بعضا برا وجوا وبحرا.

لعل أكثر المتضررين من وحدة مسار القدس وإدلب اليوم هم أرباب المقاومة المزعومة، الذين اعتاشوا عليها طوال العقدين الماضيين، مما سيفضح ادعاءاتهم، وسط تأكيد المقدسيين والمنتفضين الفلسطينيين دعمَهم للثورة السورية، التي يصر أدعياء الطائفية في طهران ولبنان والعراق بأنها تستهدف مقاومتهم المزعومة في فلسطين، ليأتي أصحاب الحق وأصحاب الدار، فيُبطلوا سحرهم، ويفككوا طلاسيمهم، ويؤكدوا على تأييدهم ودعمهم للثورة السورية، التي جرّد الطائفيون كل قواتهم على مدى عقد كامل وبدعم ومساندة دولية لهزيمتها، ولكن أنّى لهم ذلك؟.

 

 

منذ اليوم الأول للثورة السورية لم تغب فلسطين ولا المسجد الأقصى عن أهازيج وأسماء كتائب الثوار في سوريا، وهو الأمر الذي أزعج العصابات الطائفية المستقدمة باسم المقاومة والممانعة، فكانت إبادتهم لمخيم اليرموك شاهدا على وحدة المسار السوري الفلسطيني في الربيع العربي، وكان استشهاد آلاف الفلسطينيين بالسلاح الطائفي شاهدا آخر على دمويتهم، وأنهم لم ولن يفرقوا بين سوري وفلسطيني لتحقيق هدفهم الأساسي في بسط أحلامهم الطائفية على المنطقة.

الصور الجميلة التي تسرّبت أخيرا من باحة المسجد الأقصى في الاعتصام المشهود ضد قطعان المستوطنين تؤكد من جديد الحقيقة التاريخية الثابتة، منذ أن غادر عز الدين القسام الساحل السوري في ثلاثينيات القرن الماضي ليقضي نحبه على ثرى فلسطين، ومنذ أن رحل إبراهيم هنانو ومن بعده مصطفى السباعي وغيرهما من القادة الإسلاميين والوطنيين ليقاتلوا على أرض فلسطين، يتواصل النضال بين البلدين حتى اليوم، تلك حقيقة ثابتة، وهي أن فلسطين امتداد لسوريا، وكلاهما مع غيرهما تشكلان بلاد الشام، فهي  تعدّ سوريا الجنوبية، ولن يُفلح طائفي في فك عُرى اللحمة الشامية، فالأغراب المحتلون سيرحلون وسيبقى أصحاب الدار.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.