شعار قسم مدونات

سري الصغير عن تطبيق كلوب هاوس

 

رغم سطوع نجم تطبيق "كلوب هاوس" (Clubhouse) الجديد بشكل متسارع اليوم، والذي بات يستقطب قرابة مليوني مستخدم كل أسبوع، وفق خبراء وقنوات إخبارية؛ إلا أن رأيي مختلف قليلا بشأن هذا السطوع، وبأن هذا التزايد سيكون لحظيا وسيتوقف عن النمو المتسارع قريبا، وسأخبركم بسر رأيي خلال المقال، إن هذا التطبيق الذي يشبه إلى حدٍ بعيد البث الإذاعي المباشر، من خلال مشاركة المستخدمين أفكارهم، التي يؤمنون بها، ضمن مجموعات للدردشة حول العالم من خلال مقاطع صوتية.

لكن لا أُنكر أن تطبيق "كلوب هاوس" نجح بشكل كبير بجذب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العرب بشكل عام والخليجيين بشكل خاص، وهناك الآن عشرات الآلاف؛ بل ربما مئات الآلاف من المسجلين على منصة التطبيق علهم يحظون بدعوة لإنشاء حساب عليه.

هذا النجاح الكبير للتطبيق في بلاد العرب كان منبعه الكبت الكبير، الذي تعيشه الشعوب العربية في ظل أنظمة باتت تتعسف كثيرا بمسألة تكميم الأفواه وخنق الحريات والقضاء عليها، فوجد الكثير من الشباب منفسا كبيرا لهم في تطبيق كلوب هاوس، لكن كيف ولماذا؟ هناك عدة نقاط.

الأولى، أن هذا التطبيق، وفق خبراء والذين لستُ منهم طبعا، ظهر بعد أن ضربت جائحة كورونا، حين صار العمل من المنزل مطلبا ملحا؛ لكنه كما تعلمون يعتمد المقاطع الصوتية بدل بث الفيديو، وهو رغم ذلك صَنَع نوعا من التشويق ونوعا من الشعور بالعظمة والتميز؛ لأن هؤلاء الخبراء وصفوه بالتطبيق النخبوي، إذ إنه جمع في البداية بين المشاهير والمؤثرين والشخصيات المهمة من مثقفين وكتاب وسياسيين وممثلين ورجال أعمال، كما أنه اعتمد فقط على خاصية واحدة تحكمه كتطبيق لإضافة مشتركين جدد، الأمر الذي خلق نوعا من السعي المحموم لحجز حساب على منصته من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.

 

 

الثانية، هو أنه من أجل أن تستخدم كلوب هاوس يجب عليك أولا أن تتلقى دعوة من عضو داخل التطبيق، هذا العضو الذي هو أصلا مهم ومؤثر، أو أن تسجل بنفسك على الموقع الرسمي للتطبيق وتنتظر دورك في الحصول على الموافقة، طبعا يوجد الآن ملايين المسجلين على الموقع.

الثالثة والأهم، بمجرد أن تحصل على حساب على التطبيق، تقوم بالبحث عن المواضيع المفتوحة للنقاش، والتي تهمك، وقد تكون سياسية مثلا، طبعا تظهر لك المواضيع والغرف المعينة وفق الهويات والاهتمامات التي تقوم بإدراجها في حسابك، وكلما كانت المعلومات التي لديك مثيرة ومهمة قد يقدمك مالك الغرفة للنقاش متحدثا رئيسا، وقد تحظى بنقاش شخصيات مهمة، غير أنه من الممكن لك أيضا أن تنشئ غرفتك الخاصة لإثارة موضوع أو قضية معينة، وتتطرحها للنقاش، والتي لا يمكنك نقاشها على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.

الرابعة والتي لا تقل أهمية، هناك هامش حرية كبير جدا وبدون أي رقابة على كلوب هاوس غير موجودة أبدا على التطبيقات الأخرى، التي تحكمك بسياساتها كفيسبوك وتويتر وغيرهما، كما أن مشاركاتك الصوتية لا يتم حفظها، وتختفي بمجرد خروجك من غرفة النقاش، وهذا ما جلب الكثير من رواد التواصل الاجتماعي العرب الذين يبحثون عن حرية بلا رقيب، وعن قدر كبير من الخصوصية، التي تتجاوز المحققين وسجون ومعتقلات الحكومات والأنظمة، خاصة في المسائل السياسية التي لا يستطيعون نقاشها في بلدانهم.

أما فيما يتعلق بسر رأيي المختلف عن تطبيق كلوب هاوس هذا بخصوص انتشاره السريع، فإن سر انتشاره أصلا كان حين انخرط الملياردير ومالك شركة "تسلا" (Tesla)، إيلون ماسك أحد عمالقة وادي السيليكون، في نقاش طويل مع رئيس تطبيق "روبن هود" (Robinhood)، الأمر الذي جلب مئات آلاف الطلبات للحصول على حسابات على التطبيق، ثم أصبحت هذه الطلبات بالملايين، تماما كما حدث مع تطبيق، "سيغنال" (Signal)، حين دعا لاستخدامه وقتها إيلون ماسك أيضا، وأن تطبيق كلوب هاوس لن يستمر في اقتصاره على المستخدمين المهمين لفترة طويلة وفق مؤسسيه، وسيخضع يوما لمقص الرقيب حتى يستمر في عالم بات يقيد كل ما يدعو إلى الحرية.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.